يعقد زعماء الاتحاد الأوروبي اجتماعاً في مدينة نيس الفرنسية مطلع كانون الأول ديسمبر المقبل، ومن المتوقع أن يصادقوا على قرار وزراء الدفاع إنشاء قوة تدخل سريع مستقلة عن الأطلسي قوامها مئة ألف جندي، تساهم كل دولة من دول الاتحاد فيها، حسب حجم وعدد سكانها. خطت أوروبا خطوة جديدة، في اتجاه ترسيخ هويتها الدفاعية، وبناء قوة تدخل سريع خاصة بها. وحسم وزراء الدفاع في دول الاتحاد الأوروبي هذا الموضوع في اجتماعهم في بروكسيل مطلع الاسبوع، فحددوا حجم هذه القوة، التي ستضم مئة ألف عنصر، وهو حجم مساهمة كل دولة فيها، باستثناء الدانمارك التي طلبت منذ اقرار معاهدة "ماستريخت" استثناءها من السياسة الدفاعية. وأشار البيان الختامي الذي صدر عن الوزراء الى أن الالتزامات التي حددتها كل من الدول الأعضاء تسمح بتلبية الهدف الأساسي لانشاء القوة، وفقاً لما كان أقر خلال قمة هلسنكي. وأوضح مصدر فرنسي ل"الحياة" ان الهدف الأساسي لهذه القوة هو ان تمتلك مرونة كافية تسمح لها بنشر 60 ألفاً من عناصرها في غضون 60 يوماً، على مساحة أربعة آلاف كيلومتر وتكون قادرة على ملازمة مسرح عملياتها سنة على الأقل. ومن المرتقب ان تكون هذه القوة مدعومة بحوالى 400 طائرة مقاتلة ومئة قطعة بحرية من أنواع مختلفة. وذكر المصدر ان الحاجة الأوروبية لوجود مثل هذه القوة برزت بإلحاح خلال أزمة كوسوفو، علماً أن فكرة انشائها ليست جديدة، وكان الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران طرحها مراراً. وأضاف المصدر ان المساعي المختلفة التي بذلت في السابق لانشاء هذه القوة كانت تصطدم باستمرار بتحفظ بعض الدول الأوروبية عنها، وعلى رأسها بريطانيا، وان التطور الذي طرأ على الموقف البريطاني بعد تولي توني بلير الحكم، أتاح التقدم على هذا الصعيد. وأشار الى ان بلير أدرك ان تعزيز وزن أوروبا على صعيد السياسة الخارجية، يتطلب قوة دفاعية خاصة، وهذا ما تكرس خلال القمة التي عقدها مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك في 1998، واسفرت عن اعلان مشترك يؤكد عزم بريطانيا على المضي في بناء الهوية الدفاعية الأوروبية المشتركة. وبعد هذا الاعلان، بدأت المساعي لايجاد تسوية بين الموقف البريطاني الداعي الى عدم استقلالية هذه القوة عن حلف شمال الأطلسي والموقف الفرنسي الداعي الى الحاقها بمنظمة "اتحاد أوروبا الغربية" فانتهى الأمر بالحاقها بالاتحاد الأوروبي، بالاعتماد على امكانات الأطلسي في مجالات لوجستية واستخباراتية. وذكر المصدر ان هذه القوة تحظى الآن بهيكلية تضم لجنة عسكرية وهيئة أركان وغيرها وتحمل جميعها صفة موقتة، ستصبح نهائية خلال القمة الأوروبية التي ستعقد في نيس في كانون الأول ديسمبر المقبل. وعن طبيعة مهماتها قال المصدر انها لا تزال على حالها مثلما اقرت خلال قمة هلسنكي قبل حوالي سنة، وتقتصر على المهمات الانسانية وحفظ السلام وتدارك النزاعات ولكنه أشار الى ان نطاق عملها الجغرافي لم يحدد. وذكر ان حجم مشاركة فرنسا في القوة سيكون حوالى 12 ألف عنصر، رافضاً الكشف عن حجم مشاركة الدول الأخرى. وتفيد الأرقام غير الرسمية ان المانيا ستشارك بحوالي 13500 عنصر وبريطانيا ب12500 مقابل ستة آلاف لكل من اسبانيا وهولندا و3500 لليونان وألفين لكل من النمسا وفنلندا، و1500 للسويد وألف لكل من بلجيكا وايرلندا ومئة للوكسمبورغ. وكانت قمة هلسنكي حددت عام 2003 موعداً أقصى لتكون هذه القوة امتلكت كل قدراتها العملانية. وأفاد المصدر ان ردات الفعل الأميركية المختلفة اتسمت بالترحيب، ربما لاطمئنانها الى أن الهدف منها ليس منافسة الدور الأميركي وانما التخفيف من الاعباء الأميركية خصوصاً في اطار النزاعات التي تبرز في القارة الأوروبية.