حملت النائبة فائزة هاشمي رفسنجاني عضو الشورى المركزية لحزب "كوادر البناء" الإصلاحي على اليمين المحافظ وبعض الأطراف في اليسار الاصلاحي التي وصفتها بأنها متشددة، معتبرة ان الحملة على والدها الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني تستهدف تحقيق "مآرب سياسية". وفي حديث الى "الحياة" اجري قبل ساعات من اطلاق غلام حسين كرباستشي اتهمت فائزة "اليسار المتشدد" بأنه لا يريد الافراج عن الرئيس السابق لبلدية طهران ولا عبدالله نوري وزير الداخلية السابق الذي قالت انه ظلم في محاكمته. لكنها كررت انه حرّف التاريخ عبر انكاره رسالة الامام الخميني بحق منتظري وحملت بعنف على حزب "جبهة المشاركة" القريب الى الرئيس محمد خاتمي، ورأت انه يعمل لاستغلال قربه الى خاتمي و"إذا استمرت الأمور في مهاجمة رفسنجاني على هذا المنوال فإن الشخصية الثانية التي ستتعرض للهجوم والمساءلة هي الرئيس خاتمي نفسه". ولاحظت ان اكثر شخصيتين قرباً الى بعضهما بعضاً فكرياً هما خاتمي ورفسنجاني، مؤكدة ان الأخير قرر خوض الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل لدعم الحكومة. وحذرت من "فوز اليمين المحافظ بالأكثرية في الانتخابات اذا استمرت الخلافات داخل جبهة الاصلاحيين". ورأت ان المحافظين هم اكبر المستفيدين من هذه الخلافات، وتوقعت حضوراً أوسع للمرأة في البرلمان الجديد واقتراعاً هادئاً. وهنا نص الحديث: تصاعدت الحملة على هاشمي رفسنجاني قبل الانتخابات، بالتحديد من أطراف اصلاحية. في رأيك ما السبب؟ - هذه الحملة والاشاعات مرفوضة، وكان لنا مع مروجيها حوارات، حتى أنهم يعتقدون ان الكثير مما يقال ضد رفسنجاني غير صحيح، ولكن مع الأسف يواصلون الحملة. أليست لديهم مآخذ جدية عليه؟ - انهم يسعون الى تحقيق أهداف سياسية أخرى، لأنهم يعرفون أن افتعال أجواء متوترة يمكن أن يوصلهم الى أهدافهم. انهم يتسرعون ونعتبرهم من المغالين في تيار اليسار حزب جبهة المشاركة، ومن الطبيعي ان أي تيار مغالٍ يحتاج بعض القضايا التي يظهر من خلالها مغالاته وتشدده، لذلك يعملون للنيل من شخصية الرئيس رفسنجاني. لكن حزب "جبهة المشاركة" القريب الى الرئيس خاتمي هو الذي يقود الحملة. - لا أتصور انهم ينسقون مع الرئيس خاتمي في ذلك، صحيح ان جبهة المشاركة من أقرب الأحزاب الى خاتمي لكنه لا يطيع الرئيس في الكثير من القضايا، بل يستغل قربه اليه، واعتقد ان هؤلاء يوافقون خاتمي الى الحد الذي لا يتضارب مع مصالحهم وأهدافهم. مثلاً عندما أكد خاتمي ان ما لدينا الآن هو ثمرة ما تحقق في العهد السابق عهد رفسنجاني بدأت الانتقادات تنهال على خاتمي من داخل الجبهة مقالات صحيفة "صبح أمروز" وتصريحات بعض مسؤولي منظمة مجاهدي الثورة، اذ اعتبروا ان الأخير لا يحظى بمؤهلات اقتصادية وافية، وأن اختصاصه ينحصر في القضايا الثقافية والسياسية. لكن هذه الأطراف ترى في رفسنجاني منقذاً لليمين المحافظ في الانتخابات، وهذا ما صرَّحتم به. - رفسنجاني لم يدخل معركة الانتخابات كي يكون