سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة الاسرائيلية تعلق مناقشة الاتفاق وتنفي اتخاذ قرار ببدء بناء مستوطنة في جبل أبو غنيم . السلطة الفلسطينية تدين الانفجار "المشبوه" وتشدد على ان منطقة الحادث ليست ضمن مسؤوليتها
انفجرت سيارة مفخخة صباح أمس في مدخل سوق محنى يهودا في شارع يافا في القدس الغربية بينما كانت الحكومة الاسرائيلية تعقد جلستها الثانية لمناقشة اتفاق واي ريفر، وتسببت عملية القدس، وهي الثالثة منذ بدء مفاوضات واي ريفر، والثانية بعد التوصل الى الأتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي قبل اسبوعين، في احداث صدمة شديدة في الأوساط الفلسطينية والاسرائيلية على حد سواء. وأعلنت الحكومة الاسرائيلية في اعقاب تلقيها أنباء العملية تعليق مناقشتها اكاتفاق حتى تفي السلطة الفلسطينية بالتزاماتها كاملة بمكافحة الارهاب ومطالب أخرى كانت أجلت المصادقة على الاتفاق بسببها، ومن بينها تعهد السلطة باعتقال اشخاص تتهمهم الدولة العبرية بقتل اسرائيليين، وعقد المجلس الوطني الفلسطيني لإلغاء بنود في الميثاق الوطني. وصرح قائد شرطة القدس يئير اسحق "تلقينا مكالمة هاتفية من رجل عرف نفسه بأنه عضو في حماس وأعلن المسؤولية عن الهجوم"، وأضاف: "اننا لا نعول على مجرد اتصال تليفوني. ما زلنا نتحرى عن صحة ذلك". ونددت السلطة الفلسطينية بالعملية، ودعت الادارة الاميركية الى التدخل فوراً للعمل على وضع اتفاق واي ريفر موضع التطبيق وانتقدت قرار الحكومة الاسرائيلية تعليق مصادقتها على الاتفاق، متهمة حكومة ليكود باستخدام هذه العملية كذريعة للهرب من تنفيذ الاتفاق. وكانت العملية حدثت في الساعة العاشرة الا ربع صباحاً، عندما انفجرت سيارة حمراء اللون من نوع "فيات 127" عند مدخل سوق محنى يهودا المكتظ بالاسرائيليين، مما أدى الى وقوع قتلى، أعلنت اسرائيل انهما سائق السيارة وآخر على متنها، وجرح ما لا يقل عن 25 شخصاً اخرين، جراح معظمهم طفيفة. وأفاد شهود ان انفجارات صغيرة وقعت في البداية، اعقبها حدوث انفجار قوي شوهد دخان كثيف أحمر يتصاعد منه على مدى مئة متر تقريباً. ووفق روايات مواطنين كانوا في مكان الحادث، ان الانفجارات الصغيرة الأولى كانت هي السبب في عدم حدوث إصابات كبيرة نتيجة الانفجار، الى جانب ان منفذي العملية لم يتمكنوا من إدخال سيارتهم الى داخل السوق، مما حد من خطورة الاصابات. وفرضت الشرطة الاسرائيلية بأمر من المحكمة الاسرائيلية تعتيماً اعلامياً فور حدوث العملية شمل حظر نشر تفاصيل عن نتائج الفحص المخبري أو هوية المنفذين، وصاحب السيارة وكيفية دخول المنفذين الى مكان الحادث، وحظر نشر أي تفاصيل أخرى في حال اعتقال مشبوهين. وقالت مصادر اسرائيلية ان القتيلين هما منفذا العملية، اذ وجدت جثة احدهما داخل السيارة، فيما وجدت جثة الآخر قريبة منها. كما تحدثت مصادر الشرطة الاسرائيلية عن العثور في السيارة على حقيبتين من المتفجرات، ذكرت انهما سيئتا الصنع. ولم يتم التأكد هل كانت السيارة تنقل هذه العبوات أم كانت مفخخة للتفجير. وتظاهر العشرات من أنصار حركة "كاخ" اليمينية المتطرفة في مكان الحادث بعد وقوع العملية، ورددوا