لم تكد تنتهي "خطوبة" ديملر-بنز وكرايسلر أول من أمس، تحضيراً لإندماجهما في الربع الأخير من السنة الجارية في "ديملر كرايسلر أ. جي."، حتى فتحت مجموعة فيكرز الإنكليزية نارها الإعلامية بإعلان قبولها عرض فولكسفاغن لشراء رولز رويس لقاء 4.714 مليون دولار، أي بزيادة 150 مليون دولار على "عرض" بي إم ف التي حرصت على التذكير عند تقديمه الأسبوع الماضي، بأنها ستوقف تزويد محرّكها المركّب في رولز رويس "سيلفر سيراف" الجديدة، في حال بيعت الماركة الى سواها. ووراء إعلان فيكرز إشترت رولز رويس في 1980 لقاء 38 مليون جنيه إسترليني أكثر من مفارقة، منها أولاً إعادة إهتمام الإعلام بموضوع بيع رولز رويس، بعدما تركّزت الأنوار كلّها على الخطوبة الألمانية-الأميركية. حتى بي إم ف شعرت أمس بضرورة "إعلانها"... أنها ستُعلِن الثلثاء المقبل عن المبلغ الذي ستستثمره في مصنعها الأميركي في ساوث كارولاينا لإنتاج الموديل الرباعي الدفع إي 53 إبتداء من العام 2000 نحو 200 مليون دولار، مع زيادة عدد العمال من 2000 الى نحو 2500. في الحقيقة، بعدما حيّرني "فراغ" خبر بي إم ف في "إعلان نية إعلانها" الثلثاء المقبل، أكثر من أخبار رولز رويس وفيكرز وديملر-بنز وكرايسلر وفولكسفاغن مجتمعة، إذا بسؤال يخطر في ذهني: هل يُخفي فراغ خبر بي إم ف حاجةً تشبه السعلة العُصابية البسيطة التي تخرج من حنجرة المرء أحياناً عند شعوره بالإحراج؟ ديملر-بنز فبعدما علّلَت بي إم ف النفس بتجاوز مرسيدس-بنز الماركة في إنتاج السيارات نهائياً وكان إنتاج كل منهما يناهز 500 الى 600 ألف سيارة سياحية أوائل التسعينات بضم روفر وتخطي المليون وحدة سنوياً بسرعة، إذا بديملر-بنز تدخل قطاعات لم تعرفها بي إم ف، مثل السيارات المتوسطة-الصغيرة مع "آي كلاس"، والصغيرة جداً سمارت الخريف المقبل، و"إم كلاس" الرباعي الدفع والأحدث من "رانج روفر" و"ديسكفري" في حظيرة بي إم ف، عدا عن هجمة الموديلات الرياضية الجديدة جداً لدى مرسيدس-بنز "سي إل كاي" كوبيه وكابريوليه، و"إس إل كاي" الرودستر/الكوبيه. النتيجة الأولية: أنتجت مجموعة بي إم ف 196096.1 مليون سيارة في 1997 675076 لماركة بي إم ف و521020 وحدة لروفر ولاند روفر معاً، بينما أنتجت ديملر-بنز 132.1 مليون وحدة 715 ألف سيارة سياحية و417 ألف شاحنة من الخفيفة الى الثقيلة. وبعدما نجحت ديملر-بنز في مجاراة بي إم ف وروفر مجتمعتَين، إذا بإعلان أول من أمس يكشف لبي إم ف بأن كرايسلر شرّعَت أمام ديملر-بنز أسواق أميركا الشمالية كلها نحو 15 مليون سيارة سنوياً، وليس السوق البريطانية نحو 2 مليون وحدة التي دخلتها بي إم ف من خلال روفر. صحيح أن بي إم ف تملك روفر كلياً، بينما ستملك ديملر-بنزعملياً 57 في المئة من "ديملر كرايسلر أ. جي." وستملك القرار فعلياً بعد ثلاث سنوات، عندما سيتنحى بوب إيتون، رئيس كرايسلر الحالي، من الرئاسة الثنائية الإنتقالية مع رئيس ديملر-بنز يورغن شرمب. لكن في الوقت ذاته، لا ضخامة السوق الأميركية تُقارن بالبريطانية، ولا تنوّع موديلات كرايسلر بماركاتها كرايسلر ودودج وجيب وبليموث وإيغل ولو تشابه بعضها، يُقارن بموديلات روفر ولاند روفر مجتمعتَين. وأنتجت كرايسلر العام الماضي 886981.2 مليون وحدة بين السيارات السياحية والشاحنات الخفيفة