سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ايران تعزز انفتاحها على العرب وتحقق "اختراقات اوروبية" وتتفادى حرباً مع "طالبان". الاغتيالات تثير الرعب في جمهورية خاتمي : مخاض عسير للاصلاح والتطبيع مع اميركا
عاشت ايران "مخاضاً" عسيراً في عام 1998 على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، كان تعبيراً عن التحول الذي تشهده وعمق التدافع السياسي بين أجنحة النظام. وأشاعت الاغتيالات اجواءً من الرعب. لكن المشكلة الكبير تمثلت في الأزمة الاقتصادية التي فاقمها الانهيار الحاد لأسعار النفط. وعلى صعيد علاقاتها الغربية نجحت ايران في تحقيق مكاسب اعتبرها بعضهم في طهران "اختراقات" في علاقاتها الأوروبية خصوصاً وبدأ الجانبان الايراني والأميركي يخطوان خطوات هادئة نحو التطبيع الذي اجج الصراع بين انصار خاتمي والمحافظين. وشكل التحسن الملحوظ في العلاقات مع السعودية والتهدئة مع العراق، تطورين بارزين في السياسة الخارجية لايران. تصفية حسابات عبر محطات عدة في 1998 احتدم الصراع السياسي بين جناحي الحكم والنظام الرئيسيين، التيار الاصلاحي الذي يقوده الرئيس محمد خاتمي وتيار اليمين المحافظ الذي اثبت انه ما زال متنفذاً بقوة في مؤسسات الدولة والنظام، ونجح في استخدام نفوذه ليحقق مكاسب. احدى المحطات كانت محاكمة رئيس بلدية طهران غلامحسين كرباستشي، ورغم ان السلطة القضائية شددت على ان كرباستشي تورط بقضايا فساد مالي واداري وتبديد الأموال العامة، فان الرأي العام تعاطى مع القضية باعتبارها تصفية حسابات سياسية بما ان عمدة طهران من رموز التيار المؤيد لخاتمي. ودين كرباستشي في نهاية محاكمة مثيرة وحُكم بخمس سنوات سجناً وحرم من الوظيفة العامة عشرين سنة. وقبل ايام خففت محكمة الاستئناف الحكم الى السجن سنتين. واستجوب المحافظون في البرلمان وزير الداخلية عبدالله نوري ونجحوا في سحب الثقة منه وعزله في حزيران يونيو. واتخذ ملف الاعلام أبعاداً مثيرة، اذ شهد صدور الصحف طفرة استثنائية ومنحت الحكومة امتيازات اصدار لنحو الف عنوان، ولكن عُطلت صحف موالية للتيار الاصلاحي، ودخل "الحرس الثوري" على الخط محذراً من "خطورة الموجة الاعلامية والثقافية الليبرالية التي تحاول تمزيق النسيج القيمي وهوية النظام". كذلك أوقف بعض الصحافيين، لكن التيار الاصلاحي شن هجوماً معاكساً ليحمي حرية الصحافة والتعبير. سبقت ذلك انتخابات "مجلس خبراء القيادة" الذي يملك صلاحية انتخاب مرشد الجمهورية الاسلامية "ولي الفقيه" وعزله. وحقق رجال الدين المحافظون فوزاً كبيراً في الانتخابات في تشرين الأول اكتوبر بعدما اقصى "مجلس امناء الدستور" معظم رجال الدين الراديكاليين المؤيدين للرئيس مبكراً. وشهدت هذه المعركة تحالفاً بين التيار المحافظ والرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. بعد اسابيع قليلة على الانتخابات، حاول انصار خاتمي حشد قواهم، وأعلنوا بداية كانون الأول ديسمبر تأسيس حزب سياسي اطلقوا عليه "جبهة المشاركة الاسلامية". لكن الصفحة الاكثر سواداً في ايران عام 1998 كانت موجة الاغتيالات التي استهدفت سياسيين ومثقفين علمانيين وليبراليين. وقتل زعيم "حزب الشعب" داريوش فروهر وزوجته وثلاثة كتّاب خلال اسبوعين، مما اشاع مناخاً من الرعب. وعلى رغم ان جماعة مجهولة باسم "فدائيان اسلام محمدي حنيف" تبنت الاغتيالات، فان احداً من المسؤولين لم يصدق اعلان التبني، وبقي الملف غامضاً. "قنبلة" التطبيع لم تمضِ سوى ايام قليلة على بدء عام 1998 حتى فجر خاتمي قنبلة سياسية في حوار اجرته معه شبكة "سي. ان. ان" التلفزيونية الاميركية، اذ اعلن تشجيعية تطبيعاً للعلاقات بين "الشعبين" الايراني والاميركي. ورحبت ادارة الرئيس بيل كلينتون بذلك، لكنها طالبت بحوار جدي لتطبيع العلاقات السياسية. وأثارت دعوة خاتمي جدلاً ساخناً داخل ايران بين مؤيد ورافض، فيما حظا التطبيع بين "الشعبين" خطوات مهمة، عكرها رشق باص لپ"سياح" اميركيين زاروا ايران بالحجارة، ورفعت ادارة كلينتون اسم ايران من قائمة الدول التي لا تبذل جهوداً كافية لمكافحة المخدرات. وشهدت العلاقات الايرانية - الأوروبية انفراجاً واسعاً، وزار رئيس الوزراء الايطالي طهران في خطوة هي الأولى من نوعها على هذا المستوى منذ الثورة، وتلاه وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الذي دعا نظيره الايراني كمال خرازي لزيارة باريس. وتقرر ان يزور خاتمي باريس وروما خلال الاشهر الثلاثة الأولى من عام 1999. كما نجحت ايران وبريطانيا في تخطي عقبة فتوى الامام الخميني باهدار دم سلمان رشدي، وقرر البلدان تحسين علاقاتهما على كل المستويات ورفع مستوى التمثيل الديبلوماسي الى درجة سفير. وكان لزيارة الرئيس الايرانيالأممالمتحدة حيث القى خطاباً اثر سياسي ايجابي وتبنت الجمعية العامة اقتراحه جعل عام 2001 عاماً للحوار بين الحضارات. كانت تلك الزيارة الأولى لرئيس ايراني منذ 12 سنة. وكاد تأزم العلاقة مع حركة "طالبان" الافغانية يؤدي الى حرب بعد مقتل 11 ديبلوماسياً ايرانياً على ايدي مقاتلين من "طالبان" في "مزار الشريف" في آب اغسطس وأجرت قوات الجيش و"الحرس الثوري" اضخم مناورات في تاريخ ايران، على طول الحدود مع افغانستان، شارك فيها 270 الف جندي. لكن طهران نجحت في تفادي حرب، وتجاوبت مع جهود الأممالمتحدة لتسوية هذه الأزمة. الانفتاح عربياً تعززت علاقات ايران مع سورية ولبنان، وتحسنت مع المغرب وتونس، وهدأت مع مصر من دون ان تنتقل الى التطبيع الكامل. وتحسنت ايضاً مع الأردن، لكن علاقات ايران مع السعودية شهدت تحسناً نوعياً. وسجل عام 1998 تطوراً في العلاقات الايرانية - العراقية وتبادل الجانبان اطلاق عدد كبير من اسرى حرب السنوات الثماني 1980 - 1988 وزار وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف طهران وبذلت ايران بصفتها رئيساً لمنظمة المؤتمر الاسلامي جهوداً للتسوية اثناء الازمات بين العراقوالأممالمتحدة، منددة بالضربات العسكرية لهذا البلد.