هل يبني المعماريون ما تريده مجتمعاتهم؟ هل تريد المجتمعات ما يبنيه معماريوها؟ في ظل التحولات التي تشهدها مجتمعات الشرق الاوسط، يتساءل اولئك الذين يبنون ويصممون في المنطقة عما اذا كانوا يخلقون البيئات التي تريدها هذه المجتمعات. شهدت بيروت على مدى ثلاثة ايام، الاسبوع الماضي، جدالات بين خبراء في التخطيط والتربية ومعماريين من ارجاء الشرق الاوسط في اطار ندوة نظمتها مؤسسة "جائزة الاغا خان للعمارة الاسلامية" بالتعاون مع الجامعة الاميركية في بيروت ونقابة المهندسين والمعماريين اللبنانيين تحت رعاية وزارة الثقافة اللبنانية. من مصر الى العراق، ومن سورية الى اليمن، تعكس القضايا الملحة التي يواجهها خبراء التخطيط والمعماريون ازمات تواجهها المجتمعات في كل من هذه البلدان. هل تُصمم المباني والفضاءات وتُبنى كي تستجيب لحاجات سكانها؟ هل تُخطط المدن لتأخذ في الاعتبار الطموحات الانسانية؟ كيف يعرف المعماري او خبير التخطيط في عمان ما يجري في الدوحة او دمشق او القاهرة؟ هل يطمس ما يجري بناؤه الاشكال التقليدية والهوية الدينية تحت حداثة مستوردة؟ هل تسحق العولمة الثقافات المحلية او هل يجري استيعاب التأثيرات الخارجية كجزء من تطور طبيعي للهوية الثقافية؟ تراوحت القضايا التي تناولتها الندوة من دور القطاع الخاص في اعادة تأهيل مدن مثل بيروت الى صور المجتمع التي يعكسها فن العمارة المعاصر في مدن اخرى مثل صنعاء. وكان من بين الامثلة المتباينة على الموقف من تخطيط المدن البيئات التي تخضع الى الحد الادنى من الضوابط في الامارات العربية المتحدة والشروط المفصلة للتخطيط والتقسيم الى مناطق في عمان. ومن بين التوجهات المستقبلية التي لفت اليها مشاركون في الندوة الدروس المستخلصة من تجارب مدينة الرياض في التخطيط والتصميم، وتطوير شبكة "آرك نت" ArchNet، وهي مجموعة عالمية على شبكة انترنت يجري تطويرها من قبل معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا مع دعم من "صندوق الاغا خان للثقافة". وتأمل "آرك نت" ان تقدم للطلبة والخبراء في انحاء العالم مرجعاً يسهل الوصول اليه في مجال فن العمارة وتصميم المدن وقضايا ذات صلة مثل الترميم والصيانة وتصميم وبناء المساكن. وقام المشاركون في الندوة بزيارة الى المسجد العمري الكبير في صيدا، الحائز على جائزة الاغا خان للعمارة العام 1989. وكان الاغا خان أنشأ مؤسسة "جائزة الاغا خان للعمارة" في العام 1977 لتحديد وتحفيز مفاهيم للبناء تتعامل بشكل ناجح مع حاجات وطموحات المجتمعات التي يكون فيها للمسلمين حضور مهم. وبموجب برنامج المؤسسة، تمنح هيئة محكمين مستقلة ومتعددة الاختصاصات جائزة قيمتها 500 الف دولار كل ثلاث سنوات لمشاريع تجسّد حلولاً فاعلة للتحديات التي تطرحها البيئة العمرانية.