القدس المحتلة، لندن - "الحياة" - على الرغم من محاولات اسرائيل "خفض التوقعات" من قمة أوسلو المقررة غداً بين الرئيسين بيل كلينتون وياسر عرفات ورئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك، يبذل الاخير جهوداً حثيثة للتوصل الى اتفاق على جدول زمني محدد للانتهاء من محادثات "اتفاق الاطار" الخاص بالمفاوضات النهائية. ونقل عن مصادر قريبة من باراك قولها أنه "لا يتوقع من القمة حدوث انطلاقة مع الفلسطينيين في شأن التسوية الدائمة". وشددت المصادر على أن الحديث لا يدور عن "اعلان" جديد بين اسرائيل والفلسطينيين على غرار اتفاق "اعلان المبادئ" الاول الذي تمت بلورته في أوسلو قبل سبع سنوات. وكانت أنباء اسرائيلية تحدثت عن امكان اعلان باراك اقامة الدولة الفلسطينية مقابل موافقة الفلسطينيين على تأجيل مسألتي القدس واللاجئين الفلسطينيين. وقال مدير مكتب باراك للشؤون الامنية والسياسية داني ياتوم في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية أن القمة لن تتمخض عن نتائج أساسية خاصة بالتسوية مع الفلسطينيين، مشيراً الى أن هذه القمة "في الاساس لمناسبة الذكرى الرابعة لاغتيال اسحق رابين" رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق، وقال إن "لقاءات سياسية ستجرى في أوسلو، لكن لا أظن أنه سيتم وضع خطوط عريضة لأي اتفاقات". وقدرت محافل سياسية في القدس أن باراك سيتجنب وقوع مثل هذه الاعلانات في أوسلو بالذات لأنه لا يريد ربط "اتفاقاته مع أي مكان أو موقع ارتبط اسمه باتفاقات سابقة". وأشارت مصادر سياسية اسرائيلية أن باراك سيطرح منتصف كانون الثاني يناير المقبل موعداً لبدء مفاوضات مكثفة للتوصل الى اتفاق الاطار الذي نص عليه اتفاق شرم الشيخ بحلول منتصف شهر شباط فبراير من العام 2000 وذلك في معسكر للجيش الاميركي في ولاية فرجينيا الاميركية. وتراجعت الصحف الاسرائيلية عن تقارير سابقة لها تحدثت فيها عن عزم باراك عرض مسودة لاتفاق الاطار تتضمن 18 نقطة. وبدأت تتحدث عن مجرد "استعراض متبادل للمواقف" لا يتضمن مسائل ورؤى محددة للحلول الممكنة. ورأى المحلل السياسي الاسرائيلي الوف بن أن واشنطن تهدف من القمة الى دفع باراك لحلحلة الوضع الجامد الذي يسود المفاوضات مع الفلسطينيين منذ شرم الشيخ، والذي ترافق مع تصعيد هائل للتوسع الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية. ويتوجه عرفات الى أوسلو يتقاذفه مزيج من الشعور بالأمل والقلق. الامل بأن ينجح كلينتون باقناع باراك بتسريع المفاوضات وتطبيق ما وقَّع عليه حتى الآن، ولهذا السبب شدد على أن تشمل القائمة الطويلة من مرافقيه كبير المفاوضين الفلسطينيين للمرحلة الانتقالية لكي "يشكو" الى الجانب الاميركي من تقاعس اسرائيل المستمر من تنفيذ بعض بنود الاتفاقات الموقعة والتي تحمل من عام الى عام دون أن تطبق على الارض. واكد نبيل أبو ردينة مستشار عرفات قبل التوجه الى النروج تمسك الفلسطينيين بقرارت الشرعية الدولية وبأسس اتفاق اعلان المبادئ الاول ومنها قرارا الاممالمتحدة 242 و338 وضرورة وقف العمليات الاستيطانية التي تهدد بنسف العملية السلمية برمتها. ولفت أبو ردينة في تصريحات الى أن "الشعب الفلسطيني لن ينتظر طويلاً"، مشيراً الى الاجتماع المنتظر للمجلس المركزي الفلسطيني في أواخر تشرين الثاني نوفمبر المقبل والقرارات التي يجب أن يتخذها بما في ذلك قرار تجسيد اعلان الدولة الفلسطينية. في غضون ذلك، أمن باراك لنفسه الابقاء على "ماء الوجه" أمام كلينتون، اذ عين رئيساً لطاقمه التفاوضي، معلناً موعداً محدداً لبدء المفاوضات الرسمية. وفي المقابل، سيطالب العراب الاميركي بمزيد من الانتظار والصبر ليخرج "الدخان" من المفاوضات التي يجريها هو شخصياً بعيداً عن الانظار والتي يريد استكمالها في صومعة يحدد مكانها بنفسه للانتهاء منها. باراك من جهة اخرى، اعتبر باراك في مقابلة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" امس ان قمة اوسلو "مناسبة مهمة جدا لانها ستساعد على استعادة الزخم" في عملية السلام. وتمسك بسياسة الفصل بين اسرائيل والفلسطينيين، موضحا انها ستسمح بالتعاون والاحترام المتبادل والثقة والتطور الطبيعي للسلطة الفلسطينية. وتساءل: "لماذا نسيطر على واردات الكيان الفلسطيني وصادراته؟ وعندما يؤسسون كيانهم، لماذا يحصلون على اذن من حاكم البنك المركزي الاسرائيلي لتغيير سعر صرف عملتهم او اذني لاستيراد سيارة من اليابان. لسنا رعاتهم". واعرب عن احترامه ل"الدور الريادي للمستوطنين"، مشيرا الى انه "مرتبط عاطفيا بالاماكن التي يقيم فيها المستوطنون ... لكنني زعيم سياسي واقعي". ووصف الرئيس حافظ الاسد بانه "قوي وموثوق ومسؤول وزعيم مثير للاعجاب، ونحن نكن له ولسورية الاحترام الشديد، ونعتقد انه آن الاوان لتحقيق السلام الذي سيضمن مصالح الطرفين وامنهما وكرامتهما". وشدد على ثقته الكاملة بان الاسد "هو الشريك الوحيد والرجل الوحيد الذي يستطيع اتخاذ قرار السلام في سورية ... ولا اعتقد ان السلام الشامل والدائم في الشرق الاوسط ممكن من دون اتفاق سلام مع سورية". واعرب عن اعتقاده بان المفاوضات مع سورية ستستأنف في غضون الاسابيع او الاشهر القليلة المقبلة، مشيرا الى ان المفاوضات مع سورية "هي السبيل الامثل لحل مسألة الانسحاب من جنوبلبنان".