اتخذ رئيس مركز "ابن خلدون" للدراسات الإنمائية قراراً دراماتيكياً بتجميد نشاطه العام تماماً، بما في ذلك دوره في "اللجنة المصرية المستقلة لمتابعة الانتخابات"، وتكريس جهوده في الفترة المقبلة للاستعداد لمحاكمته و27 آخرين من الباحثين والمتعاملين مع المركز أمام إحدى دوائر محكمة أمن الدولة العليا. وجاء التطور الأخير فاصلاً في العلاقة بين إبراهيم والحكومة المصرية بعد تصعيد كبير في حملة شنتها صحف قومية ضده، رداً على إعلانه عزمه على مراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة، وبلغت ذروتها بقرار اصدره الاسبوع الماضي النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد بتحريك قضية "مركز ابن خلدون" وإحالة المتهمين فيها على المحاكمة. وأوضح إبراهيم أن قراره يتعلق بفترة المحاكمة، وقال ل"الحياة": "في ضوء قرار تحريك القضية والحملة غير المسبوقة ضدي وضد العاملين في المركز كان لاپبد أن أخصص كل طاقتي ووقتي لمتابعة إجراءات المحاكمة مع يقيني بأن القضاء المصري نزيه وعادل وسيحكم بالبراءة"، مشيراً الى أنه سيلتزم الصمت وسيتوقف عن الإدلاء بأي تصريحات صحافية وإعلامية إلى أن تنتهي القضية، آملاً بأن تتبع الصحف المصرية التصرف نفسه بالتوقف عن الخوض في أموره وما يتعلق بالمركز والعاملين فيه طوال فترة المحاكمة "بالحق أو بالباطل"، تجنباً للتأثير في الرأي العام في شأن قضية مطروحة امام القضاء. ورفض ابراهيم اعتبار موقفه الجديد "تراجعاً أو تخاذلاً"، وقال: "هناك أولويات فإذا شعرت بالخطر بأن مستقبلي مهدد، فالأولوية تكون لإبراء ساحتي ومن الصعب أن أخوض إجراءات المحاكمة وأمارس نشاطي العام بشكل طبيعي في آن، خصوصاً أن تشويشاً كبيراً تعرض له رجل الشارع اثناء الفترة التي قضيتها رهن الحبس الاحتياطي، واذ اطلعت على ما نشرته الصحف فقد راعني الكم الهائل للمعلومات المغلوطة عما جرى في التحقيقات التي تولتها النيابة". وأكد رئيس مركز ابن خلدون أنه رصد تشويهاً لما صدر عنه من كلام بعد اطلاقه في العاشر من آب اغسطس الماضي، خصوصاً في ما جرى في المحاضرة التي ألقاها الشهر الماضي في الجامعة الاميركية، واضاف: "اخترت عنواناً خفيفاً للمحاضرة هو: كيف قضيت عطلة الصيف، وامتدحت فيها بعض أجهزة الدولة وانتقدت بعضها الآخر، ونوهت بحكم المحكمة الدستورية العليا الذي نص على ضرورة إشراف القضاء الكامل على الانتخابات، وشجعت الطلبة على أن ينتهزوا فرصة الانتخابات كي يندمجوا فيها كمواطنين صالحين، وعرضت تدريب من يرغب منهم في متابعة العملية الانتخابية في مرحلتي الترشيح والحملة الانتخابية، ولكن تم تشويه ما قلته ونقل بصورة محرفة إلى السلطات العليا في البلاد، ما كان سبباً في تحريك القضية". وكانت السطات المصرية ألقت القبض على إبراهيم وسكرتيرته السودانية الجنسية نادية عبدالنور بداية تموز يوليو الماضي واحالتهما على نيابة أمن الدولة التي أمرت بحبسهما لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق بعد ما اتهمتهما ب"تلقي أموال من جهات أجنبية مقابل إمدادها بمعلومات مغلوطة عن البلاد ما يؤثر في موقف مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المحافل الدولية". واتسع نطاق القضية لاحقاً ليشمل متهمين جدداً كما تعددت التهم التي وجهت إلى إبراهيم لتصل إلى حد مواجهته ب"التخابر مع دولة أجنبية هي الولاياتالمتحدة بغرض الاضرار بالمصالح القومية للبلاد"، لكن التهمة اسقطت من لائحة الاتهام الرسمية.