"ان طرد واعتقال قياديي حركة حماس من قبل الاردن هو جزء من التنسيق الاردني - الفلسطيني - الاسرائيلي، وجاء بهدف تلبية المصالح الاستراتيجية المشتركة لتلك الاطراف الثلاثة"، هذا ما قاله البروفيسور اشير ساسر الباحث والخبير في الشؤون الاردنية في معهد ديان في جامعة تل ابيب في سياق حديثه في ندوة خاصة عقدت في طبريا الاسبوع الماضي بمناسبة مرور خمس سنوات على توقيع معاهدة السلام الاردنية - الاسرائيلية. وشارك عن الوفد الاردني وزير المياه السابق الدكتور منذر حدادين، والبروفيسور ساسر والصحاي بنحاس عنبري والبروفيسور دان شيفتان. واضاف البرفيسور ساسر ان الملك حسين بايوائه الجناح السياسي لحركة "حماس" في عمان كان يهدف الى المس بقيادة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. ولكن بعد بدء تنفيذ اتفاق واي ريفر شرم الشيخ فان الملك عبدالله الثاني يشعر بأن وجود "حماس" ذاك يضرّ بمسألة التنسيق الامني مع اسرائيل والولايات المتحدة. وافتتح الندوة الوزير الاردني السيد منذر حدادين الذي اتهم اسرائيل بأنها لا تعمل ما فيه الكفاية لتشجيع الرأي العام الاردني لتأييده التحرك السلمي مع اسرائيل. وبعد خمس دقائق التفت الى الحضور وسأل فجأة ان كان هناك صحافيون في القاعة وعندما اعلن احد الصحافيين عن وجوده في القاعة طالبه حدادين بأن لا ينشر ما سيقوله بعد لحظات فوافق الصحافي على التو على رغم وجود صحافيين آخرين. عندها طلب الوزير حدادين من الاسرائيليين ان يكفوا عن نشر جميع التفاصيل المتعلقة باتفاق المياه بين اسرائيل والاردن وان لا يستمروا في نشر هذا الموضوع في صحفهم، قائلاً ان على هذه الصحف الا تتطرق الى كيفية حل جميع المشاكل التي كانت عالقة بالنسبة الى مسألة المياه بين الدولتين قبل ابرام الاتفاقات وبعدها لأن هذه الاتفاقات وكيفية التوقيع عليها تسبب الحرج الكبير للنظام الاردني امام الرأي العام الاردني. اما الصحافي بنحاس عنبري الذي يدير مركز ابحاث في مستوطنة موداعيم التي اقيمت عام 991 قرب القدس، وهو مركز يرأسه النائب الليكودي ميخائيل ايتان، فقد قال في سياق كلمته ان الفترة الانتقالية اتسمت بمحادثات ثنائية اسرائيلية - فلسطينية، اسرائيلية - اردنية، اسرائيلية - مصرية، اما فترة الحل الدائم فلا بد ان تأخذ طابعاً ومنحى آخرين على شاكلة اقامة تنسيق اقليمي متعدد الاطراف واقامة كتلة دول تتعاون في ما بينها على ان تشترك سورية في هذه الكتلة الاقتصادية لتكون المشرق الجديد. ويضيف عنبري: "لا اعني بالضرورة اقامة كونفيديرالية وانما اعني تنسيقاً اقليمياً وتعاوناً بين سورية واسرائيل والاردن والسلطة الوطنية الفلسطينية". وعرض البروفيسور اشير ساسر في الندوة بوضوح تصوره للنظام في الاردن وسياساته المعاصرة حيال مختلف القضايا، خصوصاً الفترة الانتقالية، من حكم الملك حسين الى حكم الملك عبدالله الثاني وقال: "على العكس مما يظنه كثيرون من ان نظام الفرد هو المهيمن في الاردن الا ان هذا النظام يرتكز في واقع الامر على ثلاثة عناصر مهمة تساند النظام وتساعد في تماسكه، واي تفكك في احدها، يؤدي الى زعزعة اركان النظام وتماسكه". وهذه الركائز حسب قوله هي: 1 - الطبقة القريبة من نظام الحكم ذات الهوية الاردنية والتي تبلورت وتماسكت منذ 75 عاماً مع النظام، وهي معنية بالحفاظ على الوضع الراهن والاستقرار في المملكة. واهم الشخصيات القريبة من الملك والتي تساعده على الحكم رئيس الديوان الملكي عبدالكريم الكباريتي ووزير المخابرات العامة سميح البطيخي، اضافة الى رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة. 2 - الجهاز العسكري والامني والمخابراتي الذي يساعد الملك على تأمين استقرار حكمه. 3 - الوضع الجيوستراتيجي للاردن ومركزيته الجغرافية كدولة بين سورية واسرائيل، وسورية، والعراق، والعراق واسرائيل، وكون النظام الدولي معنياً بدعم الاستقرار في الاردن وباستمرارية الكيان الاردني. اما عن الحل الدائم بين اسرائيل والفلسطينيين وتأثيراته على الاردن فاستطرد البروفيسور ساسر قائلاً: "ان للاردن مصلحة حيوية ومهمة في الحل الدائم تتمثل في اربع قضايا مهمة هي اللاجئون، الحدود، والمستوطنات والقدس. واضاف البروفيسور ساسر: "حسب اعتقادي حسمت قضية القدس لصالح الفلسطينيين، والنظام الاردني الحالي، على عكس نظام الملك حسين، غير معني بالقدس. وفي هذه المسألة يمكن ان يكون مرناً ويتنازل عن الكثير للفلسطينيين. اما باقي النقاط: اللاجئون والحدود والمستوطنات فلا يمكن للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ان يتجاهلا بخصوصها الاردن كون تلك القضايا الثلاث العالقة ذات تأثير في التوازن الديموغرافي للاردن سواء حلّت تلك الامور ام لم تُحلّ".