بعد عملية سرية استمرت 12 يوماً، نجحت اجهزة الاستخبارات التركية في اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان المقلب بپ"ابو"، لتحقق بذلك "انتصاراً" سعت اليه انقرة على مدى 14 عاماً، هي عمر الحرب التي خاضها اوجلان وحزبه مع الجيش التركي والقوى الامنية التركية. وكان السؤال المطروح امس اي عقوبة سيواجهها اوجلان الذي تتهمه انقرة بارتكاب جرائم، اقلها "قيادة حركة انفصالية هددت وحدة الأراضي التركية"، ما يرجح عقوبة الاعدام. وفيما أثار اعتقاله موجة عارمة من الاحتجاجات امتدت عبر عواصم عديدة في العالم، واستهدفت بعثات ديبلوماسية يونانية وسفارة كينية، ثار لغط واسع بين اثيناونيروبي حول المسؤولية عن اعتقال "ابو" الذي اتهمت كينيا اليونان بالتواطؤ معه لتدبير دخوله في شكل "غير مشروع" الى الأراضي الكينية. ولم يوضح رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد تفاصيل العملية السرية التي انتهت بنقل اوجلان الى تركيا فجر امس، لكن مصادر حزب العمال اتهمت اميركا واسرائيل بالتواطؤ في هذه "المؤامرة" راجع ص4 و5. وأعربت واشنطن عن ارتياحها الى اعتقال الزعيم الكردي نافية ان تكون لها اي "علاقة مباشرة" بالعملية، كذلك نفت اسرائيل ان تكون لجهاز استخباراتها الخارجية موساد اي علاقة، علماً ان وكالة الانباء الألمانية اشارت الى مساعدة "حاسمة" قدمها "موساد" للاجهزة التركية. ونفت بون ايضاً ان تكون ضالعة بالعملية السرية. وكشف احد محامي الزعيم الكردي ان موكله كان تعرض في نيروبي حيث اختبأ اسبوعين في السفارة اليونانية، الى محاولة فاشلة لاعتقاله الأحد الماضي، فيما اشار "مركز اعلام كردستان" الى ان اوجلان كان وصل الى نيروبي في 21 كانون الثاني يناير الماضي. وفيما كانت اجهزة الاعلام التركية تعكس اجواء ابتهاج بنهاية "رحلة" اوجلان الطويلة بوقوعه في قبضة انقرة، اعلنت عن تشديد الحراسة حول السفارة الاسرائيلية في العاصمة التركية، وكذلك حول السفارتين الأميركية والروسية، ومنزل اجاويد ومقرات حزبه في العاصمة. واتخذت احتياطات امنية في الجامعات وحول مقرات حزب الشعب الديموقراطي الكردي المرخص له في تركيا. وفي اسطنبول شددت الاجراءات الأمنية وأعلن استنفار قوات الشرطة التي وضعت في حال تأهب قصوى. وأعلن الناطق باسم الخارجية التركية سرمد اتنجلي ان تركيا طلبت تعزيز الاجراءات الامنية لحماية سفاراتها والمصالح التركية في 21 دولة بينها دول الاتحاد الأوروبي. وذكر الناطق انه تم استدعاء سفراء الدول الپ21 وبينها الولاياتالمتحدة واسرائيل ومصر وروسيا وسويسرا الى وزارة الخارجية. وطلب منهم "تعزيز الاجراءات لحماية البعثات الديبلوماسية والمصالح التركية في دولهم". وشكر للسفراء "تعاون دولهم لمكافحة الارهاب"، معرباً عن الأمل بأن "يستمر هذا التعاون". وكانت وكالة الانباء الايطالية نقلت صباح امس عن جيوليانو بيسابيا احد محامي اوجلان ان موظفين في السفارة اليونانية في نيروبي سلموا الزعيم الكردي الى السلطات الكينية، فيما اوضح وزير الخارجية اليوناني ثيودوروس بنغالوس ان بلاده لا تتحمل مسؤولية اعتقال "ابو"، وأكد ان طائرة اوجلان سمح لها بالهبوط في الأراضي اليونانية عقب رفض هولندا ذلك، ثم غادرت الطائرة الى نيروبي ليلجأ اوجلان الى السفارة "موقتاً ولأسباب انسانية". وبلهجة المنتصر اكد اجاويد ان اوجلان سيمثل امام "القضاء التركي المستقل" وسيقدم "كشف حساب عن افعاله". ودعا اعضاء حزب العمال الى الاستسلام. ويعتقد ان "ابو" سيمثل امام محكمة امن الدولة، كما حوكم القائد العسكري السابق لحزب العمال شمدين صاقيق الذي خطفه "كوماندوز" تركي من شمال العراق العام الماضي. وسيواجه الزعيم الكردي اتهامات في مقدمها العمل على تقسيم تركيا وإنشاء دولة مستقلة، بالاضافة الى اتهامات بالقتل والارهاب وتهريب المخدرات والعلاقة بالجريمة المنظمة، وعدم ادائه الخدمة العسكرية! مصدر قانوني قال لپ"الحياة" ان اوجلان سيواجه عقوبة الاعدام التي لا تزال سارية المفعول في تركيا رغم انها لم تطبق منذ العام 1984. وأبلغت مصادر مطلعة "الحياة" ان قيادة حزب اوجلان في الداخل جمدت صلاحيات جميع قادة الحزب في الخارج وحملتهم مسؤولية ما حصل. وأكدت المصادر ان المرجع القيادي الجديد للحزب هو "جمعة" الموجود في جبل جودي داخل تركيا، وهو يتولى اصلاً قيادة "الجيش الشعبي لتحرير كردستان". وقالت المصادر ان القيادة الجديدة تعتبر اي تفاوض او بحث عن حل سياسي "مجمداً" مع السلطات التركية، وانها تعد لرد منظم على عملية خطف اوجلان مركزة على عمليات في الداخل. الى ذلك رحبت ادارة الرئيس بيل كلينتون باعتقال زعيم حزب العمال في كينيا لكنها نفت ان تكون لها اي "علاقة مباشرة" بالعملية. وقال الناطق باسم البيت الابيض جو لوكهارت "بحسب علمي لم يكن للولايات المتحدة دور مباشر في عملية تسليم" اوجلان. واضاف: "لكننا بالطبع مسرورون جداً للقبض على هذا الزعيم الارهابي". وذكر بأن الادارة الاميركية كانت دعت الحكومات الى تسليم اوجلان الى العدالة انسجاماً مع القانون الدولي. ورفض التحدث عما اذا كان لواشنطن "دور غير مباشر" في القبض على اوجلان لجهة تقديم المعلومات، قائلاً: "هذا كل ما لديّ الآن، ولن اعلق على المسائل الاستخباراتية". وشدد مسؤول في البيت الابيض على ان اعتقال "ابو" نفذ بواسطة السلطات التركية، لكنه لم يخف ارتياح الادارة ورغبتها في محاكمة الزعيم الكردي. وزاد ان الادارة تعتبر حزب العمال الكردستاني "منظمة ارهابية". وتابع ان واشنطن تعلق اهمية على ان يتلقى اوجلان محاكمة "عادلة" في تركيا "ستشكل فرصة لهذا البلد كي يظهر التزامه حقوق الانسان". ودان اعمال العنف التي قام بها انصار اوجلان في اوروبا.