أكدت صحيفة "كيهان" المسائىة التابعة لمكتب مرشد الجمهورية الاسلامية، امس، ان محكمة الاستئناف ايدت جوهر الحكم الابتدائي الذي صدر ضد رئيس بلدية طهران الموقوف غلامحسين كرباستشي، ودانته محكمة الأستئناف بالتهم التي وجهت اليه وهي "الاختلاس وتبديد الأموال العامة". لكنها خففت العقوبة من خمس سنوات سجناً الى سنتين، ومن عشرين سنة إقصاء عن الوظيفة العامة في الدولة الى عشر سنوات، واستبدلت الستين جلدة بغرامة مالية. وأمام كرباستشي فرصة جديدة لعدم تنفيذ العقوبة برفع القضية أمام المحكمة العليا. وكانت محكمة الاختلاس الكبرى التابعة لمجمع الإمام الخميني القضائي دانت كرباستشي الصيف الماضي في نهاية محاكمة علنية مثيرة شغلت الرأي العام المحلي والأوساط السياسية المختلفة في البلاد. ويعتبر قرار محكمة الاستئناف مفاجئاً لبعض المراقبين ومتوقعاً لدى أوساط سياسية مطلعة. اما المتفاجئون فانطلقوا من نقطتين اساسيتين: الأولى اقتناعهم منذ اندلاع الأزمة واجراء المحاكمة الأولى بأن عمدة طهران بريء من التهم الموجهة اليه وان القضية بكاملها ليست سوى تصفية حسابات سياسية، اذ ينظر الى السلطة القضائية على انها خاضعة لنفوذ التيار المحافظ، ولأن كرباستشي يعتبر من الوجوه البارزة في ما بات يطلق عليه بالتيار الاعلامي المكثف حول الرئيس سيد محمد خاتمي، فإن البعض نظر الى المحاكمة على انها جزء من معركة سياسية يقودها المحافظون ضد رموز التيار الاصلاحي، وكان أحد ضحاياها، الى عمدة طهران، وزير الداخلية المخلوع عبدالله نوري الذي عزله البرلمان الصيف الماضي. اما النقطة الثانية التي اعتبرها المتفاجئون مدخلاً للبراءة، فهي التحالف الموضوعي الذي قام بين اليمين المحافظ وحزب "كوادر البناء" المعروف بحزب انصار الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني في انتخابات مجلس خبراء القيادة في تشرين الأول اكتوبر الماضي، علماً بأن كرباستشي هو الأمين العام لهذا الحزب. ومعلوم ان الائتلاف الحكومي الذي يقوده خاتمي يضم انصار رفسنجاني والاسلاميين الراديكاليين. وبما ان هؤلاء لم يشاركوا بفعالية في استحقاق الخبراء على خلفية ما اعتبروه اقصاء من جانب المحافظين المتنفذين في المجلس الدستوري لمعظم المرشحين الراديكاليين، فإن المراقبين المتفاجئين والمتفائلين بتبرئة كرباستشي اعتبروا ان ذلك التحالف الموضوعي سيشفع لرئيس بلدية طهران. أما الأوساط التي كانت تتوقع تأييد محكمة الاستئناف للمحكة الايرانية، حتى وان خفف الحكم، فإنها انطلقت من اقتناع بأن البراءة ستشكك كثيراً في مصداقية الاجهزة القضائية ولا سيما رموزها، مع العلم ان القاضي الذي حكم في البداية على كرباستشي وهو حجة الاسلام غلامحسين محسني ايجي، عينه مرشد الثورة آية الله علي خامنئي الاسبوع الماضي رئيساً لمحكمة رجال الدين، وهو منصب رفيع المستوى وذو حساسية. وبالتالي، فإن طعن محكمة الاستئناف في جوهر حكم المحكمة الابتدائية ستكون له آثار سلبية في نظر رجال القضاء على سمعة السلطة القضائية ذاتها. كما ان الأوساط التي توقعت تأييد الحكم ترى بالفعل بأن كرباستشي مذنباً، اما ادارة المحافظين للمعرمة السياسية مع تياره، من خلال القضاء فلا تلغي حقيقة انه مذنب، في نظرها. وأياً كانت التحليلات، فإنها لا تنفي حقيقة ان عمدة طهران ادين ثانية، وهو ما سيؤثر سلباً على دوره في النظام والنشاط السياسي. ويعتبر الحكم في جوهره طعنة لرفسنجاني وانصاره في المقام الأول، ثم الى التيار الاصلاحي عموماً.