المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية والاختيارية اللبنانية بدأت في محافظة الجبل أمس من دون أي حادث يذكر على رغم الاقبال الكثيف واشتداد بين الكثير من القوى السياسية التي بلغ النفور في علاقاتها درجة عالية. راجع ص2 و3 وأخذت المنافسة في الكثير من البلدات الرئيسية طابعاً سياسياً، عززه استنفار افرقاء سياسيين وحزبيين كثر لماكيناتهم الانتخابية، فسقط بحكم الواقع شعار "ابعاد عملية اختيار اللبنانيين ممثليهم في السلطات المحلية، عن السياسة". وكانت التصريحات التي تبادلها المرشحون، أو مؤيدوهم من السياسيين، والاتهامات التي حملتها عبر وسائل الاعلام، ساعة فساعة خصوصاً التلفزيونية التي قامت بالبث الحي، خذلت مطلقي هذا الشعار. فمحطات التلفزة ركزت على الاستحقاق البلدي، الى درجة اهتمامها لماماً ببرامج وأحداث اخرى، مثل زيارة العارضة العالمية كلوديا شيفر للبنان، وسباق سيارات "فورمولا - 1" اللذين لهما مشاهدون لا يقلون عن متتبعي ما يحدث في البلديات. وأجمع المعارضون والموالون على امتداح دور القوى الأمنية في حفظ الأمن فيما أصدرت قيادة الجيش - مديرية التوجيه بياناً جاء فيه، ان وحداته المكلفة حفظ أمن الانتخابات البلدية والاختيارية انتشرت منذ فجر أمس في محافظة جبل لبنان. وحصلت صدامات بسيطة بين بعض المواطنين في برج البراجنة وترشيش والوردانية وقرنايل، تدخلت على الفور قوى الجيش وأوقفت 14 مخالفا. أما الطابع السياسي لهذه الانتخابات، فلم يؤد الى الغاء القاعدة الأخرى التي تتحكم بها وهي العائلية. فاذا كانت القوى السياسية حرصت، لدى تشكيل اللوائح، على مراعاة تمثيل العائلات، فان تصرفها خلال الانتخابات بغير ما يشتهيه السياسيون بل وفق ما يفرضه التضامن العائلي في بعض الحالات، جعل حسابات الحقل لا تتفق مع حسابات البيدر، في النتائج، مما أدى الى تشطيب في اللوائح وفق حسابات محلية جداً. لكن أبرز ما شهدته هذه الانتخابات نزول العونيين في شكل علني اكثر من أي مرة وشاركوا في انتخابات كسروان وخصوصاً "عاصمتها" جونيه، وفي بعض مناطق المتن الشمالي. وشوهدت للمرة الأولى مواكب سيارة ترفع علم "حزب الوطنيين الأحرار" الذي يترأسه دوري شمعون، تنطلق على طريق الساحل، نحو الشوف، لموافاة رئيس الحزب في بلدة دير القمر حيث خاض معركة رئاسة بلديتها بالتعاون مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وزير المهجرين وليد جنبلاط. واذ صمد تعاون جنبلاط - شمعون في بعض القرى المختلطة في الجبل، بالتوافق وواجه في بعض الأحيان قوى مسيحية معارضة أخرى بعضها حليف لشمعون في السياسة العامة، كما في دير القمر وبلدة الدامور المهجرة، فان التوافق الدرزي بين جنبلاط ووزير المغتربين طلال ارسلان صمد في بعض القرى وسقط في غيرها، خصوصاً في مدينة عاليه وبلدة الشويفات الكبيرتين، فاشتغل التشطيب في اللوائح. وفي المقلب الآخر من الجبل، حيث الغالبية المسيحية، كانت أهم المعارك في جونيه بين ثلاث لوائح، اثنتان مثلتا القوى المتعارضة في قلب التركيبة الحاكمة نفسها، بين تحالف النائب رشيد الخازن والوزير فارس بويز، وتحالف النواب منصور البون، الياس الخازن وكميل زيادة، فاستفادت لائحة المعارضة الثالثة، خصوصاً التيار العوني، من ذلك وخاضت المعركة مثبتة حضورها. وفي ساحل المتن الجنوبي كانت المعركة الأبرز في طابعها السياسي، في الضاحية الجنوبية، حيث نزلت ماكينة "حزب الله" الذي يدعم لائحة في كل من بلديتي الغبيرة وبرج البراجنة، في مقابل لائحة تحالف رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع الحريري ووزير الاعلام باسم السبع والمرشح السابق الى النيابة رياض رعد. كذلك نزلت ماكينة حركة "أمل" الى الغبيرة. وصب كل من الحزب و"أمل" جهودهما على منطقة الضاحية في اطار اختبار قوة على الأرجحية ضمن الطائفة الشيعية، ستنعكس نتائجها حكماً على قوة المنافسة في الجنوب وبيروت. واستقدم الفريقان لتعزيز ماكينتهما عناصر من خارج الضاحية، فامتلأت بالشبان والشابات. واتسمت معركة الغبيرة بأنها دارت على رئاسة البلدية التي ترشح اليها عضو المجلس السياسي لپ"حزب الله" محمد سعيد الخنسا... وأشرفت قيادة الحزب مباشرة على المعركة فيما بقي الرئيس بري على اتصال دائم مع غرفة عمليات مخصصة لهذه الغاية ولازم منزله في بيروت.