قالت مصادر سياسية قريبة من إيران ل "الحياة" ان السفير الايراني السابق في بيروت همايون عليزاده، الذي يشغل حالياً منصب مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الايرانية، يقوم بمسعى من اجل تبريد المواقف السياسية والحؤول دون انعكاسات سلبية لقضية قائد "ثورة الجياع"، الشيخ صبحي الطفيلي بعدما أحالتها الحكومة اللبنانية على المجلس العدلي. وأوضحت أن عليزاده الذي كان رافق رئىس مجلس الشورى الايراني البرلمان علي اكبر ناطق نوري في زيارته لسورية ولبنان وبقي في بيروت، يعقد سلسلة اجتماعات ولقاءات مع عدد من القيادات الشيعية "بهدف استكشاف امكان قيام طهران بمسعى او بطرح افكار مخارج يحفظ الحد الأدنى من التماسك ضمن الصف الشيعي اللبناني، يقضي بتجميد التصعيد في المواقف من كل الجهات التي تبادلت الاتهامات في شأن المسؤولية عما حصل، لا سيما بين بعض انصار الطفيلي وحزب الله". ورفضت المصادر الافصاح عن طبيعة ما يسعى اليه عليزاده، عملياً، مشيرة الى ان همّ طهران، وبالتنسيق مع سورية "ان يتم وضع قضية الطفيلي في براد الحل حتى يلعب الوقت دوره في امتصاص الخلافات التي نجمت عنها وحال التنافس الشيعي الذي حصل بين الافرقاء "حزب الله" و"حركة أمل" والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى والعلاّمة السيد محمد حسين فضل الله ... وغيرهم على كسب الموقف في البقاع خصوصاً بعدما أدّت الاشتباكات التي وقعت الى مقتل النائب السابق الشيخ خضر طليس". وأضافت المصادر "ان الهدف الايراني انهاء الاجواء الناقمة في بعض الاوساط تحت شعار ان المنطقة تمرّ بظروف حرجة والوضع الاقليمي دقيق في ظل الاصرار الاميركي على توجيه ضربة للعراق، ويتطلب وحدة الصف وعدم التلهي بخلافات جانبية، مشيرة إلى أن عليزاده يتمتع بعلاقات شخصية واسعة في لبنان وصاحب خبرة عميقة في الملف الشيعي ويحرص على علاقة الدولتين الايرانيةواللبنانية". هل يعني هذا المسعى تجميد الملاحقة القانونية وإحالته على المجلس العدلي التي اعترض عليها معظم الافرقاء الشيعة، خصوصاً "حزب الله" و"حركة أمل"؟ المصادر السياسية المقرّبة من ايران قالت ل "الحياة" ان جهود عليزاده الذي تسلم الملف من السفير الايراني في دمشق حسن أختري، تتوخى عدم التسبب بحساسية مع الحكومة اللبنانية والحرص على الجيش اللبناني الذي تعاطى مع قضية الطفيلي بجدية تحفظ الاستقرار الامني وكان يقظاً في سلوكه... كما انه يرمي الى التوصل لمخرج لا يكون على حساب أي من الافرقاء الشيعة الرئيسيين، خصوصاً حزب الله، الذي كان فصل الطفيلي من صفوفه". وعلمت "الحياة" ان عليزاده التقى الامين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصرالله لهذا الغرض، ورجّحت مصادر مطلعة ان يكون التقى رئىس المجلس النيابي نبيه بري. وتبذل طهران هذه الجهود، في وقت تتواصل جهود لبنانية رسمية اخرى من اجل معالجة الخلافات السياسية بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، حيال صرف المبالغ المخصصة للمشاريع الانمائية في البقاع وعكار بقيمة 150 بليون ليرة. وعلمت "الحياة" ان الاول يصرّ على صرف حصة البقاع من هذا المبلغ، من اجل استيعاب النقمة التي نجمت عن ضرب حركة "ثورة الجياع" التي قادها الطفيلي، والثاني كان ربطها بخطة لإنماء المناطق المحرومة كافة. وأوضحت المصادر ان الحريري ابدى ليونة حيال مبدأ صرف مبلغ ال 150 بليون ليرة من دون ربطها بخطة شاملة، لكن وساطات تدور بين الرجلين في شأن أوجه صرف المبالغ المخصصة للبقاع يتولاها نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر الذي التقى كلاً منهما اول من امس لهذا الغرض وتوصل الى نتائج ايجابية. ويستحوذ الوضع في البقاع على اثر الاجواء السياسية المحمومة التي نجمت عن ضرب ظاهرة الطفيلي، باهتمام القوى المعنية الى درجة ان قيادة "حزب الله" عقدت اجتماعات مكثفة لكوادر الحزب ولقياداته من اجل وضع توجه لترميم علاقاته البقاعية بعد الذي حصل وتقويم سبل التعاطي مع الوضعين الشيعي والعشائري هناك. ومن مظاهر الاجواء المحمومة سياسياً، صدور عدد من البيانات تحمل لهجة متعاطفة مع الشيخ الطفيلي، ترسل الى الصحف بالفاكس، بعضها موقع أبناء شهداء الحوزة الدينية مثلاً وبعضها غير موقع. وتلقت "الحياة" امس احد هذه البيانات غير الموقعة وفيه رواية لحادث الاشتباك في الحوزة الدينية في بعلبك بين الطفيلي وأنصاره والجيش وحمل الرقم 6. ووصف البيان اشتباك بعلبك بأنه "مؤامرة الإبادة والتصفية". واتهم البيان احد عناصر "حزب الله" بالاسم بإطلاق النار خارج الحوزة على الشيخ خضر طليس وضابط الجيش "فأرداهما قتيلين... عندها تفجر الوضع...". واتهم البيان الحكومة اللبنانية بالتواطؤ مع "جهات ايرانية تعمل في اطار تحالف غير مقدّس لتصفية ثورة الجياع... فهي غير راضية عن استقلالية حركة الطفيلي...".