منقذاً للتيار اليميني المحافظ، بل ان اليمين يرى في شخصيته منقذاً له في معترك الانتخابات، لأن رفسنجاني يتمتع بفكر معتدل ويعتقد بعدم اقصاء الآخر من الساحة، بل يرى ضرورة حضور كل التيارات. وعلى رغم ان هؤلاء جبهة المشاركة يرفعون هذه الشعارات فإن رفسنجاني طبقها عملياً في الحكومات التي شكلها في عهده. ما دفع رفسنجاني الى خوض الانتخابات هو الحفاظ على التنمية السياسية، فالجميع يرى ان هذه التنمية بدأت تنحرف عن طريقها وأضحت سجالات ونزاعاً بين الأحزاب والتيارات. كذلك فإن التنمية الاقتصادية، وبسبب العقبات التي واجهت خاتمي، تراجعت، لذلك قرر رفسنجاني خوض الانتخابات لدعم الحكومة في خضم هذه التحولات الخطيرة، وهو كان داعماً لها دائماً. حذّر رفسنجاني من انشقاقات بين قوى الثورة، فهل عنى الانشقاق داخل الجبهة الاصلاحية بين حزب "كوادر البناء" وحزب "جبهة المشاركة"؟ - يقصد جميع الأطراف، ولا يحصر ذلك داخل جبهة الثاني من خرداد الاصلاحيين، وهو يؤكد لكل القوى الثورية ضرورة ان لا يخرج بعضها بعضاً من الساحة. صحيح ان أسس الثورة يجب تفعيلها الى المراحل التكاملية، ولكن إذا رأينا شيئاً من الضعف علينا التعاطي معه كأحد الأخطاء الطبيعية التي قد تواجه أي ثورة وهي تواصل السير في طريقها. وإذا كان اليمين واليسار تيارين يقفان في وجه بعضهما بعضاً، علينا ان نتذكر أنهما كانا حاضرين في ساحة الثورة. ولكن ألا تؤدي هذه المواجهة الى توتر، خصوصاً عشية الانتخابات؟ - هذه المنافسة يجب أن تحصل بالشكل المعقول، وان تستند الى الأسس والأعراف والأخلاق السياسية كي تستمر. نحن بدأنا التجربة الديموقراطية، ونختلف عن البلدان التي مارست التجربة الديموقراطية السياسية قبلنا وأصبحت دولاً متطورة. علينا قطع أشواط طويلة، لذلك يمكن القول ان الكثير من أحزابنا لم يتعود بعد على التجارب السياسية، ومن الطبيعي ان نشاهد مثل هذه التوترات. لكن التوترات تزداد داخل الجبهة الاصلاحية، فهل هناك احتمال حصول انشقاق بين حزب "الكوادر" وحزب "جبهة المشاركة"؟ - القضايا التي طرحتموها لا تخص هذين الحزبين فقط، هناك أيضاً مشاكل بين حزب "جبهة المشاركة" و"رابطة علماء الدين المناضلين" يسار ديني داعم لخاتمي، تتمحور حول عدد المرشحين من رجال الدين، والذين ينبغي ادراج اسمائهم في القوائم الانتخابية. جبهة الثاني من خرداد جبهة الاصلاحيين تتألف من 18 حزباً وتياراً وكلها لم يتوصل بعد الى نتيجة نهائية في شأن الائتلاف في لوائح انتخابية، خصوصاً في طهران. إذاً، لا يمكن الآن تحديد الانشقاق بين حزبي الكوادر والجبهة التي اثبتت تطرفها عبر وضع قائمة انتخابية لم تحظ بقبول كل التيارات والأحزاب الاصلاحية، وهي المسؤولة عن اظهار حال من عدم التنسيق بين أطراف التيار الاصلاحي. وهل يعني ذلك اننا سنرى قوائم انتخابية اصلاحية لا قائمة مشتركة؟ - لا يمكنني أن أتحدث عن ذلك الآن، لأننا لم نتوصل بعد الى نتيجة محددة. ماذا عن باقي المحافظات؟ - حصل اتفاق في بعض المحافظات ولم يحصل في أخرى، ونحن نؤكد ضرورة حفظ مبادئنا وأسسنا في حزب كوادر البناء، وسنواصل الحوار الى آخر حد ممكن لأن هدفنا هو التنسيق الذي لا يجرنا الى التخلي عن ثوابتنا. لكن هناك مآخذ على حزبكم الكوادر منها انكم تحافظون على العلاقة مع اليمين المحافظ، رغم انكم من الأحزاب الاصلاحية. - هذا أحد الاتهامات ضد حزب "كوادر البناء"، وهو لم يدخل بعد في أي مساومة مع اليمين، ولم يفكر في حوار معه. أنا غير معنية بحزب جبهة المشاركة الذي يوجه هذا الاتهام لكن الذين لا يتمكنون من اعتماد خط الاعتدال يصنّفون الأحزاب والتيارات الأخرى اما في هذا الجانب واما في ذاك فقط، أي أنهم لا يستطيعون تصور طريق وسط. نحن لا نعتقد أن اليمين سيء جداً، كما أن اليسار ليس في غاية الجودة والفلاح. نعتقد بالعلاقة مع اليمين ومع اليسار، وإذا شاهدنا خللا في أي منهما نعمل لاصلاحه وهذا هو منطق الاصلاح والاصلاحيين، والا فلا معنى للاصلاح. وهل يعني ذلك احتمال حصول اتفاق بينكم وبين اليمين المحافظ على عدد من المرشحين؟ - لا، لم نتطرق الى أي حوار مع اليمين، وليس لدينا قاسم مشترك معه، ولكن إذا راجعتم لوائحنا الانتخابية السابقة سترون فيها بعض المعتدلين من اليمين، بمعنى أننا ندرجهم في قوائمنا كمعتدلين. وهل ستواصلون هذا النهج في الانتخابات البرلمانية؟ - بالتأكيد، لكننا لا نتحاور مع اليمين حول هذه الشخصيات بل نتحاور مباشرة مع المرشحين أنفسهم كمعتدلين ومستقلين، مع علمنا أن أفكارهم وتوجهاتهم تميل الى اليمين، ولكن كمستقلين يمكن اعتبارهم أصحاب ثقل في المجتمع، ويمكن ان يكونوا ناجحين في إدارة البلاد. هناك حديث عن تضارب بين الأولويات السياسية لخاتمي، والاقتصادية لرفسنجاني، فكيف هي العلاقة بين الرئيسين؟ - أرى أنهما أبرز شخصيتين متقاربتين في الأفكار والتوجهات، ولا أرى أي خلاف بينهما بل ان هاشمي رفسنجاني أقرب الشخصيات فكرياً الى خاتمي بين الشخصيات الموجودة على الساحة. كما أن الحديث عن الأولويات السياسية والاقتصادية بهذه الصورة المجتزأة لم يكن مطروحاً حتى الآن. فإذا كان رفسنجاني يعتقد بتقديم الأولوية الاقتصادية فهذا لا يعني اهماله التنمية السياسية والثقافية، بل يرى ظهور التنمية السياسية والثقافية انطلاقاً من التنمية الاقتصادية، وهو ركز على التنمية السياسية في رئاسته الثانية فلجأ الى تفعيل دور اليسار بعدما شاهد تقدم اليمين، وحاور قادة اليسار إلا أنهم أصروا آنذاك على الانعزال عن الساحة، وفي هذا الخضم تبلور حزب "كوادر البناء" ونشأ في اشارة الى أن الحزب انطلق من رحم اليمين وانفصل عنه. أنا لا اعترف بأن خاتمي يقدم التنمية السياسية على التنمية الاقتصادية. في رأيك، لمن ستكون الغلبة في الانتخابات البرلمانية؟ لليمين المحافظ أم اليسار الاصلاحي، وماذا عن المستقلين؟ - الغلبة ستكون لمصلحة اليسار الاصلاحي والمستقلين اذا توافر شرطان: 1- الحضور الواسع للناخبين في الاقتراع. 