اغارت طائرات حربية اسرائيلية أمس على موقع لحركة "فتح - الانتفاضة" الموالية لسورية بزعامة العقيد أبو موسى في منطقة البقاع فجر أمس مما أدى إلى مقتل 11 فلسطينياً وجرح 26 آخرين. وجاء هذا التصعيد الإسرائيلي بعد يومين من زيادة وتيرة العمليات العسكرية في جنوبلبنان حيث قصفت المدفعية الاسرائيلية مناطق سكنية وأصيب مدنيون قبل ثلاثة أيام، ورد "حزب الله" بقصف صواريخ "كاتيوشا" على شمال اسرائيل ليل الاثنين. واستنكرت فرنسا الغارة الاسرائيلية، وهي الأولى من نوعها منذ "تفاهم نيسان" العام 1996. وقالت الناطقة باسم وزارة خارجيتها آن غازو - سوكريه ان "فرنسا قلقة جداً من جراء الاحداث الخطيرة التي وقعت في البقاع وأعقبت الاحداث التي شهدها جنوبلبنان وأودت بحياة مدنيين". وأضافت ان "القصف الاسرائيلي لعمق الاراضي اللبنانية يشكّل انتهاكاً لوحدة اراضي البلد، وليس في وسع فرنسا الا التنديد بهذا العمل المؤذي". ورأى السفير الاميركي ريتشارد جونز في تعليقه، بعد لقائه كلاً من رؤساء الجمهورية الياس الهراوي والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، رداً على سؤال عن اغارة الطائرات الاسرائيلية مرتين ان "ما حدث امر ذو اهمية"، سائلاً عن "أسباب وجود مخيمات فلسطينية في تلك المنطقة". راجع ص 2 وقالت مصادر لبنانية رسمية ل "الحياة" ان التصعيد الاسرائيلي، في جنوبلبنان والذي بدأ قبل أيام محط تقويم في المحادثات التي اجراها رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري في دمشق مع كبار المسؤولين السوريين أول من أمس. وتركزت هذه المشاورات على المعطيات المتوافرة لدى الجانبين عن انعكاسات فشل قمة واشنطن، بعدما اخفقت اجتماعات بين وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت مع كل من الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في لندن الاسبوع الماضي، في احداث تقدم على المسار الفلسطيني. وذكرت المصادر ان الجانبين اللبناني والسوري توقفا، استناداً الى مجموعة معطيات منها التي توافرت اثناء لقاء الحريري والرئيس الفرنسي جاك شيراك، امام سعي اسرائيل الى تحويل انتباه العالم في اتجاه آخر غير المسار الفلسطيني الذي اخذت الاختلافات في وجهة النظر بين واشنطن ونتانياهو تظهر في وضوح في شأنه. وأضافت المصادر: "من الواضح ان الجانب الاسرائيلي يريد اثارة موضوع اهتمام آخر على الصعيدين الاعلامي والسياسي لذلك عاد الى الحديث عن وساطة الامين العام للامم المتحدة في شأن العرض الاسرائيلي تنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 425، لعل ذلك يخلط الاوراق في وقت تصر الولاياتالمتحدة على احداث تطور ايجابي، يرفضه نتانياهو، في المسار الفلسطيني". ورأت المصادر اللبنانية الرسمية ان التصعيد العسكري الاسرائيلي في الجنوب "يصب في هذا الاتجاه وان غارتي الطيران الاسرائيلي امس على بلدة تعنايل في البقاع رسالة متعددة الاهداف موجهة الى الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، ان اسرائيل تنوي البقاء على تشددها". وأبدت المصادر اللبنانية الرسمية ارتياحها الى نتائج لقاء الحريري مع شيراك والى موقف الاخير اثناء لقائه الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان. وذكرت ان اتصالات اجريت مع الجانب الفرنسي بعد انتهاء اللقاء، تأكد من خلالها ان شيراك كرر لأنان ما اعلن رسمياً، في ما يتعلق بالطلب الاسرائيلي من الامين العام التوسط لتنفيذ العرض الاسرائيلي المرفوض لبنانياً وسورياً لأنه يفرغ القرار 425 من مضمونه. وأكدت ان شيراك صارح أنان بوجوب عدم الانجرار وراء مهمة غير واضحة النتائج وغير مضمونة النجاح. وأكد شيراك رغبة فرنسا في تطبيق القرار 425 في اطار حل شامل يساعد على اتفاق سلام على كل المسارات. وتحدثت المصادر اللبنانية عن حذر فرنسي وحتى أميركي حيال امكان وقوع أنان في مطبات تؤدي الى تحويل الانظار عن المساعي الدولية من اجل انقاذ عملية السلام، خصوصاً على المسار الفلسطيني. ورأت المصادر ان "تأجيل لقاء الحريري مع أنان جاء مفيداً لأنه تفادى امكان استفادة نتانياهو منه لجهة تركيز الانظار على ال425 بدلاً من الموضوع الفلسطيني". وأوضحت ان الدول الكبرى المعنية مهتمة بالمسار الفلسطيني من دون ان تنسى موضوع القرار 425، لكنها تحبذ ابقاء الاخير موضوعاً حياً، في انتظار نجاح الجهود على المسار الاول.