بيروت - "الحياة" - قبل اسبوع على المرحلة الاولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، لم تتضح الصورة في مختلف البلدات والقرى وإن كان طابع المنافسة يطغى على كثير منها، في وقت تنشط وتيرة الاتصالات في بيروت في محاولة لبلورة طبيعة التوافق البلدي فيها، في ظل استمرار مشاورات على غير صعيد. وكان رئيس الحكومة رفيق الحريري جدد امام جمع من العائلات البيروتية، قبل أن يتوجه الى المملكة العربية السعودية، على مجموعة ثوابت تشكل الاطار العام لدعوته الى التوافق لاختيار مجلس بلدي كفي لا يخضع للتحالف القائم على المحاصصة، بين هذا الطرف أو ذاك. ونقلت عنه دعوته الى "الاقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، وعدم الدخول في عملية تشطيب لئلا يؤدي الأمر الى اخلال في التوازن. فالموضوع يجب ان يكون محور اهتمامنا لمنع حصول خلل في تمثيل الطوائف والمذاهب اللبنانية التي يتألف منها المجلس البلدي". وشدد على "عدم تسييس" المعركة البلدية، وتمنى ابعاد ما امكن من الحزبين لمصلحة انتخاب فريق من الأكفياء للمجلس يتمتع باستقلال يتيح له المضي في تطوير العاصمة وانمائها وتوفير الخدمات". ورأى ان تعزيز دور المستقلين يمنع ارتهان المجلس لأي طرف سياسي "بدءاً من رئيس الحكومة الذي يرفض دعم أي مرشح تشتمّ منه رائحة الحريري او يكون محسوباً عليه أو مقرباً منه". ولفت الى "ان اختيار مجلس بلدي مستقل سيفرض عليه تقديم الخدمات للجميع والتعاطي بالتساوي مع ابناء العاصمة"، وقال "ان هذه الثوابت تحكم المشاورات التي نقوم بها". في هذه الأثناء وجّه رئيس الحكومة السابق النائب سليم الحص نداء الى أهل بيروت دعاهم فيه الى "الاقبال بكثافة على الاقتراع والتعبير عن خياراتهم الحرة وفق معيار وحيد هو الحرص على المصلحة العامة، على أن يكون ميزانهم في الاختيار العفة والنزاهة والترفع وملكة القيادة". وناشدهم "مراعاة موجبات العيش المشترك ومقتضيات الوفاق الوطني، والترفع عن العصبيات الضيقة مذهبياً وطائفياً". وأكد انه قرر الا يكون طرفاً في معركة الانتخابات البلدية بلائحة يتبناها أو يشارك الغير في تبنيها "ليس ذلك استنكافاً، انما ضناً مني بحرية الناخب البيروتي في اختيار ممثليه، واحتراماً مني لديموقراطية العملية الانتخابية التي يجب ان ينبثق فيها التمثيل البلدي من القواعد الشعبية، ولا يملى على الناس من فوق". وتمنى الا "يزج السياسيون هذه الانتخابات في معترك نزاعاتهم السياسية صوناً للبلدية من خطر التمزق وحفاظاً على دورهم الحيوي في خدمة المجتمع بعيداً من السياسة". وفي السياق نفسه، يواصل النائب تمام سلام لقاءاته واتصالاته مع الفاعليات البيروتية بعدما كان التقى الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي نقلت عنه مصادره أن الحزب "يمارس قولاً وعملاً سياسة الانفتاح ويعقد الاجتماعات مع جميع الأطراف المصنفين على خانة المعارضة أو الموالاة، لأن ما يهمنا الحفاظ على التوازن". وأوضحت ان الاتصالات مع كل الأطراف "لا تزال نشطة وان المشاورات قائمة مع الرئيس الحريري وان كنا لم نتوصل حتى الساعة الى قرار نهائي". وكان النائب سلام قال في لقاء صحافي أمس في منزله أنه مستمر في اتصالاته لتحقيق الوفاق في بيروت، مشدداً على ضرورة اعتماد التوازن الوطني في الانتخابات. وطالب "بكف يد السياسيين حتى لا نأتي بمجلس بلدي سياسي يكون مادة جديدة للتنازع". واعلن "ان المطلوب الاتيان بمجلس بلدي اهلي مدني يعمل على انماء العاصمة وتطويرها". وأوضح انه سيلتقي قيادة "أمل" في اطار اللقاءات التي يقعدها مع مختلف المسؤولين والجهات. وفي المقابل، ينشط رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة طيران الشرق الأوسط عبدالحميد فاخوري على أمل أن يتمكن من تشكيل لائحة متجانسة يخوض على أساسها انتخابات بيروت. وتوقع في اتصال مع "الحياة" ان يتوصل هذا الأسبوع الى اعلانها. وأكد انفتاحه على الجميع، وقال "ان الحوار لم ينقطع وان ما يهمنا التعاون مع مجموعة من الشباب المستقلين". رافضاً التصنيف التقليدي المتبع في خوض المعركة على أساس انها تدور بين الموالاة والمعارضة. وأمل من المعارضة "ان تكون متفهمة دوافعه هذه". وعلمت "الحياة" ان فاخوري التقى قيادة "حزب الله" وانه "على تواصل" مع النائب نجاح واكيم وبعض القيادات الحزبية اضافة الى ممثلي "التجمع