دخل الوضع في جنوبلبنان وعلى الصعيد الاقليمي مرحلة جديدة امس بتبني الحكومة الاسرائيلية قرار مجلس الامن الرقم 425 وذلك للمرة الأولى منذ صدوره قبل عشرين عاماً. وقرنت إسرائيل خطوتها بالدعوة الى ترتيبات أمنية، ومفاوضات مع الحكومة اللبنانية من أجل التنفيذ، الأمر الذي رفضه لبنان مجدداً، لتناقضه مع نص القرار. راجع ص2 وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو للصحافيين ان المصادقة على قرار مجلس الامن تم "بالاجماع وبموافقة جميع الوزراء". وأضاف "ان هذا يعني ان اسرائيل تعلن رسمياً للمرة الاولى وبأسلوب منظم وبتفاصيل شاملة عزمها وإصرارها على مغادرة لبنان في وجود الترتيبات الأمنية اللازمة". وشدد نتانياهو على أنه "جدي" هذه المرة ومستعد "لمفاوضات طويلة" مع الحكومة اللبنانية وأنه لا يسعى الى "خلق مواجهة مع المصالح السورية في لبنان". وتابع انه سيتصل شخصياً بالأمين العام للامم المتحدة كوفي انان لابلاغه قرار اسرائيل وستشرع الحكومة الاسرائيلية في اتصالات مع "كل العناصر المعنية" التي في امكانها الاسهام في تطبيق القرار الدولي. وسبق اجتماع المجلس الوزاري المصغر امس زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي لجنوبلبنان اول من امس واطلاعه قائد "جيش لبنانالجنوبي" أنطوان لحد على خطة الحكومة الاسرائيلية في شأن الانسحاب من "الشريط" الذي تحتله منذ 1985. ولم يخف مسؤولون اسرائيليون شكوكهم في امكان التوصل الى اتفاق مع الحكومة اللبنانية من اجل تطبيق القرار 425 في غياب اتفاق سوري - اسرائيلي أولاً. وعوّل بعضهم على امكان وضع ضغوط دولية على سورية بهدف الحصول على عدم ممانعتها في التوصل الى اتفاق امني بين اسرائيل ولبنان واتمام انسحاب اسرائيل من جنوبلبنان قبل التوصل الى معاهدة سلام معه. وصرح نائب وزير الدفاع الاسرائيلي سيلفان شالوم انه يأمل في ان "تتمكن ضغوط دولية على كل من لبنان وسورية من تمكين اسرائيل من سحب قواتها" من الجنوباللبناني. وقال شالوم: "السوريون قالوا طوال سنوات انهم دخلوا لبنان لمنع التوسع الاسرائيلي أو لحماية اللبنانيين وأنهم سيرحلون برحيل اسرائيل. وانتفت حجتهم الآن لأننا حين نريد الرحيل هم لا يريدون الرحيل ويريدون الربط بين اي انسحاب اسرائيلي وبين الاتفاق على ترتيبات في شأن الجولان". وأعلن مصدر في رئاسة مجلس الوزراء في اسرائيل في وقت لاحق ان نتانياهو طلب مساعدة الاممالمتحدة لتطبيق خطته للانسحاب من جنوبلبنان. وقال المصدر نفسه ان نتانياهو اتصل هاتفياً بالامين العام للامم المتحدة كوفي أنان "لاطلاعه على قرار الانسحاب والحصول على دعم الاممالمتحدة للمبادرة الاسرائيلية". وأعلن منسق الانشطة الاسرائيلية في لبنان أوري لوبراني انه "اذا رفض لبنان ما اعلناه فسيكون ذلك بمثابة مأساة". وقبيل صدور القرار الاسرائيلي كان الرئيس اللبناني الياس الهراوي الذي يزور دولة الامارات العربية المتحدة، اعلن رداً على سؤال: "فلينسحبوا... من دون تفاوض". واعتبر ان عناصر "جيش لبنانالجنوبي" الذين اعتبرهم البيان الاسرائيلي جزءاً لا يتجزأ من تطبيق القرار 425، بأنهم "خارجون على القانون". وقال الهراوي في كلمة ألقاها عصر امس خلال تدشين مبنى السفارة اللبنانية في أبو ظبي: "نحن امام مرحلة تحتاج الى تحرك ديبلوماسي لبناني وعربي استثنائي لوضع حد للمراوغات الاسرائيلية ولتأكيد حقنا في ارضنا وارادتنا لتحقيق السلام العادل والشامل". وأضاف متجنباً التعليق المباشر على القرار الاسرائيلي: "لبنان بما اعطى العالم قديماً وحديثاً لا يستحق ان يجري التعامل مع حقه من باب المناورات