أرجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لمدة أربع وعشرين ساعة اجتماعاً لأعضاء حكومته من المقرر أن يعطي خلاله الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي لتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار الثانية في الأراضي الفلسطينية، في وقت أعلنت السلطة الفلسطينية أن الانسحاب سيتم غداً الجمعة. وقال نتانياهو إن تأجيل موعد جلسة الحكومة جاء "لمنح السلطة الفلسطينية وقتاً لتنفيذ التزاماتها في اتفاق واي ريفر"، وهي نشر قانون فلسطيني يحظر التحريض ضد الدولة العبرية، واعتقال ثلث المطلوبين الفلسطينيين عددهم الاجمالي 30 الذين تعهدت السلطة باعتقالهم، إضافة إلى تزويد إسرائيل نسخة عن مصادقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على إلغاء بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني. وقال نتانياهو: "إذا لم تستكمل السلطة هذه التعهدات، فلن تكون هناك إعادة انتشار". وجاء اعلان نتانياهو الأخير في أعقاب مصادقة البرلمان الإسرائيلي الكنيست، مساء أول من أمس، على اتفاق واي ريفر بغالبية 75 صوتاً ومعارضة 19 وامتناع تسعة عن التصويت. وصوت وزيران في الحكومة الإسرائيلية، هما اسحق ليفي وشاؤول بهلوم من الحزب الديني القومي ضد الاتفاق، وتغيب عدد كبير من النواب من حزب ليكود الحاكم، ووفرت المعارضة الإسرائيلية والأحزاب العربية الغالبية المطلوبة للمصادقة عليه. وقالت مصادر فلسطينية ل "الحياة" إن تصريحات نتانياهو بشأن التأجيل تأتي في إطار "سعيه منذ عودته من واشنطن إلى البحث عن أي وسيلة أو تبرير لتأخير تنفيذ الاتفاق". وأوضحت المصادر ذاتها أن السلطة الفسلطينية ستقوم بتنفيذ كل ما التزمته في اتفاق واي ريفر. ورجح مراقبون أن تنشر السلطة الفلسطينية اليوم الخميس قانون حظر التحريض في الصحف المحلية، مشيرة إلى أن اللجنة التنفيذية صادقت الجمعة الماضي على رسالة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المرسلة إلى الرئيس الأميركي بخصوص إلغاء الميثاق. وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن ان إسرائيل ستعيد انتشار قواتها من ثلاثة مواقع في الضفة الغربية غداً الجمعة. وقال في تصريحات للاذاعة الفلسطينية في أعقاب اجتماعه مع وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي افيغدور كهلاني ان السلطة الفلسطينية ستتولى ابتداء من يوم غدٍ السلطات المدنية على اثنين في المئة من الأراضي الفلسطينية، فيما سينقل ما نسبته 1،7 في المئة من الأراضي التي تتولى إدارتها المدنية حالياً إلى اشرافها الكامل. وتقع هذه المواقع، حسب المسؤول الفلسطيني، في شمال الضفة الغربية وجنوبها ووسطها. وأكد "أبو مازن" أن اليوم ذاته سيشهد الافراج عن 270 معتقلاً أمنياً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية، على أن يستمر الطرفان في إعداد قائمة من تبقى من المعتقلين وفي مقدمهم المرضى وكبار السن ومن أمضوا ثلثي مدة محكومياتهم ومن تقل أعمارهم عن 16 عاماً. وأشار إلى أن مراسيم التوقيع على بروتوكول المطار الفلسطيني ستوقع اليوم الخميس. من جهتها، أكدت مصادر إسرائيلية ان المرحلة الأولى من إعادة الانتشار ستكون في منطقة جنين ومناطق صغيرة شرق مدينة نابلس وغربها. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن عملية الانسحاب التي ستتم على الأرجح في الليل أو الساعات الأولى من فجر الجمعة، لتجنب أكبر قدر من التغطية الاعلامية، ستقتصر على مراسيم تسليم الخرائط إلى الفلسطينيين وتعليق لافتات تدل على دخول مناطق السلطة الفلسطينية. ولن تشمل هذه المرحلة من إعادة الانتشار اخلاء أي من المواقع العسكرية الإسرائيلية. وأعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية أنها على استعداد تام لتنفيذ إعادة الانتشار في غضون ثلاث ساعات من حصولها على قرار الحكومة بالتنفيذ. وشرع الجيش الإسرائيلي بتعزيز ترتيباته الأمنية في خمس مستوطنات يهودية ستجاور المناطق التي ستسلم للسلطة الفلسطينية في شمال الضفة. واحيطت هذه المستوطنات بأسوار وبأجهزة الكترونية تكشف أي محاولة فلسطينية للاقتراب منها. واجتمع "أبو مازن" مع وزير الخارجية الإسرائيلي ارييل شارون الذي يرأس عن جانبه "لجنة الارتباط" الخاصة ببحث قضايا التسوية النهائية في مكتب الأخير في القدس أمس الأربعاء. وقال "ابو مازن" انه تم الاتفاق خلال لقائه مع شارون امس "على ان تبدأ مفاوضات الوضع النهائي الاسبوع المقبل في اجتماع رسمي داخل مناطق السلطة الفلسطينية". وأضاف: "الجانب الفلسطيني سيتخذ ترتيبات تحديد مكان انعقاد الافتتاح الرسمي لهذه المفاوضات وسيبلغ الجانب الاسرائيلي بها، على ان تفتتح في موعد اقصاه الاسبوع المقبل".