قررت ثلاثة مصارف تونسية تكريس قرار دمجها اليوم السبت ما سيؤدي الى تأسيس مصرف ضخم سيحفز المصارف الأخرى على اللحاق بها. وعقدت مجالس ادارات المصارف الثلاثة جمعية عمومية استثنائية مشتركة للتصديق على القرار الذي بدأ درسه منذ أكثر من عام. والمصارف المعنية هي "الشركة التونسية للبنك" التي تأتي على رأس المصارف التجارية المحلية، و"بنك التنمية التونسي" و"بنك التنمية السياحية" وتنتمي المصارف الثلاثة الى القطاع العام، ويرجح ان يقتفي أثرها كل من "الاتحاد الدولي للبنوك" مصرف تجاري محلي و"بنك تونس والإمارات للاستثمار" قبل نهاية السنة الجارية. وعزا خبراء اقتصاديون اتجاه المصارف المحلية الى صيغة الاندماج لإستحقاقات اتفاق الشراكة التي توصلت اليه تونس والاتحاد الأوروبي عام 1995 وقضى بإلغاء الحواجز الجمركية تدريجاً وتكريس انفتاح السوق المحلية بما يشمل الجهاز المصرفي، اذ سيتم تحرير الخدمات المصرفية سنة 2001. ويُتوقع ان تشمل عمليات الدمج مصارف القطاع الخاص في الفترة المقبلة كونها لن تكون قادرة على مجابهة منافسة المصارف الأوروبية إذا لم تتحد. 31 مصرفاً ويتألف الكيان المصرفي التونسي من 31 مصرفاً من بينها 13 مصرفاً تجارياً و8 مصارف تنمية و8 مصارف غير مقيمة، أهمها "سيتي بنك" ومصرفا أعمال محليان. وتعزز نشاط المصارف في العام الماضي، اذ ارتفع حجم معاملاتها بنسبة 9 في المئة قياساً الى العام السابق ليصل الى 1.2 تريليون دينار تريليون دولار. وأظهرت احصاءات البنك المركزي ان المصارف التجارية ساهمت في تنشيط الدورة الاقتصادية بإقراضها للأفراد والشركات مبالغ وصل حجمها الى نحو 11 بليون دينار 10 بلايين دولار. وأفادت الاحصاءات ان حجم معاملات مصارف التنمية ارتفع العام الماضي الى 185 بليون دينار 150 بليون دولار بزيادة نسبتها 4 في المئة قياساً الى العام السابق. الا ان ايراداتها تراجعت من دون ان تحول دون استمرارها في منح قروض وضخ دماء في الدورة الاقتصادية. لكن التقرير السنوي للبنك المركزي كشف ان حصة المصارف غير المقيمة من مصادر التمويل ارتفعت الى 1.3 بليون دولار العام الماضي بزيادة نسبتها 13 في المئة. وفي اطار تطوير خدمات المصارف المحلية أخضع الجهاز المصرفي أخيراً لعملية تحديث واسعة شملت تعميم استخدام الكومبيوتر واختصار عمليات تحرير الشيكات الى 48 ساعة فقط وانشاء شبكة مشتركة بين المصارف تساعد الزبون على السحب من أقرب مصرف الى عمله أو مسكنه. كذلك يعتزم المصرف المركزي انشاء مكتب مركزي للمعلومات قريباً يساعد المصارف المحلية على سرعة اتخاذ القرارات والتعرف على الزبائن وتحديد نوعية القروض الممنوحة لهم واحجامها. من جهة ثانية أسس التونسيون شركات متخصصة لاسترداد الديون من الزبائن وسن مجلس النواب أخيراً قانوناً ينظم عمل هذه الشركات ويضع لها ضوابط عمل. وعلمت "الحياة" ان مشروع قانون جديد خاص بالمصارف بات جاهزاً وسيُعرض على مجلس النواب قريباً للتصديق عليه وسيفتح المجال أمام حرية تأسيس المصارف من دون اشتراط تخصصها في قطاع محدد دون سواه. القطاع الخاص ولوحظ ان مصرفاً خاصاً شق طريقه سريعاً في الاعوام الأخيرة ليتقدم الى المراتب الأولى وينافس مصارف عريقة. وبات "بنك الأمان" يستأثر بحصة 10 في المئة من السوق المحلية وقدر حجم معاملاته ب105 ملايين دينار. واستطاع "بنك الأمان" مضاعفة حجم المعاملات وحجم الفوائد والودائع في غضون الاعوام الأربعة الأخيرة أي انه يحقق نمواً نسبته 25 في المئة في السنة على رغم كونه حافظ على عدد الموظفين من دون زيادة. وعزا المدير العام للمصرف أحمد الكرم هذا التطور السريع الى تكثيف استخدام الكومبيوتر والتحديث الشامل لوسائل العمل "على نحو يساعد على مجابهة المنافسة المتنامية في ظل المناخ الاقتصادي الجديد من خلال المحافظة على مستوى الربحية والعمل على زيادتها". وسئل عن احتمال دمج "بنك الأمان" مع مصارف أخرى فقال: "نحن ننظر ايجاباً الى جميع الوسائل التي تمكن من دعم مركز المصرف داخل تونس وعلى الصعيد الاقليمي لأن هدفنا الأساسي هو تحسين الخدمات المقدمة للزبائن وتطوير مركز المصرف". وقال ل"الحياة" ان هناك طريقين للوصول الى هذا الهدف "الأول هو الذي انتهجناه حتى الآن ويتمثل باستثمار الامكانات الذاتية المتاحة، أما الثاني فهو صيغة الدمج أو ضم مساهمين جدد الى رأس مال المصرف، الا اننا لا نعتبر ذلك أمراً حيوياً أو مصيرياً في هذه المرحلة بعدما صارت مقومات البقاء متوافرة له اضافة الى شروط الربحية المستمرة". واستدرك قائلاً: "لكننا لا نمانع من درس اقتراحات من مصارف تونسية أو غير تونسية اذا كانت ستعطي عناصر اضافية وبالخصوص موارد مالية جديدة أو خدمات تكنولوجية أو أسواقاً مهمة". وأشار الى ان احدى نقاط القوة التي تفسر القفزة التي حققها المصرف في الاعوام الأخيرة تعود الى كونه كان يتعاطى مع المؤسسات الاقتصادية كان اسمه المصرف العقاري والتجاري التونسي ثم صار يتعاطى كذلك مع الافراد ووضع آليات لاستقطاب الودائع الخاصة وبات يمنح قروضاً مختلفة خصوصاً السكنية والاستهلاكية. وعدا "بنك الأمان" لا تطرح المصارف المحلية الأخرى فكرة الدمج.