"الالوان تستحوذ عليّ، لا احتاج الى ملاحقتها. ستمتلكني دائما" هكذا قال بول كلي عندما زار تونس ورسم لوحة "القيروان" في العام 1914 في ألوان فتحت عينيه على سحر الشرق وتأثير أجوائه. أعمال بول كلي لم تكن موجودة في مزاد فن المستشرقين الذي قدمته دار كريستيز اول من امس في لندن. لكن المجموعة شملت لوحات لأعلام هذا الفن. برزت أعمال المدرستين النمسوية والفرنسية، اذ بيعت لوحة "الشافي" التي رسمها لودفيك دويتش 1855-1935 بأكثر من نصف مليون جنيه، واعتبرتها الدار رقماً قياسياً لأعمال هذا الفنان الذي درس في اكاديمية فيينا، وقضى جزءا من حياته الفنية في باريس يرسم البورتريه قبل ان يتحول الى رسم المناظر الشرقية عند زيارته لمصر في العام 1890، وتتميز اللوحة باسلوب واقعي مباشر، ما يوحي ان المنظر الذي يركز على بائع اعشاب مع اطفال ونساء مرسوم في المكان في لوحة صغيرة قبل ان يعيد الفنان تنفيذها في مساحة اكبر مضيفاً إلى المنظر عناصر جديدة. وأثارت لوحة "المصرية" للهولندي كيس فان دونغن اهتماماً في المعرض الذي سبق المزاد، إلا أنها بيعت بحوالى 330 ألف جنيه، في حدود ما كان مقدراً لها. أما اللوحة التي فاجأت جمهور القاعة فكانت "جمال تركي" وتصور امرأة في ازياء تقليدية ملونة رسمتها المدرسة الفرنسية في القرن الماضي. وكان المقدر ان لا تزيد عن 15 ألف جنيه، غير انها وصلت في النهاية الى اكثر من 109 آلاف جنيه. ولا يخلو مثل هذا المزاد الذي تعتزم كريستيز ان تجعله سنوياً، من اعمال البريطاني ديفيد روبرتس 1769-1864 وكان من أوائل الفنانين الذين شدوا الرحال الى الشرق في القرن التاسع عشر بحثاً عن حيوية والوان والهام. يتجلى في لوحة "انقاض معبد الشمس في بعلبك" 298 الف جنيه شغفه بالبانورامية، فقد كان يصور المنظر وكأنه مخرج مسرحي، يؤدي التاريخ فيه دور البطولة.