على رغم أحدث الوسائل التقنية التي لم يعد في وسع أي معرض دولي للسيارات الإستغناء عنها، لا تزال تلك المعارض مجرّد صورة مطوّرة عن الأسواق الشعبية التقليدية التي شهدت دوماً تناقل الأخبار على ألسنة أسرع من الإنترنت، منها ما يصيب ومنها ما يدخل لاحقاً في ذكريات الإشاعات "الفاشلة". كيف تحل مثلاً معضلة الصحافيين والمراقبين الذي يريدون "تزويج" فورد موتور كومباني مع بي إم ف، أو نيسان، أو هوندا، أو فولفو، أو حتى بعض منها، على رغم تكرار النفي خصوصاً من الجانب الألماني؟ لا شك في أن إنطلاق مفاوضات ديملر-بنز لشراء نحو 58 في المئة من كرايسلر كوربورايشن، من معرض أميركا الشمالية الدولي للسيارات والمعروف باسم معرض ديترويت، جعلت من المعرض الذي إفتتح للصحافة بين 3 و6 الجاري وللجمهور بين 9 و18 الجاري ساحة مفتوحة للتكهّنات الجديدة، من الولاياتالمتحدة الى آسيا وصولاً الى أوروبا. وقائع وتكهّنات تبدأ الوقائع الفعلية من الصحة المالية "للعريس": في حساب فورد موتور كومباني ما لا يقل عن 23 بليون دولار من السيولة. وفي المقابل، بينما عانت نيسان، الصانع الثاني في اليابان، من الخسائر في معظم سنوات العقد الحالي، فإن الأمر لا ينطبق تماماً على بي إم ف التي نمت مبيعاتها في 1998 الى ما فوق 700 ألف سيارة 675076 في 1997. أما فولفو فهي تبدو أشبه بوضع "المطلّقة" بعد إنسحابها من مشروع الإندماج مع رينو في 1993 الحائرة بين حرّية العزوبية... وأمان الإقتران بصانع متين يُطمئن حملة أسهمها الى المستقبل الأبعد. وذهب حتى بعض التكهّنات الى إدراج هوندا بين الماركات المرشّحة للإنضمام الى ماركات مجموعة فورد الست: فورد وميركوري ولنكولن وجاغوار وأستون مارتن و34 في المئة من مازدا أقلية غالبة تمنحها القرار فيها. وإن بدت التكهّنات في شأن هوندا مبالغة في الخيال، على الأقل مبدئياً من كان يتصوّر نشوء ديملركرايسلر قبل سنة من اليوم؟، نظراً الى صحّة الصانع الثالث يابانياً، وتوازن إنتشاره في الأسواق العالمية المختلفة، لا بد من التوقف أيضاً عند إنكار مصادر بي إم ف على أصعدة مختلفة، أي نية للإنضواء تحت لواء فورد أو فولكسفاغن أو حتى الإندماج مع نيسان كما ورد في بعض التكهّنات. صحيح أن خسائر مجموعة روفر، عقب أخيل الذي يؤلم بي إم ف مذ إشترتها الأخيرة في 1994، متوقعة في حدود 650 مليون دولار أميركي لعام 1998، ما إستدعى إعلان تسريح 2500 من ال39 ألف عامل لدى روفر في لونغبريدج في نهاية 1998 وتسريح عدد مواز في 1999، إلا أن تقارير ألمانية أخرى تشير الى توقع بلوغ أرباح ماركة بي إم ف، في معزل عن الشركات التابعة لها، نحو 9.1 بليون دولار. قد لا تكون بي إم ف في حجم "مواطنتيها" فولكسفاغن وديملركرايسلر، الصانعان الرابع والخامس عالمياً من حيث الإنتاج، لكنها ليست في أي دائرة خطر ملح، فلديها تشكيلة موديلات واسعة وناجحة، ولديها قوة ماركتها الرئيسية، بي إم ف، ولديها قبل أي شيء آخر عائلة "كواندت" Quandt التي تصر على عدم التفكير حتى ببيع أي من حصّتها 49 في المئة من بي إم ف الى أي طرف خارجي. الإشاعات لكن من يُسكت الإشاعات... وتأثيرها على قيمة أسهم الشركات، خصوصاً إذا كان "العريس" بنشاط فورد موتور كومباني، والقيّم على أموره منذ مطلع العام الجديد، اللبناني الأصل جاك نصر، يكتفي بالتعليق على كل تلك التكهّنات بقوله أن فورد ترى فوائد في ضم ماركات جديدة الى مجموعتها، لكنها ليست في حاجة ملحة الى ذلك أيضاً... قبل أن يرش بعض البهار بإضافة: "كل ما أستطيع قوله أن صناعة السيارات "صغيرة" نسبياً على المقياس العالمي، وهناك دائماً محادثات جارية مع أطراف مختلفة". وهل تؤكل الأطباق الشرقية من دون بهار وملح، وتركها "تستوي" وحدها على نار خفيفة؟