خطان متوازيان لا يلتقيان. هكذا بدت مواقف رئيسي الطاقمين التفاوضيين الفلسطيني والاسرائيلي لمحادثات الوضع النهائي في أعقاب أول جلسة عمل "اجرائية" لهما، على الرغم من المحاولات الحثيثة للإيحاء بوجود قاعدة مشتركة. الاجتماع الذي ترأسه عن الجانب الفلسطيني الوزير ياسر عبدربه وعن الجانب الاسرائيلي السفير عوديد إران استمر ساعة وثلاثة أرباعها، وشمل تبادل خطابات افتتاحية حدد فيها كل طرف خطوطه السياسية العامة قبل أن يبحث الجانبان المسائل الاجرائية لتنظيم عمل الطاقمين خلال الايام المئة المتبقية على الموعد الذي حدده اتفاق شرم الشيخ للتوصل الى اتفاق اطار. ومن المقرر ان يلتقي الجانبان الخميس المقبل. وخلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد في نهاية الاجتماع وصف عبدربه اللقاء بأنه "تاريخي" وعقد "بروح صريحة وعملية". وهذه العبارات هي الوحيدة التي اتفق فيها إران مع نظيره الفلسطيني. والابتسامة الوحيدة التي تبادلاها أمام العشرات من عدسات التصوير العالمية والعربية والمحلية، كانت عندما وجه سؤال للوزير عبدربه عن "قنوات المفاوضات الخلفية والسرية" حينها أسر إران لعبدربه بكلمة تركت ابتسامة صغيرة على الشفاه. عبدربه قال إن "رؤية" الفلسطينيين تتمثل في وجود "دولتين تعيشان بسلام ضمن حدود معترف بها آمنة ومفتوحة". وحدد نقاط الانطلاق الفلسطينية الثلاث لمفاوضات الوضع النهائي في بداية خطابه الافتتاحي وهي: - تنفيذ قراري مجلس الامن 242 و338. - تحقيق الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وأولها وأكثرها أهمية حق تقرير المصير. - حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض ف"السلام وتشريد الشعوب لا يلتقيان، ومن دون تسوية أحد أبرز الآثار الدائمة التي خلفتها النكبة، لن يكون ممكناً الاتفاق على القضايا الاخرى". وتمثلت نقاط الانطلاق التي ارتكز إليها إران في خطابه بالتالي: - أمن "قصير وطويل الأمد" لإسرائيل. - سلام يضمن "اقتصاداً آمناً". - شراكة واحترام متبادلان. أما في ما يخص القضايا الصعبة التي رحلها اتفاق اعلان المبادئ للمفاوضات النهائية فلم تكن الهوة بين رؤى الطرفين لسبل حلها أقل سعة وعمقاً. عبدربه أكد عدم شرعية المستوطنات وذكر الاسرائيليين بالتزامهم ممثلين برئيس الحكومة الاسرائيلية السابق اسحق رابين "بعدم اتخاذ أي خطوة من شأنها أن تحدث تغييراً في وضع الضفة الغربية وقطاع غزة وان انسحاب اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران عام 1967 هو نتيجة لتطبيق القرارين 242 و338". وكأن إران أراد أن يثبت للفلسطينيين مجدداً أنه يقف على النقيض الكامل، اذ أكد بدوره أن أمن اسرائيل لا يقوم الا على أساس حدود "آمنة ومنزوعة السلاح" وأن ذلك لا يمكن تحقيقه ضمن حدود ما قبل 1967. وزاد أن "حدوداً آمنة لاسرائيل يجب أن تبقي معظم الاسرائيليين القاطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السيادة الاسرائيلية". وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس الوفد الفلسطيني أن الهدف من المفاوضات بالضرورة تنفيذ القرارين 242 و338، قال إران ان هذين القرارين يشكلان "دليلا باتجاه مفاوضات اتفاق اطار سيقودنا الى اتفاقية شاملة تضع حداً نهائياً للصراع"، لكنه أشار الى ان الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني يفسران القرارين بطريقة مختلفة. وفي شأن القدس، أكد عبدربه أن المدينة المقدسة "في قلب الصراع في الشرق الاوسط، والقدسالشرقية هي أراض احتلت عام 1967، ولا بد من التعامل معها بناء على قرارات مجلس الامن ذات الصلة، مع ضمان حق الجميع في الوصول الى الاماكن الدينية". إران أيضا تحدث عن "اثبات حساسية اسرائيل تجاه جميع الديانات وحرية العبادة"، لكنه قال أيضا ان القدس في نظر الاسرائيليين بغض النظر عن معتقداتهم السياسية "عاصمة لهم ويجب أن تبقى كذلك... موحدة ومفتوحة تحت السيادة الاسرائيلية". وفي رده على الموقف الفلسطيني في شأن عودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم، حدد إران موقف اسرائيل من هذه القضية المتمثل بأن حل قضيتهم "لن يكون داخل الحدود الاسرائيلية... وأي حل يجب أن يكون في أي مكان يقطنون فيه".