ووافقت انقرة على صيغة البيان الختامي لقمة الاتحاد الأوروبي بعد جهود ديبلوماسية اميركية لاقناع رئيس الوزراء بولند أجاويد بالشروط التي وضعها الأوروبيون ونصت على تحويل الخلاف بين انقرة وأثينا الى محكمة العدل الدولية، اذا لم يتم حله ديبلوماسياً حتى سنة 2004، وقبول عضوية قبرص في ذلك التاريخ حتى لو لم يتم حل النزاع السياسي عليها. وكانت انقرة رفضت مسودة البيان، وطالبت قمة هلسنكي بمساواتها في المعاملة مع الدول المرشحة الأخرى التي لم يفرض الاتحاد عليها شروطاً خاصة مثل هذه. وتدخلت الديبلوماسية الأوروبية عقب ذلك على الفور لاقناع انقرة وأرسلت خافيير سولانا الممثل الخاص للسياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية وغونتر فارفوغن عضو مكتب العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي والتقيا وزير الخارجية اسماعيل جم وأجاويد في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية. واتصل رئيس الوزراء الألماني غيرهارد شرودر والرئيس الفرنسي جاك شيراك بأجاويد وأبلغاه ان البيان فرصة تاريخية لتركيا وطلبا منه الموافقة عليه والحضور الى هلسنكي. الا ان الفضل الأكبر في اقناع اجاويد كان لواشنطن، اذ اتصل الرئيس بيل كلينتون شخصياً بأجاويد وقال له انه يشاركه عدم رضاه التام على ما في البيان، ونصحه بعدم تضييع الفرصة فالصيغة معقولة لا يمكن رفضها. وخرج أجاويد بعد ذلك ليعلن قبول حكومته البيان وعزمه الذهاب الى هلسنكي، بعدما اتصل به رئيس الوزراء الفنلندي بافو ليبونين وأوضح له ان المادة الخاصة بالخلافات التركية - اليونانية لا تعني حتمية الاحتكام الى محكمة العدل الدولية في ذلك التاريخ وان ذلك سيكون بقرار من الاتحاد الذي سينظر في هذه الخلافات اذا لم تحل حتى 2004. وأضاف اجاويد ان انقرة مصممة على موقفها من قبرص، وأكد انه بقدر ما يقترب جنوبقبرص من عضوية الاتحاد الأوروبي بقدر ما يقترب شمال الجزيرة من الاندماج مع تركيا. وذكرت مصادر تركية مطلعة ل"الحياة" ان البيان الختامي للقمة وما فيه من مواد تخص قبرص سيؤثر سلباً في محادثات نيويورك التي ستستأنف الثلثاء المقبل بين الزعيم القبرصي التركي رؤوف دنكطاش والرئيس غلافكوس كلاريدس، وذلك لأن كسب الوقت والتسويف سيكونان لصالح الجانب اليوناني الذي سيفضل تأجيل هذه المحادثات الى ما بعد عام 2004 بعد حصول قبرص على العضوية التامة في الاتحاد. ولكن هذه المصادر اكدت انه في ذلك الحين سيكون الاتحاد قد صادق على تقسيم الجزيرة فعلياً لأن انقرة ستضم شمالها اليها رسمياً فيما لم تخف الاوساط السياسية التركية استياءها من عدم تحديد الاتحاد الأوروبي تاريخاً لبدء مباحثات العضوية مع أنقرة وتأجيل ذلك لأجل غير مسمى، اي حتى تقدم تركيا خطوات جادة على طريق تطبيق معايير كوبنهاغن الخاصة بالبنية السياسية وحقوق الانسان والبنية الاقتصادية لتوافق البنية الأوروبية. وبهذا الخصوص سيرسل الاتحاد الأوروبي ملفاً من مئة الف صفحة يشرح فيها التعديلات القانونية والدستورية التي يجب على الحكومة التركية تنفيذها في مختلف المجالات لتتأقلم مع المعايير الأوروبية، ويعتقد ان هذه التعديلات ستأخذ حوالى 15 سنة من عمر تركيا وحوالى 70 مليار دولار أميركي لتنفيذها.