تدارس وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في فنلندا خططا لتوسيع الاتحاد شرقاً وكيفية ضم تركيا الى عضويته، الأمر الذي تتطلع اليه انقرة. وظهر تأييد الماني لتمكين تركيا من الدخول الى لائحة المرشحين لعضوية الاتحاد، وسط تعاطف قوي من دول اوروبية عدة مع هذه الفكرة، ناتج عن الزلزال الذي الحق اضراراً فادحة بالاقتصاد والبنية التحتية في تركيا. ولم تستبعد اليونان هذه الخطوة. ابدت الحكومة الألمانية تأييدا لا سابق له للإسراع في إتاحة الفرصة أمام تركيا وتمكينها من دخول نادي المرشحين لعضوية الاتحاد الأوروبي. وجاء ذلك خلال مناقشة وزراء خارجية الاتحاد في مدينة ساريسلكا الفنلندية امس الاحد، امكان دعوة وزير الخارجية التركي اسماعيل جم لحضور اجتماعهم المقبل في بروكسيل في ال13 من الشهر الجاري. وبرر مسؤولون ألمان وفي مقدمهم وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر ذلك بأن إبعاد أنقرة عن طريق الانضمام للاتحاد ريثما تحقق شروطه المتعلقة بالديموقراطية وحقوق الإنسان، قد يدفعها للبحث عن خيارات أخرى تقوم على أسس قومية أو دينية. ورأى المسؤولون الالمان ان من شأن ذلك أن يضر بمصالح أوروبا التي لا ترغب في ازدياد نفوذ القوميين أو الإسلاميين على ضفتي البوسفور. وفي هذا الإطار، كان فيشر زار العاصمة التركية اخيرا بهدف إعادة العلاقات التركية - الألمانية إلى مجراها الطبيعي، بعدما تراجع مستواها خلال السنوات الأخيرة من حكم المستشار السابق هيلموت كول. وكان سبب ذلك رفض كول وادارته الشديد لانضمام تركيا إلى نادي مرشحي الاتحاد، على عكس موقفه تجاه هنغاريا وتشيخيا وبولونيا وسلوفينيا وقبرص ودول البلطيق. وأصر كول على موقفه رغم ضغوط مارستها واشنطن. وفي ضوء ذلك وجه العديد من المسؤولين الأتراك اتهامات الى المستشار السابق وحكومته ووصل الأمر ببعضهم إلى توجيه إهانات لكول، ما تسبب بشبه أزمة ديبلوماسية بين البلدين. وفي خطوة أخرى تعكس سياسة الحكومة الألمانية الجديدة، صرح المستشار غيرهارد شرودر الأربعاء الماضي بأن على الاتحاد الأوربي فتح آفاق الانضمام لعضويته أمام تركيا على المدى المنظور. وأضاف أن الحكومة الألمانية تدعم رغبة أنقرة في أن تصبح عضواً مرشحاً للدخول إلى الاتحاد. وعليه فإنها ستتابع بذل المزيد من الجهود الديبلوماسية وغيرها بهدف التحضير لتحقيق هذه الرغبة. وأيد سياسيون من حزب الخضر تصريحات شرودر. ومن بينهم انجيليكا بير التي ترى أن إرساء دعائم الديموقراطية في تركيا يتم من خلال ربطها بالاتحاد الأوربي وليس العكس. وأضافت أن على أنقرة في المقابل، تحقيق شروط الانضمام وفي مقدمها "وضع آليات ديمقراطية لمراقبة العسكر واحترام حقوق الإنسان". وفي الوقت نفسه، رأى اعضاء في الاتحاد الاوروبي معارضون لوجهة النظر الالمانية الجديدة، أن الموافقة على ترشيح أنقرة لعضوية الاتحاد أمر "غير واقعي ويمكن أن يوقظ لديها تصورات خاطئة". وأعرب هؤلاء عن اعتقادهم بأن تركيا لا تزال بعيدة عن تحقيق المعايير الأوروبية بخصوص الديموقراطية وحقوق الإنسان. وفي غضون ذلك، ظهر اجماع بين الدول الاوروبية بشأن ضرورة تركيز الجهود في الوقت الحاضر على مساعدة تركيا لتجاوز آثار الزلزال المدمر. وقال مراقبون ان الزلزال ربما يدفع اليونان جارة تركيا وعدوتها التقليدية، الى الحد من معارضتها لمنح تركيا وضع الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد. الموقف اليوناني وأكد الوزير اليوناني جورج باباندريو مجدداً خلال الاجتماع امس ان اثينا تؤيد تماماً مجمل المساعدات الاوروبية العاجلة الى تركيا وبينها 184 مليون يورو وقرض من بنك الاستثمار الاوروبي بقيمة 600 مليون يورو. وفي المقابل، كرر باباندريو رفض بلاده رفع الفيتو الذي تضعه على البروتوكول المالي لاتفاق الوحدة الجمركية الموقع بين تركيا والاتحاد الاوروبي في 1995 وتبلغ قيمته 375 مليون يورو. وتعتبر اليونان ان لا علاقة لهذا البروتوكول المالي بالزلزال وان الوضع السياسي في تركيا وخصوصا في ما يتعلق بحقوق الانسان لا يبرر قيامها برفع الفيتو عن هذا البروتوكول. ولم يستبعد باباندريو الاعتراف بوضع تركيا كمرشح رسمي للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، معتبراً في الوقت ذاته انه ما زال يتعين تجاوز مشاكل عديدة بين البلدين، لا سيما في ما يتعلق بقبرص والخلافات اليونانية - التركية في بحر ايجه. وقال باباندريو لبعض الصحافيين ان "المشكلة الرئيسية هي قبرص" المقسمة منذ احتلال الجيش التركي شطرها الشمالي عام 1974. ومن المقرر ان يستعرض زعماء الاتحاد الاوروبي مدى تقدم خطط التوسع في قمة في هلسنكي في كانون الاول ديسمير المقبل وقد يحددون مواعيد انضمام الدول المرشحة لعضوية الاتحاد. وكان الاتحاد الاوروبي بدأ مفاوضات الانضمام اليه مع بولندا وهنغاريا وتشيخيا وسلوفينيا واستونيا وقبرص بينما تجري مفاوضات ابطأ مع رومانيا وبلغاريا وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا، فيما تعمل هذه الدول على تنفيذ اصلاحات ديموقراطية وسياسية لتفي بالمتطلبات المتشددة للانضمام لعضوية الاتحاد.