استقبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك مساء أمس وزير الخارجية الجزائري السيد يوسف يوسفي الذي يقوم بأول زيارة لفرنسا على هذا المستوى منذ وصول الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الى السلطة في نيسان ابريل العام الماضي. وقالت الناطقة باسم الاليزيه كاترين كولونا بعد اللقاء ان شيراك أكد لليوسفي ان في الإمكان الوصول الى مرحلة جديدة في العلاقات بين الجزائروفرنسا. وأوضحت ان يوسفي سلّم رسالتين للرئيس الفرنسي إحداهما تتناول الدَيْن الجزائريلفرنسا والأخرى تتناول العلاقات الثنائية. وتوقعت مصادر مطلعة ان تكون الرسالة الأولى تتعلق بالغاء جزء من الدَيْن الجزائري. وقالت كولونا ان يوسفي قال لشيراك ان بلاده مستعدة لبدء "إعادة دفع عميق للعلاقات في إطار شراكة شاملة ومستمرة"، وانه عرض مطولاً الوضع الداخلي في الجزائر مشيراً الى التغييرات التي جرت إقتصادياً وسياسياً. ونقلت عنه قوله ان الجزائر منفتحة لحوار مع فرنسا في كل المجالات ومن دون قيود. وأوضحت ان مبدأ تبادل الزيارات بين رئيسي الدولتين متفق عليه بينهما، وان شيراك عبّر عن أمله في الإعداد لهذه الزيارات وتحديد موعد لها. ونقلت عن يوسفي ان الجزائر مستعدة لإستقبال شيراك في اي وقت، كما ان بوتفليقة مستعد لزيارة فرنسا أيضاً. وكان يوسفي أجرى قبل ذلك محادثات مع نظيره الفرنسي هوبير فيدرين الذي أكد بدء بلاده العمل على إعادة تأسيس العلاقات الفرنسية - الجزائرية. وقال فيدرين في تصريح أدلى به عقب مأدبة غداء أقامها على شرف ضيفه وتبعتها جلسة عمل، ان "ملفات التعاون، ومنها تلك التي تواجه مشاكل منذ مدّة بعيدة، كانت كلها موضع بحث منهجي" بين الجانبين. وأعلن قرار فرنسا تكثيف اللقاءات مع الجانب الجزائري الى أن يتم التوصّل الى علاقات سليمة وخالية من أي مشكلة. وعن قضية استئناف شركة "اير فرانس" رحلاتها الى الجزائر، أكد فيدرين وجود "رغبة فعلية" في تسوية الموضوع. وكشف ان بعثة فرنسية ستزور الجزائر قريباً للتوصّل الى حل لهذه المشكلة. وأعلن يوسفي، من جانبه، أنه يريد أن تكون علاقات الجزائر مع فرنسا "هادئة وصريحة وواثقة في كل المجالات". وقال: "أتمنّى أن تصبح العلاقات الفرنسية - الجزائرية نموذجاً للعلاقات بين دول الشمال والجنوب". وتوقّع أن تكون لفرنسا مكانة مميّزة في الجزائر في حال سارت الأمور مثلما ينبغي وحُلّت المشاكل بين البلدين. وتناول الوزيران، في اطار عرضهما العلاقات الثنائية، موضوع الدين الجزائري وضمان الاستثمارات. وعلمت "الحياة" ان الجانب الجزائري طلب من فرنسا ان تحض المؤسسة الفرنسية الضامنة للاستثمارات في الخارج على رفع مستوى تغطية الاستثمارات في الجزائر. وأعلن الوزيران أنهما تطرّقا الى ضرورة اعادة البحث في اتفاق الاطار العسكري لسنة 1967. وقال فيدرين انه ويوسفي تطرّقا الى الوضع في المغرب العربي والصحراء الغربية والاتحاد الاوروبي وافريقيا ومسار برشلونة. وسألت "الحياة" يوسفي عن العلاقات المغربية - الجزائرية وهل ستقوم فرنسا بوساطة في هذا الإطار، فأجاب: "ان العلاقات الجزائرية - المغربية تهم فقط البلدين، مع كل احترامنا لفرنسا". وأضاف أنْ ليست هناك مشكلات جوهرية مع المغرب وأن مسألة الصحراء الغربية تشهد حلاً في اطار الأممالمتحدة وفقاً لرارات هيوستن "التي نتمسّك بها مثلنا مثل الصحراويين والمغرب الذي كان وافق عليها". وتابع ان هذه المشكلة ليست مرتبطة بالعلاقات بين المغرب والجزائر "فربما هناك اختلاف في التوجّه بالنسبة الى العلاقات، ولكن في ما يخّص الجانب الجزائري فهو يرغب في التطرّق مع أشقائه المغاربة الى كل المشاكل القائمة على حدة". وذكر أن هناك مشكلات مرتبطة بالجوار والتاريخ ينبغي تناولها بتروٍّ و"الاستمرار في العمل من أجل بناء علاقة متينة ودائمة". وعن إمكان عقد لقاء قمة جزائرية - مغربية، قال يوسفي ان مثل هذا اللقاء لن تكون له جدوى إذا بقي بلا متابعة، مشدداً على ضرورة تناول كل مشكلة على حدة، وإيجاد حل دائم لها "إذ لا خيار أمامنا سوى بناء مجموعة اقليمية متينة في اطار المغرب العربي، على غرار ما قامت به اوروبا وحلّت في اطاره تدريجياً مشكلاتها". وعلّق فيدرين قائلا ان فرنسا تهتم "كصديق وجار" بأن تكون العلاقات المغربية - الجزائرية جيدة "لكنها لم تفكّر يوماً بوساطة خصوصاً أن أحداً لم يطلب منها ذلك".