رفض الحزب الاتحادي الديموقراطي السوداني بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني عرضاً من الرئيس عمر البشير إقامة "جبهة وطنية عريضة" من الاحزاب الشمالية، واعتبر ان هذا العرض مجرد محاولة "لكسب الوقت". وكان البشير قال أمس في مسعى لترجيح كفته على الامين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور حسن الترابي: "ندعو الى تكوين جبهة وطنية عريضة تضم معظم القوى السياسية الموجودة في الساحة، ومن نتوصل الى اتفاق معه في شأن برنامج محدد". في غضون ذلك، قدمت هيئة قيادة الحزب الموالية للترابي إقتراحات محددة الى اجتماع هيئة الشورى في الحزب المقرر نهاية الشهر الجاري، دعت الى اعتبار "نقض الدستور والخروج على النظام الاساسي" للحزب "كبائر، لا تسامح مع من يصر عليها"، في تصعيد جديد للموقف ضد البشير. وحددت القيادة مهلة شهر للعودة عن هذه المخالفات يقوم الحزب بعدها ب"عزل من يخرج عليه" و"يتخذ مواقفه الاساسية والانتخابية مستقلا عن المختلفين معه في سلام وتجنب المبادرة بالعنف والصدام". وطرح البشير مبادرته الجديدة لتوسيع دائرة الموالين له من دون أن يلزم نفسه بخطوات محددة أو بسياق مثل المؤتمر القومي الجامع أو بشروط إعلان طرابلس. وقال في تصريحات خاصة لوكالة الصحافة الفرنسية من مكتبه في الخرطوم أمس: "ندعو الى تكوين جبهة وطنية عريضة تضم معظم القوى السياسية الموجودة في الساحة ومن توصلنا الى إتفاق معهم في شأن برنامج محدد". ولوحظ أن الصيغة التي تحدث عنها البشير تشمل الحزبين الكبيرين الامة والاتحادي والاحزاب المسجلة في السودان والقوى الجنوبية التي وقعت إتفاق سلام مع الخرطوم. وسارعت مصادر في القصر الرئاسي الى توضيح أن هذه الجبهة لا تشمل "الجيش الشعبي لتحرير السودان" بقيادة العقيد جون قرنق. وتحدث البشير عن صيغة الحكم التي يقترحها فقال: "عندما يتم الاتفاق نتحدث بعد ذلك عن المشاركة في السلطة وشكلها". وزاد: "نرحب بكل القادة الموجودين في الخارج، ولا نستطيع الآن أن نتحدث بالتفصيل عن دورهم السياسي لأن هذا متروك للتفاوض". وجاء عرض البشير بعد اسبوع من فرضه حال الطوارئ وحله البرلمان السوداني. ورد الحزب الاتحادي الديموقراطي الذي يتولى زعيمه الميرغني رئاسة "التجمع الوطني الديموقراطي" على عرض البشير أمس معتبراً تن "ما يصدر عن النظام الآن في رأينا هو نتاج لطبيعة الصراع القائم، وهو شأن داخلي لسنا طرفاً فيه". وأوضح الناطق الرسمي باسم الحزب السيد عادل سيد أحمد عبدالهادي في تصريح صحافي أمس إن "الحديث عن جبهة تضمنا مع النظام محاولة للتملص وتفادي المبادرة المصرية - الليبية. لقد إعتدنا من هذا النظام أن يطلق كل يوم تصريحات جديدة نعلم أن الغرض منها هو كسب الوقت". وزاد إن "الحزب الاتحادي الذي يقود تحالفاً عريضاً هو التجمع الذي يمثل أكثر من 90 في المئة من الشعب في الشمال والجنوب موقفه ثابت ومعبر عن تطلعات شعبنا ويقوم على الحل السياسي الشامل الذي قبلت به فصائل التجمع وإعلان طرابلس. ولن يكون لنا أي حديث مع النظام قبل تنفيذ هذا الاعلان كاملا". وأضاف ان حزبه يرفض أي حل لا يشمل جميع فصائل التجمع، موضحا أن الحزب يستعد لعقد مؤتمر تداولي في النصف الثاني من الشهر المقبل لدرس التطورات. من جهة أخرى، قررت هيئة قيادة حزب "المؤتمر الوطني" تقديم مقترحات محددة الى هيئة الشورى في الحزب التي تضم 600 عضو، ويعتقد أن أنصار الترابي يحظون بالغالبية فيها. وتركز هذه الاقتراحات على أن "الدستور أساس الحكم ونقضه كبيرة لا يساوم المؤتمر عليها ويطالب بالرجوع عنها". وأضاف بيان أصدره مقرر الهيئة الدكتور ياسين عابدين وتلقته "الحياة" أمس ان المقترحات تشير ايضاً الى "ان الخروج على النظام الاساسي الذي تعاهد عليه عشرة آلاف، كبيرة لا تسامح الاجهزة القيادية من يصر عليها". وتابعت المقترحات ان "اي تعديلات مقترحة للدستور أو النظام الاساسي او بنية اجهزة المؤتمر النظامية لا تقبل الا بقرار من الاجهزة المشروعة القيادية او الشورية او المؤتمرية المختصة". ودعت قيادات المؤتمر الى "تبيان مواقفه، وحيثياتها واصولها الحقة في شأن الازمة، وذلك لكل القواعد افراداً وفئات وقطاعات وفروعاً اقليمية على الصعد كافة، ولكل الشعب، ولكل العالم". وشملت المقترحات اعتبار ان "المساعي لاصلاح ذات البين مع الذين خرجوا على الدستور والنظام الاساسي مقبولة، اما اذا اخفقت تلك المساعي وتباينت المواقف، بعد مضي شهر من هذا اليوم، فالمؤتمر متميزاً يقوم بولائه الواضح وباجهزته وعضويته الملتزمة، ويعزل من يخرج عليه، ويظل يعمل بكل اجهزته القيادية وقطاعاته ويفعّلها، ويظل يعبر عن رؤاه في الحياة العامة، ويتخذ مواقفه الانتخابية والسياسية مستقلاً عن المختلفين معه الآخرين في سلام متقياً لمبادرة العنف والصدام". وختم باقتراح لاعفاء البشير من منصب رئيس القطاع السياسي في قيادة الحزب، موضحاً "اذا تعذر الوفاق بتدابير الوساطة الى حين اجتماع مجلس الشورى 27 الجاري يرفع الى مجلس الشورى ان يفوض الهيئة القيادية ان تكلف رئيساً للقطاع السياسي".