هتافات ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وعملية السلام، فيما حاول بعضهم الاعتداء على رئيس بلدية القدس ايهود اولمرت، كما ألقى عدد منهم الحجارة على سيارات فلسطينية في أماكن أخرى من مدينة القدس. وقطعت الحكومة الاسرائيلية، فور تلقيها خبر الانفجار، اجتماعها الذي كانت تناقش خلاله اتفاق واي ريفر. واصدر الأمين العام للحكومة داني نافيه بياناً أعلن فيه قرار الحكومة الاسرائيلية تعليق مناقشاتها للمصادقة على الاتفاق، ورهنها بوفاء السلطة الفلسطينية بالتزاماتها، بما في ذلك مكافحة الارهاب، مشيراً الى انه بعد التأكد من ان السلطة الفلسطينية ستفي بكل التزاماتها كاملة كما وردت في الاتفاق، فإن الحكومة ستستأنف مناقشتها المصادقة على الاتفاق. واتهم بيان الحكومة الاسرائيلية السلطة الفلسطينية بالتهرب من الالتزامات التي اخذتها على عاتقها في اتفاق واي ريفر. وفي تلميح لم يجر تحديده عن اجراءات قد تتخذها الحكومة الاسرائيلية، اشار البيان، الى ان الحكومة الاسرائيلية ستعمل على تعزيز مكانة القدس وسلامة سكانها، واكد في الختام ان رئيس الحكومة عاد واكد التزامه بدفع الاتفاق مع الفلسطينيين على أساس التبادلية. وكان ناطق اسرائيلي اشار الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي قرر اصدار العطاءات لبدء عملية البناء في مستوطنة جبل أبو غنيم في القدسالشرقية والى ان هذه العطاءات قد تنشر غداً بالاضافة الى شق الطريق الالتفافي حول مخيم العروب في القدس. لكن رافيف بوشنسكي الناطق باسم نتانياهو نفى ذلك بشكل قطعي قائلاً: "موقفنا المبدئي في اساس هذه المسألة معروف وذكر به نتانياهو أخيراً: المساكن اليهودية المقررة في هارحوما جبل أبو غنيم ستبنى قبل عام ألفين. لكن في الوقت الحاضر لم يتخذ أي قرار". وأعلن في وقت لاحق ان رئيس الوزراء الاسرائيلي قرر اطلاع الادارة الاميركية في اتصال مع الرئيس بيل كلينتون ووزيرة خارجيته مادلين اولبرايت على قرار حكومته تجميد مصادقتها على الاتفاق حتى تفي السلطة الفلسطينية بالشروط التي يطرحها، ومنها انعقاد المجلس الوطني للمصادقة على إلغاء بنود الاتفاق، واعتقال 30 شخصاً تقول الدولة العبرية انهم ارتكبوا أعمالاً ضد اسرائيل. لكنه لوحظ ما يشبه الانقسام في الحكومة الاسرائيلية امس ازاء قرار تعليق المصادقة على الاتفاق، اذ دعا وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي الى ضرورة العمل على تطبيق الاتفاق الذي قال انه مهم لاسرائيل وبالقدر نفسه من الاهمية للفلسطينيين، كما عكس موقف وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي افغيدور كهلاني دعوة مماثلة، اذ أكد بعد حضوره الى مكان الانفجار، ضرورة مواصلة العملية السلمية وتنفيذ اتفاق واي ريفر، من أجل الوصول الى نوع من الفصل مع الفلسطينيين. واعتبر ان فصلاً مع حدود معروفة يمكن تحقيقه سيؤدي الى منع حدوث مثل هذه الاحداث مستقبلاً. وجاء موقف الرئيس الاسرائيلي عيزر وايزمان معززاً لهذا الاتجاه اذ قال انه يعتقد بأن العملية يجب ألا تؤثر في تنفيذ الاتفاق، بل على العكس يجب دفع الاطراف الى التزام ما وقعوا عليه في واي