والترفيهية. وإذا بشراء بي إم ف لروفر في 1994، يتحوّل الى مجرّد خطوة أوروبية "محليّة"، بعدما دشّنت ديملر-بنز جسرها الإنتاجي الدولي بين العالمَين القديم والجديد تمثّل أميركا الشمالية نحو 30$ من أصل نحو 55 مليون سيارة مُباعة سنوياً في العالم، في مقابل 28$ لأوروبا الغربية. فولكسفاغن وجاءت المفاجأة الثانية من بريطانيا، بإعلان فيكرز قبولها عرض مجموعة فولكسفاغن. صحيح أن الصفقة لا تُقارن بما حصل وراء الأطلسي، ب"ديملر كرايسلر أ. جي." التي تخطى مجموع إنتاج الشركتَين اللتين تنويان تأسيسها، الأربعة ملايين وحدة العام الماضي، ورولز رويس التي ناهز إنتاجها العام الماضي 1800 سيارة، والمعروضة حالياً على من يزيد على 4.714 مليون دولار، مقارنة بقيمة "ديملر كرايسلر أ. جي." المقدّرة ب92 بليون دولار. لكن خطوة فيكرز لا تخلو من بعض المفاجأة لبي إم ف. فبعد شراء مجموعة روفر، أخذت بي إم ف تعتبر بريطانيا ميدانها بعض الشيء. أضف الى ذلك شراكتها مع "رولز رويس بي إل سي" في قطاع محركات الطائرات وهي جزء مستقل عن "رولز رويس موتور كارز"، ولو كان لها حق مبدئي في معارضة بيع الإسم الى شركة أجنبية، وتزويد "سيلفر سيراف" محرّكها، ليمكن تفهّم دواعي إعتبار الأخيرة أن "رولز رويس" أصبحت في جعبتها. في تلك الأثناء، لعبت فولكسفاغن لعبة مزدوجة: فور إعلان فيكرز الأسبوع الماضي قبولها عرض بي إم ف، إذا بخبر يتسرّب "صدفة" ومفاده أن فولكسفاغن تتفاوض أيضاً مع القيّمين على لامبورغيني تملكها مجموعة إندونيسية لشرائها في حال فشلها في الحصول على رولز رويس. في تلك الحالة، ستُنتج فولكسفاغن موديلاً رياضياً جديداً للامبورغيني، على قاعدة معدّلة من موديل آودي "آي 8" الفخم العالي آودي جزء من مجموعة فولكسفاغن. هل فكَّرت فولكسفاغن جدّياً بلامبورغيني، أم ناورت بها على فيكرز لإفهامها أن عرضها 150 مليون دولارأكثر من بي إم ف أعلنت فولكسفاغن نيتها في المزايدة على بي إم ف منذ الأسبوع الماضي هو عرض نهائي؟ وهل وقّتت فيكرز إعلان قبول عرض فولكسفاغن لإعادة الإهتمام الإعلامي بموضوع بيع رولز رويس إثر الإنشغال بخبر إندماج ديملر-بنز وكرايسلر ولنقل الكرة الى ملعب بي إم ف لعل الأخيرة تزيد العرض للبقاء في الأضواء بين العملاقَين الألمانيين الآخرين؟ سعياً وراء سعر أفضل قبل إجتماع مساهمي فيكرز لإتخاذ القرار في 4 حزيران يونيو المقبل؟ وأبعد من ال150 مليون دولار التي زادتها فولكسفاغن على عرض بي إم ف، لا بد من قراءة رسالتين أخريين بين سطور عرض فولكسفاغن: الأولى تتوجه الى فيكرز بتذكيرها أنها ستشتري ماركة نبيلة رياضياً إن رُفِضَ عرضها على الماركة النبيلة تقليدياً، بينما تأتي الثاني لتذكير بي إم ف ببعض المقاييس، ومنها أن فولكسفاغن لا تزال الصانع الأول أوروبياً والرابع عالمياً ستبقى فعلاً أمام ديملر-بنز وكرايسلر مجتمعتَين، ووراء جنرال موتورز وفورد وتويوتا على التوالي. بين ليلة وضحاها بعد 4 شهور من المباحثات السرية، أصبح الصانع الأميركي الثالث... ألمانياً، بينما قد تنتهي الماركة الأكثر تمثيلاً للأرستقراطية ولقيم العالم القديم... في يد شركة "سيارة الشعب" التي تشكّل إسمها في عهد أدولف هتلر! وفي المناسبة، إحتفل "الحلفاء" أمس تحديداً بالذكرى السنوية ال53 لإستسلام ألمانيا أمامهم!