أثارت اللقاءات بين مسؤولين أردنيين وقياديين من حركة حماس في عمّان، مؤخرا، قلقا في إسرائيل، رغم أن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تتناول هذا الموضوع بتوسع. وفي محاولة لتحليل هذه اللقاءات، وصف المحلل الإسرائيلي بنحاس عنباري، في تحليل نشره "مركز أورشليم - القدس للشؤون العامة"، هذه اللقاءات بأنها "تقارب بين الأردن وحماس"، ورأى أن أسباب ذلك تعود إلى أن الأردن يعترف بتزايد قوة حماس، وفشل عملية المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول قضايا الحل الدائم التي انطلقت في مؤتمر أنابوليس، والمفاوضات بين إسرائيل وحماس حول التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، رغم أنها لم تكن مفاوضات مباشرة وإنما بوساطة مصرية، لكنها أفضت إلى اتفاق، كذلك فإن الأردن، بحسب عنباري، يتطلع إلى اعتراف فلسطيني بحدوده. وكتب عنباري أن "أحد التطورات المهمة التي بدأت مؤخرا هو التقارب المفاجئ بين الأردن وحماس. فمنذ قرابة الشهر، تجري اتصالات بمستوى أمني بين قادة الاستخبارات الأردنية وقيادة حماس". وأشار إلى احتمال قيام رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، بزيارة "تاريخية" إلى الأردن. واعتبر عنباري أنه "في خلفية التقارب بين حماس والأردن تكمن التطورات الأخيرة في الحلبة الفلسطينية، التي تشمل تصاعد قوة حماس في غزة وطرد فتح من هناك، من جهة، وتعثر المفاوضات بين إسرائيل وفتح وعدم النجاح في جَسر خلافات داخل فتح، من الجهة الأخرى". وأشار عنباري إلى أن "الأردن تابع بذهول التطورات بين إسرائيل وحماس، وفسرها على أنها مفاوضات بين جانبين بشكل لم يبقه غير مبالٍ. كذلك فإن تحمس الأردن تجاه عملية أنابوليس أخذ يخبو كلما مر الوقت وتبين عدم جدوى هذه العملية". وأضاف أن "المصلحة العليا للأردن من المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية هي تحديد صبغة فلسطينية للضفة الغربية مقابل تحديد صبغة أردنية للضفة الشرقية، بشكل يسد الطريق نهائيا على ما يصفونه في الأردن ب "الوطن البديل". ولفت عنباري في هذا السياق إلى أن "تصريح مشعل بأن حماس ستعترف بحدود العام 1967لقي ترحيباً في الأردن. لأنه هذا الأمر يعني بالنسبة للأردن أن فلسطين ستُشكّل من الضفة الغربيةوغزة ولن تدخل إلى الأردن نفسه". ومن الجهة الأخرى فإن "حماس بحثت عن كل طريق ممكنة من أجل الخروج من عزلتها. وينبغي أن نتذكر أيضا أن علاقات حماس مع مصر تراجعت بعد رفض الأخيرة فتح معبر رفح. ونتيجة لذلك فإن حماس رأت بالاتصالات مع الأردن على أنها مخرج لتجديد العلاقات مع العالم العربي". ورأى عنباري أن هناك سببا آخر للتقارب بين حماس والأردن ينبع من استئناف إسرائيل وسورية محادثات السلام غير المباشرة بينهما، والتي أثارت قلقا بالغا لدى حماس وتخوفا من أن يكون التقارب السوري - الإسرائيلي على حساب حماس، التي يتخذ قادتها في الخارج من دمشق مقرا لهم. وكتب أن "حماس رأت بالعودة إلى عمّان بديلا مرغوبا به للتوجهات السياسية الجديدة في دمشق. وحتى إنه تم مؤخراً انتخاب مؤيد بارز لحماس زعيما للإخوان المسلمين في الأردن، الأمر الذي دفع قيادة حماس في دمشق إلى الاستنتاج أن العودة إلى عمّان مفضلة الآن على البقاء في دمشق". كذلك اعتبر عنباري أن لحرب القوقاز بين روسيا وجورجيا، وعودة الحرب الباردة، تأثيراً على قرارات حماس تجاه سورية والأردن. وكتب أن "عودة الحرب الباردة من شأنها أن توقف العلاقة بين الأردن وحماس، وذلك لأن سورية سترغب في هذه الحالة بالحفاظ على مكانتها في محور طهران - موسكو. وعلى ضوء ذلك، ليس صدفة أن الرئيس السوري، بشار الأسد، توجه إلى موسكو بمجرد أن توقف القتال في القوقاز. وبالإمكان التوقع أن سورية ستسعى لإبقاء حماس في دمشق وتحاول منع التقارب بين حماس والأردن". وخلص عنباري إلى أنه "مثلما كان لسورية دور إيجابي في تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، فإنها قادرة على العودة إلى أداء دور مثيرة الخلافات، الأمر الذي قد يضع وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في خطر". المشهد الإسرائيلي