مع بلوغ عدد سكان العالم ستة بلايين نسمة الشهر المقبل، أعرب رئيس البنك الدولي جيمس وولفنسون عن أمله في إعادة مسألة الحد من الفقر إلى قمة جدول أعمال الاجتماع السنوي المشترك للبنك وصندوق النقد الدوليين الذي بدأ أعماله في واشنطن السبت ويختتمها الخميس المقبل. وقال في لقاء مع الصحافة: "يحدوني الأمل في أن أتمكن من تركيز اهتمام المؤتمرين على حقيقة اننا نقف على عتبة ألفية جديدة عندما سيكون لدينا في غضون أيام قليلة ستة بلايين نسمة على الكرة الأرضية يعيش نصفهم بدخل يقل عن دولارين في اليوم، ويعيش 3.1 بليون نسمة آخرين بدخل يومي يقل عن دولار واحد... والسؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن ان نذهب لانجاح مساعينا الرامية إلى خفض أعداد الفقراء؟ هذه هي المسألة الجوهرية بالنسبة لنا". ويأمل وولفنسون، الذي بدأ في حزيران يونيو الماضي السنة الخامسة من رئاسته للبنك الدولي، حشد التأييد لجملة متنوعة من المبادرات التي تهدف إلى انجاز المهمة المركزية للبنك في الحد من الفقر الذي وصفه بأنه "مسألة تمس الجميع سواء على صعيد أسواق المال أو الجريمة أو الصحة أو البيئة، وعلينا الحصول على اعتراف من الدول الصناعية أن مسائل الفقر هي مسائل ذات طابع عالمي". ويتوقع ان تهيمن على أعمال الاجتماع السنوي مبادرة تتعلق بوضع الدول الفقيرة الأكثر مديونية والهادفة إلى خفض أعباء الدين عن 41 دولة من الدول الأكثر فقراً في العالم. وأعرب مسؤولون في البنك وصندوق النقد، في ضوء مؤشرات مشجعة برزت أخيراً في هذا الاتجاه، عن الأمل في أن تكون الدول المانحة تعمل على التوصل إلى اتفاق في شأن تمويل المبادرة المذكورة التي ترمي إلى تخليص الدول الفقيرة، وغالبيتها الافريقية، من الأعباء الضخمة التي تفرضها عليها متطلبات خدمة الديون كي يتسنى لها زيادة الانفاق في قطاعي التعليم والصحة. وستتركز المناقشات أيضاً على الجهود المبذولة في إطار البنك الدولي لرفع كفاءة وفعالية برنامجه الإقراضي السنوي الذي يبلغ حجمه 25 بليون دولار. ويأمل وولفنسون في نيل تأييد المؤتمرين لعنصر رئيسي جديد يتمثل في مبادرة مقترحة باسم "إطار التنمية الشاملة" التي من شأنها، في حال تطبيقها، إقامة تحالفات استراتيجية بين البنك ووكالات المساعدات الأخرى علاوة على المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لدعم عملية التنمية في الدول النامية. وتتيح أعمال الاجتماع الحالي الفرصة لتقويم الجهود المتوافرة لوضع المبادرة المشار إليها موضع التنفيذ. وتعتبر، لا سيما في ضوء التحسن الذي شهده الاقتصاد العالمي أخيراً، فرص التركيز على مسائل التنمية في الاجتماع الحالي أفضل بكثير مما كان عليه الحال في الاجتماع السابق الذي سادت أجواءه الكآبة بعدما عجزت روسيا عن سداد الديون وبدت اليابان غير قادرة على الخروج من الركود الاقتصادي وظهرت مخاوف من انتشار حمى الأزمات المالية في الأسواق الناشئة لأميركا الجنوبية وتدهورت أسعار السلع الأساسية وفي مقدمها النفط الخام. وأكد صندوق النقد في تقرير اعتاد إصداره لمناسبة الاجتماع السنوي، أن التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي تحسنت كثيراً وبات من المحتمل تحقيق نمو بنسبة 3 في المئة السنة الجارية، وربما السنة المقبلة. وقال: "إن الاقتصاد العالمي في طريقه إلى الاصلاح"، ملاحظاً مؤشرات ايجابية في هذا الاتجاه، من بينها عودة الثقة إلى أسواق المال وانتعاش أسعار النفط. لكن مدير الصندوق مايكل كامديسوس حذر من أن التحسن المرصود في وضع الاقتصاد العالمي ليس مدعاة للاستسلام إلى "الاحساس بالرضى"، مؤكداً ان وزراء المال ورؤساء المصارف المركزية في 181 دولة منضوية في عضوية البنك والصندوق لا تزال أمامهم مسائل خطيرة تحتاج إلى معالجة. ولا زال الكثير من المسائل التي طرحت في الاجتماع السابق على جدول الأعمال ومن بينها، لا سيما في ما يتعلق بالدول النامية والاقتصادات الناشئة، التأكيد على أهمية الشفافية في قطاع المال وتحسين نوعية التقارير المالية واصلاح قطاع المال وتطوير الدور الرقابي للصندوق في ضوء الدروس المستفادة من الأزمة الآسيوية ليصبح بمثابة الحارس أو جهاز الانذار المبكر القادر على التحذير من المخاطر قبل وقوعها. وحذر الصندوق أيضاً من احتمال تعرض الاقتصاد الدولي لأزمات جديدة في حال فشل صنّاع السياسة في الدول الصناعية الرئيسية الولاياتالمتحدةواليابان والدول الأوروبية في تمكين الاقتصاد الأميركي من الهبوط هبوطاً طرياً، ما يؤكد أهمية اجتماع وزراء المال في مجموعة الدول الصناعية السبع. وتقدم أعمال الاجتماع السنوي فرصة لمراجعة دور البنك والصندوق ازاء الأحداث التي شهدتها الساحة الدولية في الآونة الأخيرة، ومن شبه المؤكد إثارة الفضيحة المتعلقة ببرامج البنك والصندوق في روسيا وفعالية الجهود التي بذلتها المؤسستان في الأعوام العشرة الأخيرة لمساعدة روسيا على الانتقال من الاقتصاد المركزي إلى اقتصاد السوق. وهناك مسائل أخرى من بينها الدور المتعاظم الذي يلعبه الصندوق والبنك في مجال تقديم المساعدات للمناطق التي تتعرض للصراعات المسلحة كوسوفو وتيمور الشرقية وتقديم المعونات للدول التي تقع ضحية الكوارث الطبيعية كالزلزال الذي ضرب تركيا أخيراً. ومن المحتمل أن يقحم مؤتمر منظمة التجارة الدولية المقرر انعقاده في سياتل في تشرين الثاني نوفمبر مسائل تجارية على جدول أعمال الاجتماع السنوي، لا سيما في ضوء الدعوة التي أطلقها الصندوق والبنك لعقد جولة جديدة طموحة من المفاوضات التجارية بمشاركة كاملة من أعضاء منظمة التجارة. وأكد وولفنسون أن البنك "متمسك بطرحه القائل إن الدول النامية التي تفتح أسواقها لا بد أن يتاح لها حرية الوصول إلى أسواق الدول الصناعية، كي تتمكن من تحقيق تنمية حقيقية وتقضي على الفقر. وعلى رغم اننا لسنا في صدد الدفاع عن منظمة التجارة، إلا أن ما يمكننا فعله هو مساعدة الدول النامية على ترتيب أوضاعها بشكل صحيح" في المفاوضات.