2- عدم تشتت أحزاب جبهة التيار الاصلاحي وتياراتها. واعتقد ان المستقلين سيحصلون على أصوات مهمة جداً في المحافظات، وسيكون اليمين المحافظ أقلية، وطبعاً لن تكون النتيجة كذلك إذا لم يتحقق الشرطان. إذا تحقق الأول من دون الثاني، أي مشاركة واسعة في ظل خلافات الاصلاحيين؟ - هذا يشكل خطراً على جبهة الاصلاحيين، لأن الأصوات ستكون مشتتة، وستكون النتيجة لمصلحة اليمين المحافظ فيحصد الغالبية. وهل تتوقعين انتخابات هادئة أو تواكبها أعمال عنف؟ - العنف ليس مطروحاً أبداً، بل ستكون انتخابات كغيرها. اجرينا الكثير من الانتخابات ومنها الرئاسية التي جاءت بخاتمي والبرلمانية السابقة والبلديات وغيرها، وكلها كانت المنافسة فيها شديدة. وما تقويمكم لحال اليمين المحافظ؟ - اليمين يلتزم الصمت، ولديه خطط مدروسة للدخول على خط الخلاف داخل التيار الاصلاحي لحصاد نتائجه. هم الآن صامتون لأنهم لا يرون ضرورة للدخول في المعمعة طالما سيحصلون على هدفهم، أي ان تُلحق جبهة الاصلاحيين الضرر بنفسها. في اطار التنصت على مواقفكم عبر صحيفة "صبح امروز" وما عرف ب"ووتر غيت" الايرانية اتهمتم عبدالله نوري بأنه حرَّف التاريخ خلال محاكمته. فماذا قصدتم؟ - أولاً، أنا اعتبر ان محاكمة عبدالله نوري جاءت خلافاً للقوانين وان ظلماً لحق به. وعندما قلت انه حرَّف التاريخ قصدت موقفاً واحداً لنوري يزعم فيه ان رسالة الإمام الخميني بحق منتظري من دون أساس، في حين أنه يعلم ونحن نعلم ان للرسالة أصلاً وجذوراً، وأنه كانت هناك عوامل أدت الى تغيير تاريخها لمدة شهرين، بيَّنها هاشمي رفسنجاني الذي كان معارضاً لهذه القضية ولكل ما قوبل به منتظري آنذاك عزله من منصب خلافة الخميني. وهل تتوقعون تغييراً في قضية نوري؟ - لا اعتقد ذلك. بدأ اليمين المحافظ عملاً غير صحيح منذ سنوات وهو لا يتراجع عنه، مثل محاربة الصحف وتعطيلها بصورة غير مشروعة، ودخول محكمة رجال الدين على خط المخالفات الصحافية، والتعامل غير الحسن مع شخصيات مثل نوري وكرباستشي والتلاعب بالقانون بحسب أذواقهم. نعتقد ان هذه الفترة ستزول بتنحيهم عن السلطة. ماذا عن كرباستشي وتوقع اطلاقه؟ - حاول رفسنجاني عدم سوق كرباستشي الى السجن، حتى قبل صدور الحكم ضده، وهو ما زال يبذل جهوداً. في كل الأحوال أنا أشكو من صحافة تيار الثاني من خرداد الاصلاحي مثل صحيفة "صبح امروز" لأنها عمدت الى كتابة تحليلات كانت حائلاً دون اطلاق كرباستشي، ومن ذلك طرح امكانية ترشحه للانتخابات وتوليه لاحقاً رئاسة البرلمان. هذا أفزع اليمين الذي حرص على عدم التسرع في اطلاقه كي لا يكون خطراً. من تتهمون تحديداً؟ - اليسار المتشدد لأنهم لا يريدون اطلاق كرباستشي ولا اطلاق عبدالله نوري، لأن استمرار سجنهما يُبقي الذرائع في أيدي هؤلاء المتشددين كي يروجوا للحديث عن ظلم يحيق بهم. انهم لا يهتمون باطلاق مثل هذه الشخصيات بل يريدون افتعال مثل هذه القضايا لإثارة الأجواء لمصلحتهم. كيف تتوقعون حضور المرأة في البرلمان المقبل؟ - من الطبيعي انه سيكون ملحوظاً وربما أكثر من حضورها في البرلمان الحالي وكل الانتخابات السابقة.