ريفر، مشيراً الى ان التوقيع على الاتفاق يعني تطبيقه، وان هذا هو أمر جيد بالنسبة الى اسرائيل. وبدوره دعا يوسي ساريد رئيس حزب ميرتس الحكومة الاسرائيلية الى المصادقة على الاتفاق "حتى لا يحقق الارهابيون أهدافهم". ونددت السلطة الفلسطينية بالعملية، بلهجة حادة، واعتبرتها "عملية مشبوهة"، تهدف الى توجيه ضربة لعملية السلام، ومنع تنفيذ الاتفاق الأخير وضرب المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني. وقال مستشار الرئيس ياسر عرفات نبيل أبو ردينة: "ان السلطة الفلسطينية تستنكر هذه العملية المشبوهة، بغض النظر عن هوية من قاموا بتنفيذها". وعبر عن أمله بألا تستغلها الحكومة الاسرائيلية كذريعة اخرى، لتأخير تنفيذ الاتفاق ودعا الادارة الاميركية الى التدخل الفوري لمنع اسرائيل من المماطلة والتأجيل مجدداً. وأشار الى ان تحقيق السلام والأمن يمر عبر التنفيذ الدقيق والأمين للاتفاقات الموقعة، وليس عبر استغلال العمليات المشبوهة، كالتي وقعت في القدس. وحمل حكومة نتانياهو مسؤولية العواقب المترتبة على قرارها تعليق المصادقة على الاتفاق. ووصف حسن عصفور منسق دائرة المفاوضات في السلطة الفلسطينية الانفجار بالعمل الارهابي الذي يهدف الى اعطاء مبررات لحكومة نتانياهو لإعاقة تنفيذ الاتفاق. وقال ان ما يزيد من شبهة هذه العمليات توقيتها، داعياً الحكومة الاسرائيلية الى عدم استغلال هذه الاعمال كذريعة. واتهم وزير العدل في السلطة الفلسطينية فريح أبو مدين نتانياهو بأنه "لم يكن يرى في الاتفاق اتفاقاً قابلاً للتنفيذ". وذلك في تعقيبه على بيان الحكومة الاسرائيلية تعليق مصادقتها على الاتفاق. وقال ان هذا القرار هو خرق للاتفاق، نافياً أي مسؤولية للسلطة عن المكان الذي وقع فيه الانفجار باعتباره من مسؤولية اسرائيل. وقال أبو مدين: "اعتقد بأن نتانياهو سعيد بما جرى اليوم أمس لأنه غير معني بالصدام مع المستوطنين، واليمين المتطرف، والذين نفذوا العملية قدموا له خدمة جيدة. وما حققته هذه العملية هو الإضرار بالمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني. واشار الى ان السلطة ليست ملزمة اتخاذ أي اجراءات في ضوء ما حدث "لأن المنطقة التي حصلت فيها العملية ليست من مسؤوليتنا". وشدد ادانته الشديدة للعملية. ومساء أمس دعا الرئيس ياسر عرفات الى عقد اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية واللجنة العليا الأمنية التي تضم رؤساء الاجهزة الأمنية، لتقويم ابعاد ما حدث، في ضوء اتخاذ الحكومة الاسرائيلية قرار تعليق مصادقتها على الاتفاق. وقالت الشرطة ان الجثتين نقلتا الى مشرحة معهد الطب الشرعي قرب تل أبيب وانها لن تكشف حالياً عن هويتهما. وعثرت الشرطة على حقيبتين تحتويان على بقايا القنابل اليدوية الصنع داخل السيارة. وأفادت العناصر الأولية للتحقيق ان منفذي الاعتداء كانا يعتزمان نقل الحقيبتين الى سوق محني يهودا المكتظة عادة يوم الجمعة. وقالت الشرطة ان القنابل الضعيفة القوة صنعت على ما يبدو من قبل "هواة" ما يفسر سقوط 21 جريحاً وأضرار مادية محدودة. كما ان معظم المارة هربوا قبل وقوع الانفجار بعدما شاهدوا دخاناً يتصاعد من السيارة.