تخمين نتائج الانتخابات مطبّ يقع فيه خبراء السياسة والمحللون، لكن أياً منهم لن يجانب الحقيقة إذا توقع حصول حيدر علييف على الپ9،99 في المئة، هذه النسبة "السوفياتية" أو "العالمثالثية" في انتخابات الرئاسة الاذربيجانية التي تجرى اليوم. وتعدل الأرقام لتكون متماشية مع بعض قواعد اللعبة الديموقراطية ويُمنح المرشحون الستة المنافسون للرئيس الحالي "حصصاً" يمكن من خلالها الاستدلال على مدى قربهم من الرئيس الذي ينافسونه... ويؤيدونه. بل ان علييف نفسه لم يضع هؤلاء في خانة "المعارضة" وحصر هذه الصفة بخصومه الحقيقيين من أعضاء الجبهة الشعبية وزعيمها أبو الفضل التشي بيه الذي صار رئيساً لأذربيجان بعد "انقلاب برلماني" وغادر الكرسي إثر انقلاب مماثل أرغمه على الفرار من العاصمة باكو واللجوء إلى جمهورية ناخيتشيغان التي كان يعتكف فيها... حيدر علييف. وعاد علييف إلى الحكم في اذربيجان التي كان أميناً أول للحزب الشيوعي فيها قبل أن يصبح عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي ونائباً لرئيس الوزراء السوفياتي، وهما الموقعان اللذان فقدهما فور صعود ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة. وعودة علييف إلى الحكم كانت نتيجة منطقية لاخفاقات الجبهة الشعبية التي رفعت شعارات مكافحة الامتيازات ونهب ممتلكات الدولة، لكن كثيرين من أقطابها تورطوا بفضائح الفساد والرشوة عند استلامهم الحكم. ويقول الاذربيجانيون ان الرعيل القديم كان "يأخذ ويعطي" في حين ان الحكام الجدد اخفقوا في إدارة البلد على رغم نجاحهم في نهبه. وبسبب الكوارث الاقتصادية والهزائم في قره باخ فقدت أذربيجان 20 في المئة من أراضيها وخسرت علاقاتها مع موسكو وطهران اللتين قدمتا دعماً علنياً أو خفياً لأرمينيا اثناء الحرب. وحين عاد علييف كپ"منقذ" عام 1993 حصل، كالعادة، على 8،98 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية المبكرة واستثمر معرفته السابقة بدهاليز السلطة في موسكو كي "يحيّد" الموقف الروسي ويوقف الحرب. وبعدما التقط أنفاسه أخذ يمد جسوراًَ مع الغرب الممالئ، تقليدياً، لأرمينيا. وغدا النفط والموقع الاستراتيجي لاذربيجان على بحر قزوين وفي القوقاز ورقة لعبها علييف بمهارة. وعلى رغم حرص الرئيس الاذربيجاني على إقامة علاقات مع دول عربية وإسلامية، فإنه لا يخفي صلاته الوثيقة مع إسرائيل، مما يؤهل اذربيجان كي تصبح امتداداً للحلف التركي - الإسرائيلي. والناخب الاذربيجاني بعيد عن تفصيلات اللعبة السياسية الدولية، إلا أنه يرى في علييف الرجل الذي صار "نداً" للأقطاب، والرئيس الذي اوقف النزف القره باخي، وبدأ يعد باستثمار الثروات النفطية لتأمين نهوض اقتصادي. في ضوء ذلك تغدو نتائج الاقتراع معروفة سلفاً وإذا "اخطأ" الناخب فليس صعباً "تصحيح" النتائج.