انتقل الصراع بين التيار المؤيد للرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي وبين اليمين المحافظ إلى الشارع أمس. وفرقت الشرطة الإيرانية بقنابل مسيلة للدموع طلاباً احتشدوا أمام جامعة طهران احتجاجاً على اعتقال رئيس بلدية العاصمة غلامحسين كرباستشي وتأييداً لخاتمي، فيما حدثت صدامات في الجامعة بين مؤيدي حكومة خاتمي وأنصار "حزب الله" أوقعت جرحى، واعتقل بعض الأشخاص. وأفادت وكالة "فرانس برس" ان خمسين شرطياً يرتدون الخوذات ويحملون الهراوات انهالوا بالضرب على مجموعة من 300 طالب احتشدوا أمام جامعة طهران احتجاجاً على اعتقال رئيس بلدية العاصمة. وتفرق الطلاب بعدما ألقى رجال الشرطة قنابل مسيلة للدموع، واغلق تجار في شارع "انقلاب" أبواب متاجرهم. وكادت قاعة الاجتماعات الكبرى في وزارة الداخلية تكون مسرحاً لصدامات لولا تدخل المسؤولين، فيما كانت النائبة فائزة هاشمي رفسنجاني تلقي كلمة تأييد لكرباستشي الذي اعتقل بأمر قضائي أخيراً لاتهامه بالضلوع في "اختلاسات" في بلدية طهران. ورفع بعض الحاضرين شعارات تطالب بالموت لكرباستشي. وعقد مجلس الشورى الإسلامي البرلمان جلسة مغلقة أمس استمرت بضع ساعات لمناقشة قضية اعتقال رئيس بلدية طهران، وتعرّض وزير الداخلية عبدالله نوري لانتقادات حادة من النواب المحافظين الذين اتهموه بأنه حوّل الوزارة إلى "منبر حزبي". وهاجم نواب منح وزارة الداخلية ترخيصاً للطلاب لتنظيم تجمع طالبي وشعبي بسبب الأزمة الراهنة. لكن النواب المؤيدين للحكومة حمّلوا السلطة القضائية مسؤولية الأزمة و"التصعيد" و"التوتر الشعبي". وشددوا على أن متابعتها ملف بلدية طهران "شابتها مخالفات وتجاوزات قانونية صارخة، لا تليق بمكانة القضاء في الجمهورية الإسلامية". ووصفوا ما يجري بأنه "تصفية حسابات سياسية بواجهة قضائية". ودعا نواب آخرون إلى وضع حد للأزمة واطلاق كرباستشي. ونفى وزير الداخلية ما وُجه إليه من اتهامات، موضحاً ان البلدية تابعة لوزارته وأنه معني بصورة مباشرة بقضية كرباستشي. ولم يخف "القلق والاستياء"، مؤكداً أنه "ملتزم القوانين وتنفيذ سياسة الحكومة". وكان الاتحاد العام لاتحادات جامعات إيران الراديكالي المؤيد لخاتمي دعا إلى تجمع شعبي أمام جامعة طهران، ثم تراجع بعدما دعت الحكومة إلى "الهدوء حفاظاً على السلم الاجتماعي". لكن طلاباً مستقلين تجمعوا بصورة عفوية أمام الجامعة أمس. وقال بعضهم ل "الحياة" ان الهدف "لم يكن تنظيم تجمع احتجاجي بل التجمع للانطلاق إلى وزارة الداخلية"، التي نظمت مهرجاناً ومعرضاً تأييداً لكرباستشي راجع ص 4. وما لبث التجمع الطالبي أن ضم حوالى ثلاثة آلاف شخص وكانت الاجواء هادئة حتى تدخل نحو ثلاثين من أنصار "حزب الله" رافعين شعارات معادية لكرباستشي تطالب بالموت له. وردد الحشد شعارات مؤيدة لخاتمي والحرية، ومنددة ب "الفاشيين". وتطور الأمر إلى مناوشات وصدامات، وأكد شهود أن الفتيات نلن نصيبهن من العنف، وجرح أشخاص. وأعرب مؤيدو خاتمي عن استيائهم من قوات الشرطة التي "قدمت الحماية" لأنصار "حزب الله"، علماً أن هذه القوات لا تخضع لأوامر وزارة الداخلية. مهرجان في الداخلية وفي قاعة الاجتماعات الكبرى في مقر الوزارة نظم مهرجان تأييد لكرباستشي تحت عنوان "طهران اليوم"، عرضت فيه "انجازات" البلدية خلال السنوات الأخيرة. والقيت كلمات، وتحدثت النائبة فائزة هاشمي فانتقدت السلطة القضائية بشدة، واتهمتها بمجافاة الحياد في تعاطيها مع ملف البلدية. وشددت على أن الموضوع "سياسي"، وانتهزت وجود الحشود لتقوم بدعاية لتيار "كوادر بناء إيران" أنصار رفسنجاني الذي يعد كرباستشي عموده الفقري. واعتبرت ان هذا الملف "غير عادي بدليل ان القائد مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي جمع رؤساء السلطات الثلاث ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام لمناقشة القضية وذلك للمرة الأولى منذ الحرب مع العراق مما يؤكد اهمية هذه المسألة وخطورتها". وحملت بعنف على الجهات القضائية المسؤولة عن متابعة القضية منتقدة عدم السماح لمحامي كرباستشي بلقائه. وقوطعت فائزة هاشمي بالتصفيق ولكن عندما انهت كلامها رفع بعض الحاضرين شعارات "الموت لكرباستشي"، و"يجب اعدام من يسرق من بيت مال المسلمين". ورفع آخرون شعارات مضادة مؤيدة لخاتمي ومنددة بپ"الطالبان اعداء الحرية". وهجم شبان على مجموعة من الاشخاص تردد انهم من انصار "حزب الله" وكادت تحصل مواجهة عنيفة، لكن الاحتكاك اقتصر على مناوشات بعدما تدخل منظمو المهرجان بسرعة لتطويق التوتر.