أحكم الجيش اللبناني قبضته على مسرح العمليات العسكرية في منطقة البقاع امس وحسم الوضع الامني فيها بعد اقل من 24 ساعة من الاشتباكات التي دارت بكل انواع الاسلحة بين وحدات منه وأنصار الشيخ صبحي الطفيلي، اثر دخول الاخير وأنصاره الحوزة العلمية التابعة لپ"حزب الله" في محلة بورضاي في منطقة بعلبك ورفضهم الخروج منها. وأدت الاشتباكات التي دارت على مدى خمس عشرة ساعة متواصلة الى سقوط ثمانية قتلى وفق احصاءات رسمية وأكثر من 50 جريحاً وثمانية عشر قتيلاً بحسب مصادر انصار الطفيلي، من بينهم ضابط في الجيش اللبناني برتبة ملازم اول اسمه جان الياس وهبي والنائب السابق الشيخ خضر طليس الذي انشق عن "حزب الله" والتحق بالشيخ الطفيلي على اثر اطلاق الاخير "ثورة الجياع". وكان الجيش اللبناني الذي فرض سيطرته واستعاد الحوزة العلمية التي احتلها الشيخ الطفيلي وأنصاره بعد اشتباكات عنيفة اوقعت اربعة قتلى وعدداً من الجرحى اضافة الى توقيف 14 آخرين وحصول أضرار مادية جسيمة فيها واحتراق العديد من السيارات في محيطها، اتخذ اجراءات امنية كثيفة واستثنائية لا سيما في محيط بلدة بريتال في عملية بحث واسعة النطاق طاردت وحداته المسلحين من انصار الطفيلي والمشاركين في اطلاق النار على الجيش والمدنيين في جرود بريتال وطليا والطيبة ذات الهضاب والتلال الوعرة اذ كانت تسمع بين الحين والآخر اشتباكات متفرقة في هذه المنطقة استخدمت فيها الاسلحة الرشاشة الخفيفة، وذلك بعدما تمكن الطفيلي وبعض مرافقيه من مغادرة الحوزة ليلاً بعد عمليات قصف مكثفة ومدروسة قام بها انصاره في بريتال والتلال المجاورة استهدفت محيط الحوزة تغطية لفراره ولجوئه بعدها الى بلدة بريتال التي عاد وخرج منها مع عدد من مرافقيه الى مكان مجهول وفق مصادر عائلات البلدة. وكانت عمليات الدهم والتفتيش بدأت صباح امس بعدما اصدرت النيابة العامة العسكرية استنابات بلاغات تحرٍ وبحث عن الشيخ الطفيلي فتم اقتحام منزل الاخير في دورس القريبة من بعلبك حيث يملك منزلاً فيها وصودرت منه اسلحة وذخائر متنوعة وممنوعات اضافة الى مصادرة اجهزة الاذاعة الناطقة باسم الطفيلي. وفيما اشارت وكالة "فرانس برس" الى ان الجيش قصف منزل الطفيلي في دورس بمدافع الدبابات ونقلت عن احد انصاره قوله ان جزءاً من المنزل دمر في حين اجتاح حريق الجزء الباقي، افادت مصادر امنية ان ما يقارب عشرة مسلحين من انصار الطفيلي كانوا يتولون حراسة منزله اطلقوا النار على قوة من الجيش كانت تتقدم في اتجاه المنزل لاعتقال الفارين. وفي حين قال شهود عيان ان الجيش اعتقل خلال عملياته العسكرية العشرات من انصار الطفيلي وسط قصف متقطع في الساعات الاولى من الصباح، قال مواطنون انهم رأوا قذائف تسقط على تلة ثكنة الشيخ عبدالله وهي كبرى ثكنات الجيش اللبناني في المنطقة. وذكرت مصادر امنية ان الجيش اوقف العديد من انصار الطفيلي بعد مقاومة محدودة في بعض المناطق عدا مجموعات استسملت مع اسلحتها المختلفة الخفيفة والمتوسطة الى وحدات الجيش التي تقوم بمهمتها في المنطقة. وحصلت معظم عمليات التوقيف في مناطق بريتال وأطراف دورس وطليا وعين بورضاي، ومن بين الموقوفين اقرب المعاونين للشيخ الطفيلي. الادعاء على الطفيلي وكانت النيابة العامة العسكرية اصدرت صباحاً بياناً اعلنت فيه انه "عقب الاحداث التي وقعت في محلة بورضاي - بعلبك ومحيطها والاعتداء الذي استهدف السلم الاهلي والقوى الامنية في تلك المحلة، اصدرت الى الاجهزة الامنية المختصة استنابات وبلاغات بحث وتحري عن الشيخ صبحي الطفيلي وبقية الاشخاص الفاعلين والمحرضين الذين اقدموا في تاريخ 30/1/1998 وفي امكنة متعددة على تأليف مجموعات مسلحة بقصد الاعتداء على الناس والتعرض للسلطات المدنية والعسكرية وعلى قطع الطرقات العامة وعلى اطلاق النار من اسلحة حربية خفيفة ومتوسطة على القوى الامنية العاملة على توطيد الامن واعادة السلم الاهلي والهدوء الى تلك المنطقة ما ادى الى وقوع قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين وهي الجرائم المنصوص عنها في المواد 335 و549/201 من قانون