أمطرت الملفات القضائية والإدارية المفتوحة في لبنان، لمحاسبة بعض رموز العهد السابق ومحاكمة بعض آخر، وتراكمت امام القضاء ومجلسي النواب والوزراء. وقالت مصادر حكومية ونيابية اطلعت على تقريرلديوان المحاسبة العمومية ان التقرير يحمّل كلاً من الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري والوزراء السابقين فؤاد السنيورة وباسم السبع وهاغوب دمرجيان مسؤولية مخالفات و"ضياع" اموال مخصصة للبلديات في سجلات الخزينة، طالباً التحقيق معهم. وقرر مجلس الوزراء امس احالة التقرير على النيابة العامة التمييزية. وقال النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ل "الحياة" انه سيطلع على التقرير فور تسلمه له وسيدرسه "وبناء عليه نتخذ القرار المناسب، ولدى النيابة العامة التمييزية صلاحيات تخولها التحقيق في اي قضية". وطغت أنباء هذه الملفات على السجال في شأن مشروع موازنة لعام 1999 الذي استأنفت الحكومة درسه امس، بعدما كانت باشرت مناقشته الاسبوع الماضي راجع ص2. وأخذ تدفق هذه الملفات يحجب اي شأن سياسي آخر ويترك انعكاسات على الوضع السياسي، خصوصاً بعدما انجز ديوان المحاسبة العمومية، بتكليف من مجلس الوزراء وبطلب من المجلس النيابي قبل اكثر من شهر، تقريراً عن اموال صندوق البلديات التي كان نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية والبلديات المهندس ميشال المر اعلن ان جزءاً منها "ضائع"، موحياً بمسؤولية الوزراء السبع ودمرجيان والسنيورة عن ذلك. وقد تولى هؤلاء الرد عليه مؤكدين وجود هذه الاموال في خزينة الدولة. لكن مجلس الوزراء طلب من ديوان المحاسبة التدقيق في الامر فأصدر تقريراً، من 157 صفحة سلمه امس الى رؤساء الجمهورية العماد إميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة سليم الحص. وفي انتظار اتضاح مضمون التقرير الذي بقي طي الكتمان، فإن التسريبات كانت سيدة الموقف قبل تسليمه للمراجع العليا وبعده، إذ أبلغ الرئيس بري الصحافيين ان ثمة فرقاً بين تقرير وزارة المال التي يتولاها الوزير جورج قرم في شأن الموجودات المفترضة لصندوق البلديات، اذ ان ديوان المحاسبة وجد انها تزيد بنحو 161 بليون ليرة عن تقرير القرم، يضاف اليه مبالغ اخرى من رسوم عائدة للبلديات. ويفترض ان تتفاعل قضية اموال البلديات سياسياً واعلامياً وتتسبب ببلبلة اذا لم تتضح الحقائق خلال الايام المقبلة، خصوصاً ان التسريبات تطغى عليها. يذكر ان هذا الملف يضاف الى ملفات عدة مطروحة على القضاء، منها بيع كميات من النفط على انها رواسب نفطية، وملف نقل أثاث من القصر الحكومية اثر اعتذار الحريري عن عدم تأليف الحكومة، قبل أربعة أشهر، وملف الآثار وملف المستحقات المالية التي صرفها وزراء سابقون من دون اعتمادات مالية رتبت ديوناً على الخزينة 1130 بليون ليرة. وكانت احالة الحكومة الأمر على التحقيق في ديوان المحاسبة اثارت الوزير سليمان فرنجية يتولى حقيبتي الزراعة والاسكان، ما دفعه في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت الاسبوع الماضي الى النهوض عن مقعده قائلاً: "اذاً، انا سأستقيل كي اذهب الى التحقيق وأعطي افادتي". الا ان احد زملائه الوزراء هدأه، فأوضح له الرئيس الحص ان موافقته على نفقات من دون اعتمادات 160 بليون ليرة للاستشفاء لها اسباب تخفيفية لأنها حصلت لأسباب انسانية. ثم ان الرئيس لحود ساهم في تهدئته. وحرص الحص على الادلاء بتصريح يؤكد الاسباب التخفيفية بالنسبة الى فرنجية، الذي اجتمع معه لحود اول من امس، لطي الاشكال معه، وقد زار فرنجية دمشق امس.