أنقرة، اسطنبول، ديار بكر تركيا - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - أعلنت وزارة العدل التركية ان محاكمة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان الذي اقتادته القوات الخاصة التركية من نيروبي الى اسطنبول، سيحاكم في جزيرة امرلي في بحر مرمرة حيث يخضع الآن للاستجواب. وفيما شنت الشرطة التركية حملة اعتقالات واسعة في صفوف الناشطين الاكراد، واصلت قوات تركية تدعمها مقاتلات توغلها في شمال العراق لتعقب مقاتلي حزب العمال. وشهدت احدى ضواحي اسطنبول ليل الأربعاء - الخميس مواجهات عنيفة بين متظاهرين اكراد وقوات الأمن، رافقها اطلاق نار. وشدد بيان لوزارة الخارجية التركية على رفض السماح بأي تدخل أجنبي في محاكمة اوجلان، وجاء في البيان: "على الجميع ان يحترم استقلال القضاء، ولذلك لن تسمح الجمهورية التركية بأي محاولة للتأثير في استقلالية القضاء أو التدخل فيها". وأفاد مسؤولون في وزارة العدل ان مركزاً صحافياً سيقام في جزيرة امرلي كي يتمكن الصحافيون الاتراك والاجانب من متابعة المحاكمة. وأشارت مصادر أمنية تركية الى اخلاء الجزيرة من السجناء وعددهم 248 استعداداً للمحاكمة، ولضمان أمن اوجلان. معروف ان رئيس الوزراء السابق عدنان مندريس سجن في تلك الجزيرة ثم أعدم عام 1960. وتردد ان ثلاثة مدعين عامين انتقلوا أمس الى أمرلي لاستجواب زعيم حزب العمال. ويرجح ان يطلب الادعاء عقوبة الإعدام لأوجلان بموجب المادة 125 من قانون العقوبات، وهناك ملف جاهز للقضية يتكون من أربعمئة صفحة. ويستبعد تعديل القانون قريباً، علماً ان البرلمان التركي ما زال يصر على رفض هذه الخطوة منذ ثلاث سنوات، وتتعلق المادة 125 بجريمة العمل من أجل الانفصال وتجزئة البلاد. ... الى الجزيرة وأمس عرضت قنوات التلفزيون التركي شريطاً مصوراً عن وصول اوجلان الى تركيا ونقله الى جزيرة امرلي بعدما اقتيد في طائرة من نيروبي الى اسطنبول. وشاهد الأتراك عملية نقل اوجلان الذي وصل الثلثاء على متن طائرة خاصة من نيروبي مع وحدة "كوماندوز" تركية الى قاعدة بانديرما العسكرية على ساحل بحر مرمرة. وخرج اوجلان من الطائرة معصوب العينين مقيد اليدين ثم صعد بمواكبة جنود الى باص عسكري لنقله الى بلدة مودنايا القريبة من جزيرة امرلي. ووضع لاحقاً في سفينة نقلته الى الجزيرة وكان معصوب العينين وتولى حراسته عسكريون مقنعون. وبدا أوجلان أخيراً واقفاً في احدى الغرف وقد أزيلت العصابة عن عينيه، لكن يديه ظلتا مقيدتين وظهر خلفه علمان تركيان كبيران. في غضون ذلك، اعتقل في مناطق تركية عدة اكثر من اربعمئة عضو في حزب الشعب الديموقراطي، وهو الحزب الكردي الوحيد المرخص له، والذي طالب المدعي العام التركي بحله بتهمة الانفصالية واقامة علاقة مع حزب العمال. وفرضت اجراءات مشددة لمراقبة منطقة غازي التي تسكنها غالبية كردية، وفي منطقة يني بوسنا في اسطنبول اضرم متظاهرون النار واشتبكوا مع الشرطة. وشهدت بلدة بينغول في جنوب شرقي تركيا تظاهرة احتجاجاً على اعتقال اوجلان. واحتجز ثلاثون شخصاً. كذلك اعتقلت السلطات بعض مسؤولي جمعية حقوق الانسان التركية ومن ضمنهم نائب الرئيس عثمان بيدعيد وثلاثة محامين، وتتهم الجمعية بارتباطها بعلاقة مع حزب