طهران - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - استدعى مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي كبار القادة في النظام الايراني وفي مقدمهم الرئيس سيد محمد خاتمي، لاجتماع استثنائي خصص لدرس مضاعفات اعتقال رئيس بلدية طهران غلام حسين كرباستشي المتهم ب "اختلاسات" في البلدية، ويعد من القريبين الى الرئيس الايراني. وطلب خامنئي تقريراً عاجلاً عن القضية، فيما اتهم الوزير السابق بهزاد نبوي المحافظين بالسعي الى "شبه انقلاب". واعتبر تيار بارز في اليسار الاسلامي الراديكالي المؤيد لخاتمي ان اليمين المحافظ يقف وراء "مخطط يهدف الى اسقاط الحكومة ورئيس الجمهورية" وبدأ تنفيذه بتفجير "أزمة" سياسية واعتقال كرباستشي. في الوقت ذاته أعلن نائب ينتمي الى كتلة "تجمع حزب الله" البرلمانية المؤيدة لخاتمي ان الراديكاليين وأنصار الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني يبحثون في "دعوة الشعب الى التجمع" واعلان موقف مؤيد للحكومة، في اشارة تحذير من ان الصراع سينتقل الى الشارع. واعلنت وكالة الأنباء الايرانية الرسمية أمس ان حوالى 687 رئيس بلدية في ايران أكدوا تأييدهم كرباستشي، وطالبوا خاتمي بأن يتولى التحقيق في القضية، في حين وجه وزير الاستخبارات الايراني قربنعلي نجف آبادي تحذيراً الى أنصار آية الله علي حسين منتظري الذي فرضت عليه الاقامة الجبرية بعد انتقاده "ولاية الفقيه" ومرشد الجمهورية. وتفاعلت المواجهة بين اليمين المحافظ والتيار الاصلاحي الذي يساند خاتمي في قضية بلدية طهران، علماً أن القضاء كان أمر باعتقال كرباستشي من دون تنسيق مع وزارة الداخلية. وقرر كبار القادة الايرانيين التصدي لقضية كرباستشي التي أثارت أزمة سياسية حادة في ايران واعتبر مراقبون أنها تشكل تحدياً من قبل المحافظين لعهد الرئيس خاتمي. واستدعى خامنئي ليل الأربعاء خاتمي ورئيس مجلس الشورى البرلمان علي أكبر ناطق نوري ورئيس السلطة القضائية آية الله محمد يزدي. وشارك في الاجتماع الاستثنائي لكبار رموز النظام الايراني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. ودعا خامنئي خاتمي ويزدي الى "تنسيق جهودهما" في قضية كرباستشي في اطار "احترام القانون"، وطلب تقريراً عاجلاً عن المسألة. وأفادت الصحف الايرانية ان اجتماعاً ثانياً لكبار المسؤولين الايرانيين سيعقد في غضون أيام لمتابعة المسألة. وبثت وكالة الأنباء الايرانية ان الاجتماع ليل الاربعاء عقد "لتبادل وجهات النظر" بين رؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية حول قضية بلدية طهران، وفي حضور خامنئي الذي تدخل للمرة الأولى في القضية. واعتقل رئيس البلدية السبت الماضي لاتهامه ب "الاختلاس" وتبديد المال العام وسوء الإدارة. وكتبت صحيفة "كار فاكارغار" المؤيدة لخاتمي: "يتساءل الرأي العام إذا كانت هناك اختلاسات في بلدية طهران فلماذا لم يتعامل معها القضاء إلا بعد انتخاب الرئيس خاتمي، والذي لعب فيه رئيس بلدية طهران دوراً رئيسياً". واعتبرت صحيفة "همشهري" التي تصدرها البلدية ان اليمين المحافظ لن يهدأ له بال "إلا إذا بسط هيمنته كاملة وبأي ثمن". لكن صحيفة "فاردا" القريبة الى المحافظين رأت ان المسؤولين يجب ألا يكونوا في منأى عن القانون. واعتبرت شخصيات من اليسار والتيار المعتدل ان اعتقال كرباستشي هو اعتقال "سياسي"، واتهمت السلطة القضائية التي تعتبر معقلاً للمحافظين بالعمل لاضعاف حكومة خاتمي. واتهم بهزاد نبوي، وهو شخصية يسارية ووزير سابق للصناعات الثقيلة، المحافظين بالسعي إلى تنفيذ "شبه انقلاب" و"التسبب في جو أزمة". وقال إن "اعتقال رئيس البلدية يشكل جزءاً من استراتيجية هجومية ضد الحكومة، وعلينا ان نبقى متأهبين وألا نقع في الفخ". وأشارت صحف إيرانية إلى أن السلطات القضائية "تملك عناصر اتهام كافية" تمكن من محاكمة كرباستشي "في الأسابيع المقبلة"، علماً أن الأخير تولى رئاسة البلدية لعشر سنين. إلى ذلك، أعلنت الوكالة الإيرانية أمس ان حوالى 687 رئيس بلدية مدينة وقرية إيرانية أعربوا عن مساندتهم لكرباستشي، وأوضحت أنهم بعثوا برسالة إلى الرئيس الإيراني طالبوه فيها بأن يتولى شخصياً التحقيق في القضية. وحضوا على "بذل كل الجهود للتحقيق في القضية وعدم ترك الموظفين الشرفاء مثل كرباستشي يقعون ضحية نزاعات سياسية حزبية". ووصفوا الاتهامات الموجهة إلى رئيس بلدية طهران بأنها "لا تستند إلى أساس"، واعتبروا ان كرباستشي "شخصية لامعة". قضية منتظري على صعيد آخر أفادت الصحف الايرانية أمس ان وزير الاستخبارات قربنعلي نجف ابادي وجه تحذيراً الى مؤيدي منتظري. وقال ان مجلس الأمن القومي أعلى هيئة للأمن والدفاع "سمح للقضاء بالعمل ضد الذين يحاولون اثارة مشاكل واستفزاز الرأي العام بطرح اسم منتظري". وأضاف في اجتماع عام في مدينة قم: "لا يمكن أي نظام السماح بموقف مماثل من أي كان". وكان منتظري تعرض لحملات عنيفة في تشرين الثاني نوفمبر الماضي بسبب مواقفه المعارضة للصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها خامنئي، وتردد أن مقره في قم اقتحم ونظمت تظاهرات معادية له استمرت أياماً. ونظمت مسيرات تأييد لمنتظري أخيراً في مسقط رأسه نجف اباد حيث اضرب التجار مرات. وكشفت صحيفة "جامع" القريبة الى المعتدلين ان نائباً سابقاً عن نجف اباد يؤيد منتظري حكم بالسجن ثلاثين شهراً الثلثاء الماضي. وأوضحت ان غلام حسين نادي وهو رجل دين انتخب مرتين نائباً عن المدينة في السابق، أوقف في تشرين الثاني الماضي ثم اطلق بكفالة. ولم تشر الى التهم الموجهة إليه.