الوطني" المعارض. جبل لبنان الى ذلك، شدد نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر على "شفافية" الانتخابات في ضوء التحضيرات القائمة التي تكفل الجوانب الامنية والادارية. وكرر "حياد السلطة وعدم تدخلها"، لكنه اردف "اننا حيث نستطيع التدخل، فليس من موقعنا في الوزارة، وإنما من موقعنا النيابي، ولتأمين التوافق". ولفت الى "اهمية الرقابة الإعلامية على الانتخابات"، نافياً "وجود لوائح للسلطة وأخرى للمعارضة". وطالب، في احتفال لحزب الكتائب في المتن، المعترضين على بعض التحضيرات "بإبلاغ اعتراضاتهم الى الجهات المختصة، لكي لا يتذرعوا بها في ما بعد لتبرير فشلهم ويحمّلوا المسؤولية للحكومة". واعتبر "ان المقاطعة للإنتخابات النيابية لم تنفع البلد مرة، ولا المسيحيين". وأكد "ان الضمانات متوافرة للجميع". وعلى صعيد جبل لبنان، ارجأ رئىس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون إعلان لائحته في دير القمر، "لأسباب طرأت اخيراً نعتبرها بشائر خير"، على ان تعلن خلال يومين. ووصف تعاطي السلطة مع الانتخابات في بيروت بأنه "معيب ومرفوض ويعيد العاصمة الى الوراء عبر قوانين انتخابية شبه عثمانية". وشدد على توجه "التجمع الوطني" المعارض خوض الانتخابات والتحالف مع معارضي السلطة. وقال انه رفض مساعي لإدخال الحزب في ائتلاف مع السلطة في بيروت. ورفض المحامي ناجي البستاني الذي يدعم اللائحة المنافسة لشمعون برئاسة سليمان مرهج اي ائتلاف لا يأتي من القاعدة. وتحدث عن "خلافات تعصف" باللائحة المنافسة "من الداخل"، في حين نقل عن مرهج قوله ان ترشحه ليس تحدياً لأحد لا في الداخل ولا في الجوار. وعقد امس اجتماع بين ممثلين للوزيرين وليد جنبلاط وطلال ارسلان لتذليل عقبات عائلية وغير سياسية برزت في بعض القرى والبلدات في الشوف وعاليه تحول دون الائتلاف. وفي الضاحية الجنوبية اجتمع الوزير باسم السبع مع مسؤولين في "حزب الله" لمتابعة البحث في الائتلاف في برج البراجنة، في حين ما زال امر بلدية الغبيرة قيد البحث. وعرض الوزير ياسين جابر والنائب علي حسن خليل أمل مع السبع الشأن الانتخابي في الضاحية خلال اجتماع طويل مساء امس، في اول اتصال بين رئىس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الاعلام في هذا الشأن. وفي البقاع، قال الوزير محمود ابو حمدان أمل "لا يظنن احد اننا كتيار سياسي وكمسؤولين، في ظل عدم وجود مرشحين لنا، خارج المعركة بل نحن في قلبها. وفي حال وجود تكتلات تناصبنا الخصومة لن نقف مكتوفين لأننا لسنا جمعية خيرية ونرفض القهر ولن نكون حالاً مستقلة عن الناس". وفي الشمال تردد ان النائب عمر كرامي على وشك التوصل الى ائتلاف مع "الجماعة الاسلامية" على المجلس في طرابلس، وكان هذا الموضوع مدار بحث في اجتماع عقد مساء امس بين الطرفين، في مقابل استمرار الاتصالات بين نواب عاصمة الشمال للتوافق على لائحة منافسة. وذكر ان النائب موريس الفاضل في وارد الوقوف على الحياد لعلاقته الوثيقة ب"الجماعة". وفي الميناء، بات في حكم المؤكد تشكيل ثلاث لوائح للتنافس، الأولى برئاسة عبدالقادر علم الدين والثانية برئاسة عبدالناصر غازي مدعوماً من "الجماعة الاسلامية"، والثالثة برئاسة احمد ممتاز كبارة، وهو على تحالف مع قوى حزبية في مقدمها الحزب الشيوعي. وفي القلمون تسعى "الجماعة" الى تشكل لائحة ائتلافية مع العائلات على غرار المحاولات الجارية في بلدات قضاء الضنية الكبرى بالتفاهم مع نواب القضاء، وكذلك الحال بالنسبة الى بلدة المنية اذ ان الاتصالات نشطة بين النائب صالح الخير والنائب السابق محمود طبو. وفي البداوي، حسمت "الجماعة" خيارها وشكلت لائحة بالتوافق مع العائلات. وقال مصدر فيها ل"الحياة" انها "ستكون الأقوى". وفي زغرتا، كما في القبيات وبشرّي، تبدو احتمالات التوافق غير واردة، ويتوقع مراقبون ان ينجح تيار "القوات اللبنانية" في بشري في تسجيل انتصار بالتعاون مع العائلات، في مقابل استمرار اللقاءات بين نواب قضاء عكار في محاولة لتأليف لوائح ائتلافية. وشكلت في بلدة القبيات لائحة مدعومة من الوزير السابق مخايل الضاهر برئاسة المحامي صبري عبده. وفي الجنوب، حذرت النائبة بهية الحريري من ان تبنّي النائب مصطفى سعد مواقف "اللقاء الوطني الديموقراطي" الذي يقوده شقيقه اسامة سعد "سيؤدي الى انسحابها من المفاوضات الجارية معه لتشكيل ائتلاف في صيدا".