يصل رئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان مساء اليوم الى فاس في المغرب حيث يلتقي نظيره المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي ثم ينتقل غداً الى مراكش حيث يستقبله الملك محمد السادس. وهذه الزيارة هي الاولى التي يقوم بها جوسبان للمغرب منذ اعتلاء محمد السادس العرش المغربي قبل ثلاثة أشهر، ومنذ تولّي اليوسفي رئاسة الحكومة. وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قام بزيارة خاطفة للرباط الأسبوع الماضي. وتدخل زيارة جوسبان الرسمية في إطار أعمال اللجنة المشتركة الفرنسية - المغربية التي تشكّلت بعد زيارة الملك الراحل الحسن الثاني لباريس في 1996 والتي تجتمع سنويا على مستوى رئيسي حكومتي البلدين. وكان اليوسفي زار فرنسا والتقى جوسبان في هذا الإطار السنة الماضية. وقالت أوساط جوسبان ان المغرب يقع في الدائرة الأولى بين شركاء فرنسا، وأن للزيارة معنى رمزياً قوياً يعبّر عن قوّة الروابط بين البلدين، مشيرة الى ان الوفد الذي يرافق رئيس الوزراء الفرنسي يضم وزير الخارجية هوبير فيدرين ووزير المال الجديد كريستيان سوتير ووزيرة العدل اليزابيت غيغو ووزير الدفاع الان ريشار ووزير التعاون شارل جوسلان. وقالت أوساط جوسبان ان هدف الزيارة لا يقتصر فقط على تعزيز العلاقات الجيّدة بين البلدين ولكن أيضا تشجيع الإنتقال الى الديموقراطية في المغرب والحفاظ على ديناميكية العلاقة الثنائية والتشاور في شأن الملفات الدولية الكبرى، منها مسار برشلونة في إطار المسار المتوسطي خصوصاً، أن فرنسا تستضيف قمّة رؤساء دول المسار في نهاية السنة المقبلة. والمعروف ان فرنسا تربطها علاقات قوية مع المغرب في حين انها ليست على هذا المستوى مع بقية دول المغرب. فالعلاقات بين فرنساوتونس تمر حالياً بمرحلة توتّر إذ أن تونس تنتقد بشدّة الحملات الإعلامية الفرنسية على نظام الرئيس بن علي وأن تونس أعربت عن إستيائها لفرنسا لصدور كتاب في باريس ينتقد بشدّة النظام التونسي. أما بالنسبة الى الجزائر فقالت أوساط جوسبان ان لقاء جوسبان والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في تشرين الأول اكتوبر في نيويورك كان جيداً ولكن أي تطور لم يشهد على مستوى العلاقات. فما زال ملف معاودة الرحلات الجوية لشركة "اير فرانس" الى الجزائر معلقاً بعدما رفضت السلطات الجزائرية شروطاً وضعتها الشركة. كما اصطدم قرار إعادة فتح فرنسا لقنصليات في الجزائر بمطالب جزائرية. وقالت الأوساط نفسها أن العلاقات مع الجزائر ما زالت تعاني تباطؤا وتساؤلات فرنسية عما إذا كان بوتفليقة سيتمكّن من ممارسة الحكم وتشكيل حكومة والتحرّر من وطأة الجيش. أما العلاقة مع ليبيا، فتصفها أوساط جوسبان بأنها على طريق التطبيع خصوصاً بعد تعليق العقوبات الدولية على ليبيا إلا أن التطبيع لا يمكنه ان يكون كاملا ما دام هناك إجراء قضائي اتخذّه القاضي الفرنسي جان لوي بروغيير تجاه الرئيس الليبي معمّر القذافي. وأضافت الأوساط ان الجانب الليبي وجّه بعض الإنذارات لفرنسا بأن لا عقود تجارية ليبية مع فرنسا طالما اتخذ القاضي الفرنسي هذا الموقف من القذافي. ولكن أوساط رئاسة الحكومة أبلغت الجانب الليبي أنها لا تخضع للإنذارات وأن ليس في إمكانها التدخّل بإجراءات قضائية. ومن الواضح أن زيارة جوسبان للمغرب تكرّس علاقات متميّزة بين فرنسا والدولة الوحيدة في منطقة المغرب التي تشهد علاقات صافية من الشكوك والمشاكل خصوصا منذ تولّي شيراك الرئاسة وفي ظلّ حكومة اشتراكية في المغرب تعزّزت مع جوسبان الذي التقى مرات عدة الملك محمد السادس عندما كان وليّا للعهد.