لندن - "الحياة"، رويترز - ابلغت الولاياتالمتحدة حلفاءها انها قد لا تكون مستعدة بعد الآن لتحمل الجزء الاعظم من العبء العسكري في الازمات المقبلة في اوروبا، وعبّرت عن قلقها في شأن الطريقة التي يتعامل بها الاتحاد الاوروبي مع قضايا الدفاع. واعترف نائب وزير الخارجية الاميركي ستروب تالبوت، في مؤتمر نظمه "المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية" في لندن امس حول مستقبل حلف الاطلسي، بأن خلافات اساسية برزت بين اميركا واوروبا في ما يتعلق بدروس الحرب في كوسوفو. وأوضح تالبوت ان "اميركيين كثيرين يقولون: ينبغي ان لا تتحمل للولايات المتحدة ابداً، مرة اخرى، حصة الاسد في المهمات المحفوفة بالمخاطر في عمليات لحلف الاطلسي وان لا تدفع الفاتورة الاكبر الى حد بعيد". وقال ان "كثيرين في بلدي، بينهم اعضاء في الكونغرس، يخشون الاّ يمكن توفير المقومات السياسية او العسكرية لتأمين دور مهيمن مماثل في ازمة اوروبية ما في المستقبل، على صعيد القوة البشرية والقوة النارية والمعدات والموارد، آخذين في الاعتبار الالتزامات المتضاربة التي تتحملها بلادنا في منطقة الخليج وفي شبه الجزيرة الكورية وفي اماكن اخرى حول العالم". ولاحظ تالبوت ان اوروبيين كثيرين بدوا، في المقابل، "مصممين على الاّ تحجب الولاياتالمتحدة دورهم ابداً مرة اخرى، كما انتابهم مثل هذا الاحساس في كوسوفو والبوسنة، وسيطالبون بدور أكبر في ادارة العمليات". وتدرس دول الاتحاد الاوروبي، التي أخجلها اعتمادها على القوة العسكرية للولايات المتحدة في كوسوفو، وضع هدف لها بامتلاك القدرة على ان تنشر بسرعة قوة اوروبية بحجم فيلق يصل تعداده الى 100 ألف جندي في حال نشوب أزمة. وكان يتوقع اعلان هذا الهدف امس في كلمة يلقيها امام المؤتمر ذاته وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون، الذي سيتولى منصب الامين العام لحلف الاطلسي في وقت لاحق الشهر الجاري. وتريد بريطانيا ان يتبناه اجتماع قمة للاتحاد الاوروبي يُعقد في هلسنكي في كانون الاول ديسمبر المقبل. وكان النزاع في كوسوفو أبرز بشكل مثير الاختلال بين القدرات العسكرية للولايات المتحدة واوروبا، اذ نفذت الطائرات الاميركية 70 في المئة من الطلعات الجوية. ورحب تالبوت بخطوات الحلفاء الاوروبيين لتطوير هويتهم الامنية والعسكرية المستقلة وتحديث قواتهم المسلحة كي يتمكنوا من التعامل مع المشاكل المحلية قبل ان تفضي الى تدخل عسكري اميركي بوقت طويل. لكنه عبّر عن رغبة واشنطن في ان تتجنب المبادرة الاوروبية للقيام بدور موازٍ لحلف الاطلسي او منافس له، او التعامل مع حلفاء غير اوروبيين، مثل تركيا والنروج، كأعضاء من الدرجة الثانية. وقال تالبوت ان "القمة الانكلو- فرنسية في سان مالو في كانون الاول ديسمبر الماضي اثارت مخاوف عند حلفاء غير اوروبيين من انها قد لا تُزج بشكل كافٍ في البنى الخاصة بالتخطيط وصنع القرار". واضاف: "جاء بعدئذ اعلان زعماء الاتحاد الاوروبي في كولونيا في حزيران يونيو الذي يمكن ان يُفسّر ضمنياً بأن موقف اوروبا التلقائي هو التحرك خارج اطار الحلف حيثما امكن ذلك بدلاً من التحرك عبر الحلف". واوضح تالبوت ان زعماء الاتحاد الاوروبي، بشكل خاص في بريطانيا، اكدوا له ان مخاوف الولاياتالمتحدة ستُبدّد مع تقدم الجهود المبذولة على صعيد مبادرة الدفاع الاوروبية. كما شكك في مدى استعداد الاوروبيين لتكريس الموارد الضرورية لاجراء تحسينات عسكرية. وكانت المانيا، التي تعد احدى القوى العسكرية الثلاث الاكبر في اوروبا، اعلنت خططاً مثيرة للجدل لخفض موازنتها الدفاعية بحوالي 6،18 بليون مارك 2،10 بلايين دولار في السنوات الاربع المقبلة.