لقيت توصيات قمة الدول الثماني الكبرى المتعلقة بضرورة ايجاد حل للمسألة القبرصية خلال هذا العام، وفقاً لقرارات الاممالمتحدة، ردود فعل غاضبة من الجانب التركي. وأكد رئيس الوزراء بولند أجاويد ان بلاده لن تقدم أي تنازلات في هذه القضية ولن تتراجع عن موقفها الأخير والثابت والخاص بتقسم الجزيرة رسمياً والاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية التي قامت عام 1983 ولم تعترف بها سوى أنقرة. وكان أجاويد أرسل خطاباً الى الرئيس الاميركي بيل كلينتون الاسبوع الماضي اعرب فيه عن عدم ارتياحه لإدراج المسألة القبرصية ضمن جدول اعمال القمة، مؤكداً ان السلام يعم قبرص الآن ولا توجد أي قضية تستوجب البحث إلا الاعتراف دولياً بجمهورية شمال قبرص التركية وبتقسيم الجزيرة. كما أشارت أوساط وزارة الخارجية التركية الى ان الوضع غير مناسب الآن لعقد لقاء بين زعيم القبارصة الاتراك رؤوف دنكطاش والرئيس القبرصي غلافكوس كلاريدس، وأنه يستحيل انهاء الخلاف بينهما خلال هذه السنة حتى لو "تمنت" الدول الكبرى ذلك. واكدت ان هذه التوصيات لن تؤثر في الاحتفالات التي تعد تركيا لإقامتها الشهر المقبل بمناسبة مرور 25 عاماً على ذكرى تدخل الجيش التركي في الجزيرة. واتهمت اليونان بالعمل على اثارة ضجة جديدة حول الموضوع بسعيها الى اقحام الملف القبرصي في جدول أعمال القمة التي اكدت في بيانها ان القضية القبرصية طالت أكثر من اللازم ولا بد من اجراء خطوات عملية لحلها من أجل احلال السلام في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وأوصت القمة بعقد اجتماع ثنائي بين دنكطاش وكلاريدس للبحث في القضية مجدداً من دون شروط مسبقة. ومن المقرر ان تتابع القمة المقبلة للدول الثماني في تشرين الثاني نوفمبر المقبل نتائج هذه المحادثات باتجاه ايجار حل دائم للقضية القبرصية قبل نهاية العام الجاري. وكان القبارصة الاتراك استعدوا مسبقاً لقرارات القمة، وأصدر برلمان "جمهوريتهم" قراراً بداية العام برفض الجلوس الى طاولة المحادثات مع الجانب اليوناني قبل الاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية. وفي هذا الخصوص، قال دنكطاش ل"الحياة": "اضطررنا لاتخاذ هذا القرار لأن آخر لقاءاتي مع السيد كلاريدس كان في آب اغسطس 1997 وانتهى بالفشل لأنه رفض في ذلك الوقت مناقشة الحل الفيديرالي للجزيرة، وتوصلت في حينه الى اقتناع مضاد بأن الجانب القبرصي اليوناني لا يريد التفاوض على أي شيء أو مناقشة أي شيء". وأضاف دنكطاش ان انتهاء حواره مع كلاريدس جاء نتيجة سياسات الاتحاد الأوروبي التي وصفها بأنها خاطئة تجاه قبرص. وقال ان "قرار الاتحاد الأوروبي بقبول جنوبقبرص كمرشح كان خطأ فادحاً زاد الأمور تعقيداً. أولاً، اعتقد ان هذا القرار قرار سياسي بالدرجة الأولى الهدف منه توتير العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي لأنه يهدف الى توسيع حدود اليونان حتى سواحل تركياالجنوبية وهو ما لن تقبله أنقرة أبداً". واعتبر ان انضمام "جنوبقبرص" الى السوق الأوروبية "سيظل حبراً على ورق. وحتى لو انضمت فعلاً فإن أوروبا ستحصل على نصف قبرصالجنوبي فقط لأننا سنكون عندها قد اتحدنا مع تركيا فعلاً". وأكد دنكطاش بلهجة حازمة رفضه توصيات قمة مجموعة الثماني، وقال: "لا يوجد شيء يمكن ان نطرحه على طاولة المفاوضات، فلا يوجد عندي سوى مقترح الحل الكونفيديرالي. فإذا قبلوا مناقشته سأذهب. ولكنني أعلم ان كلاريدس، كما يقول علناً، لن يقبل به ولن يناقشه أبداً فما الفائدة إذاً من الذهاب؟ الدول الكبرى تريدنا ان نلتقي لتمارس هوايتها مجدداً بالضغط علينا لقبول مقترحات القبارصة اليونانيين ولكننا لن نعطيهم الفرصة لذلك، هذه المرة. فدولتنا موجودة وقائمة ولا يمكن ان أجلس الى طاولة واحدة مع من ينكر وجود دولتنا!". وذهب دنكطاش ابعد من ذلك، اذ شبه ما حدث في كوسوفو بما حدث في قبرص عام 1963. وقال: "اذا أرادت الدول الكبرى ان تتدخل فعليها ان تتدخل كما تدخلت في كوسوفو وبالطريقة نفسها. فما حصل للكوسوفيين هو ما لاقيناه نحن القبارصة الاتراك على يد مكاريوس الذي لا فرق بينه وبين ميلوشيفيتش. وقد تدخلت الاممالمتحدة قديماً في قضيتنا عام 1963 ولكن من دون فائدة حتى قام الجيش التركي بفرض حلّه في الجزيرة. تماماً كما فعلت قوات الناتو في يوغوسلافيا. وانهت هذا الظلم. ولكن تركيا قامت بما هو أفضل من الناتو اذ ساعدتنا على قيام دولتنا المستقلة وأصبح في الجزيرة طرفان تركي ويوناني على قدم المساواة. ولكن الناتو اذا ما ترك كوسوفو لمعاهدة دولية مع الصرب ولم يضمن استقلالها فسيعود القتال والخراب بعد خمس أو عشر سنوات مجدداً كما حدث قديماً في قضيتنا.