العمال. اشتباكات في اسطنبول وأفادت وكالة الأناضول للانباء ان مواجهات عنيفة رافقها تبادل لإطلاق النار وقعت بين متظاهرين اكراد وقوات الأمن التركية ليل الأربعاء - الخميس في احدى ضواحي اسطنبول الفقيرة. ولم تسفر الاشتباكات عن اصابات إلا ان أربع سيارات، بينها باص وسيارتان تابعتان للبلدية، أحرقت. وكانت شرطة مكافحة الشغب توجهت ليلاً مع آليات مدرعة الى ضاحية غازي عثمان باشا لإزالة الحواجز التي أقامها المتظاهرون. وفي أماكن أخرى من المدينة أحرقت خمسة باصات وسيارتان وألحق ناشطون موالون للأكراد أضراراً بسبع سيارات أخرى. وفي حي شعبي آخر في ضاحية اسطنبول أحرق باص تابع للحملة الانتخابية لحزب اليسار الديموقراطي الذي يتزعمه رئيس الوزراء بولند أجاويد، وأكدت الوكالة اعتقال العديد من الاشخاص. وهذه هي الليلة الثانية من أعمال الشغب تشهده اسطنبول منذ اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني. قائد الجناح العسكري الى ذلك، قال قائد الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني جميل بيك ان "النضال مستمر". وذلك في مقابلة اجراها معه تلفزيون "ميد- تي.في" الموالي للاكراد، الذي التقط بثه في دياربكر جنوب شرقي تركيا. ودعا بيك، الذي يعتبر من الخلفاء المحتملين لأوجلان، الأكراد الى التزام الهدوء قائلاً: "ابقوا هادئين، لا تحرقوا أنفسكم، احتفظوا بقواكم لمحاربة اعدائنا"، في اشارة الى اكراد احرقوا أنفسهم أو حاولوا ذلك في دول أوروبية بعد اعتقال زعيم الحزب. واضاف: "في حزبنا كلنا أوجلان". وذكر رئيس "المكتب الألماني لحماية الدستور" الاستخبارات الداخلية بيتر فريش ان عثمان اوجلان، شقيق زعيم حزب العمال، يفترض ان يخلفه على رأس الحزب. واعتبر فريش في حديث الى التلفزيون الالماني، ان على تركيا المساهمة في تهدئة الأوضاع، والتحقق من ان اوجلان سينال محاكمة عادلة، وشدد على ضرورة ألا تكون سرية. واكد رئيس الاستخبارات للمواطنين الألمان ان عليهم ألا يخشوا وقوع اعتداءات، وان يساهموا في "ان لا يشعر الأكراد بأنهم يتعرضون للتمييز، وان يتم التفريق بين الاكراد وأنصار حزب العمال". عملية التوغل وعلى صعيد التوغل التركي في شمال العراق، أكد مسؤولون أمنيون في دياربكر ان قوات تدعمها طائرات توغلت مسافة 15 كيلومتراً في الشمال، واشتبكت مع مقاتلين تابعين لحزب العمال الكردستاني في جبال متينة. ويعتقد ان 4 الاف جندي تركي يشاركون في العملية التي اكدها أول من أمس رئيس الوزراء بولند أجاويد، لكن صحيفة "حريت" قدرت العدد بعشرة الاف جندي تدعمهم طائرات من طراز "اف - 4". واكد أجاويد ان لا علاقة بين هذه العملية واعتقال زعيم الحزب عبدالله اوجلان، مشيراً الى انها لن تستمر أكثر من يوم أو اثنين. وبدا ان هدف الجيش التركي هو استغلال الحالة النفسية للمقاتلين الاكراد بعد اعتقال زعيمهم، ومنع تسلل بعضهم لتنفيذ عمليات في المدن التركية، خصوصاً بعدما حض قائد الجناح العسكري لحزب العمال نظام الدين تاش الاكراد على "متابعة النضال". وأفادت وكالة الاناضول للانباء ان القوات التركية في شمال العراق دمرت العديد من المعسكرات والمخابئ واستولت على ذخائر، واكدت ان العديد من مقاتلي حزب العمال فروا باتجاه الحدود الايرانية.