العقوبات و72 في قانون الاسلحة المعدل. وطلبت النيابة العامة العسكرية سوق الفاعلين والمحرضين اليها فور العثور عليهم وايداعها النتيجة بالسرعة الممكنة. وأعلنت النيابة العامة العسكرية انها اوفدت معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي ماجد مزيحم الى البقاع لإجراء التحقيقات الاولية والمحلية بشأن الاحداث المشار اليها. قيادة الجيش من جهتها، اصدرت قيادة الجيش - مديرية التوجيه سلسلة بيانات عن مسار العملية العسكرية في المنطقة. واصدرت مديرية التوجيه بيانا صباح امس، جاء فيه: "نتيجة للعملية العسكرية التي باشر الجيش بتنفيذها لاستعادة مقر الحوزة العلمية الذي كان قد احتله الشيخ صبحي الطفيلي وأنصاره ظهر امس اول من امس دخلت قوة من الجيش فجر اليوم امس الى المقر المذكور مجبرة العناصر على اخلائه والفرار مخلّفين وراءهم اربعة قتلى وبعض الجرحى، فيما تم توقيف 14 شخصاً. تقوم قوى الجيش بعملية تمشيط واسعة لملاحقة الفارين الذين توجه قسم منهم الى جرود بلدة بريتال المجاورة. تذكّر قيادة الجيش المواطنين بمنع حمل جميع انواع الاسلحة بما فيها المرخصة داخل محافظة البقاع بكاملها وتدعوهم الى عدم التجول الا للضرورات القصوى وذلك في البقعة الممتدة من طليا وحتى مدينة بعلبك ضمناً نظراً لاستمرار العمليات في تلك المنطقة". وأعلن في وقت لاحق مصدر عسكري انه بناء لقرار وزير الدفاع محسن دلول يوقف العمل برخص حمل الاسلحة في محافظة البقاع بكاملها اعتباراً من صباح 31/1/1998، الساعة السابعة وحتى اشعار آخر ويستثنى من احكام هذا القرار مرافقو الشخصيات الرسمية والسياسية. وفي بيان آخر لقيادة الجيش وفيه انه "استناداً الى قرار النيابة العامة العسكرية بالادعاء على الشيخ صبحي الطفيلي وعناصره بجرم تشكيل عصابة مسلحة وتعريض النظام والامن الوطني للخطر وقتل عسكريين ومدنيين دهمت قوة من الجيش اللبناني صباح اليوم امس منزل الطفيلي في دورس وصادرت منه اسلحة وذخائر وممنوعات، وما تزال قوى الجيش تقوم بعملية تمشيط واسعة في الجرود المحيطة ببلدة بريتال لملاحقة الفارين". وكانت قيادة الجيش دعت انصار الطفيلي الى "اخلاء جميع المراكز العائدة له في مختلف المناطق بما فيها بيروت وذلك حتى ظهر اليوم امس الساعة الثانية عشرة من دون اي تأخير". وذكّرت قيادة الجيش "اهالي بلدة بريتال الكرام بعدم سلوك الطرق الفرعية حرصاً على سلامتهم والاكتفاء فقط بسلوك الطريق العام الرئيسي المؤدي من بريتال الى طريق عام طليا - بعلبك". الوضع في بعلبك وفي حين افادت المعلومات الواردة من مسرح العمليات ان حدة الاشتباكات قد انحسرت بعد ظهر امس، كثّف الجيش اللبناني في مدينة بعلبك والجوار من دورياته المؤللة والراجلة وأعاد الهدوء تماماً الى المدينة ولم يسجل اي حادث يعكر صفو الامن في نطاق الاحياء الداخلية. فيما عملت آليات لاحقاً على سحب السيارات المتضررة من محيط الحوزة. في وقت اعيد فتح الصيدليات ومحطات البنزين وسجلت حركة سير محدودة واعتصم الاهالي الذين خرجوا الى الطرق بالصمت ورفضوا التعليق او الاجابة على اي سؤال. قتلى وجرحى وتضاربت المعلومات حول عدد قتلى الاشتباكات، وفي حين افادت احصاءات امنية ومصادر المستشفيات ان عدد القتلى بلغ ثمانية بينهم ثلاثة عسكريين نقلت وكالة "رويتر" عن متحدث باسم الشيخ الطفيلي ان 18 شخصاً على الاقل من انصار الاخير قتلوا بينهم عديله النائب السابق الشيخ خضر طليس اضافة الى ثلاث سيدات. وأفاد مستشفى بعلبك الحكومي ان هناك 3 جثث كشف عليها الطبيب الشرعي في المستشفى الدكتور عاصم رعد وهي لكل من الشيخ طليس، الذي سقط في المواجهة الاولى في الحوزة العلمية ليل اول من امس، علي حسن حمية وزيد اسماعيل بالاضافة الى جثة قتيل مجهول الهوية، وجثة امرأة تدعى شهيرة أحمد موسى اصيبت برصاصة طائشة اثناء عمليات تبادل اطلاق النار ليلاً وهي من بلدة معربون 20 عاماً، وجثة اخرى عائدة للمواطنة مليحة شومان التي قتلت بقذيفة اخترقت منزلها. وتوزع عدد من الجرحى على مستشفيات بعلبك الحكومي ورياق والططري ودار الحياة ودار الامل في بعلبك.