حيناً او من باب التغاضي عن حقه في معظم الاحيان او من باب التشبث بالاعتداءات اليومية على أهله وقراه، اننا نقول للجميع ماذا يبقى من حق للقوي اذا لم يشكل قوة للحق. اننا مع كل تضامن عربي من اجل اقرار الحقوق وصون الكرامة، ولا يمكن لإسرائيل ان تجر المنطقة الى تعطيل عملية السلام واما الى فرض الاستسلام، معاذ الله". اما رئيس المجلس النيابي نبيه بري فأبلغ عدداً من النواب في اطار لقائه الاسبوعي معهم، ان القرار الإسرائيلي "بيان لخطة سياسية تستهدف التمهيد لاعتداء اسرائيلي على الجنوب". وهو ما دأب بري على تحذيره منه منذ فترة. وكان القرار الاسرائيلي، مدار بحث بين رئيس الحكومة رفيق الحريري والرئيس حافظ الاسد، وكبار المسؤولين السوريين في دمشق امس. واجتمع الاسد مع الحريري حوالى ثلاث ساعات، بعد محادثات أجراها أول من أمس وأمس مع نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام وعدد من كبار المسؤولين السوريين. وقال الحريري إن الخطة الاسرائيلية القاضية بالانسحاب الاسرائيلي من لبنان في مقابل ترتيبات أمنية خروج على منطق القرار 425. ودعا نتانياهو إلى البدء في مفاوضات مع لبنان وسورية من حيث انتهت المحادثات السابقة توصلا الى سلام عادل وشامل، لأنه وحده الكفيل بتأمين الامن والاستقرار لجميع دول المنطقة. وأضاف ان "اسرائيل تتصرف كأن القرار 425 يعطيها حقوقاً على لبنان علماً ان نص القرار يعطي لبنان حقاً في انسحاب اسرائيل غير المشروط من الاراضي اللبنانيةالمحتلة". وكرر الحريري استعداد لبنان وسورية لتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل في غضون 3 أشهر اذا انسحبت اسرائيل من الاراضي اللبنانيةالمحتلة ومن الجولان حتى حدود الرابع من حزيران يونيو 67. وشدد على تلازم المسارين اللبناني والسوري. وعلق قائد "الجنوبي" اللواء لحد ان "ما ورد في القرار الاسرائيلي لا يحمل شروطاً انما الترتيبات الامنية موجودة في القرارين 425 و426. واعتبر ان ما ورد في هذين القرارين يخول الوحدات اللبنانية في الجنوب بمساعدة الجيش اللبناني ان تكون فاعلة لضمان الامن". ورأى ان "ما اتخذ امس هو لمصلحة لبنان واسرائيل على حد سواء". لكنه رأى ان "الحكومة اللبنانية لن تعمل على تنفيذ هذا القرار لأن زمام الأمور ليس في يدها". في نيويورك، علق الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة على القرار الاسرائيلي وقال ان كوفي انان "يرحب كما اوضح اثناء وجوده في المنطقة، بتنفيذ كل قرارات مجلس الأمن. وهذا بالطبع يشمل القرار 425". وكان أنان، اعتبر اعتزام المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغّر اتخاذ موقف يؤكد القرار بالانسحاب، "تطوراً مهماً". وقال ان "لغة القرار 425 واضحة جداً" اذ انها تطالب اسرائيل بالانسحاب وتسليم الجيش اللبناني مهماته حتى الحدود الدولية. وتعمد انان اثناء توقفه في اسرائيل القول ان "الحكومة اللبنانية فعالة والجيش قدير". وجددت فرنسا امس دعوتها اسرائيل الى تطبيق القرار 425 من دون "أي شرط او مهلة". وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن غازو - سوكريه ان اعتراف اسرائيل بهذا القرار يشكل "بادرة ايجابية" تندرج في "الاطار الصحيح"، لكنها اكدت ان "السلام الدائم لا يمكن ان يتحقق الا نتيجة نهج شامل تشارك فيه اسرائيل ولبنان، وأيضاً سورية". وفي لندن، رحب الناطق باسم الخارجية البريطانية بپ"استعداد" اسرائيل لتنفيذ القرار 425. وقال: "نأخذ ما اعلنه الاسرائيليون في هذا الشأن مأخذ الجد، ونحاول معرفة المزيد عن تفاصيل هذا العرض الاسرائيلي".