بغداد، طهران، أنقرة، تولوز فرنسا - أ ف ب، رويترز - وسط توقعات بضربة عسكرية أميركية قريبة للعراق، بسبب الأزمة المتفاقمة بين بغداد ولجنة نزع الأسلحة المحظورة اونسكوم التي يرأسها ريتشارد بتلر، لمحت أنقرة الى رفضها استخدام واشنطن قاعدة انجيرلك التركية في أي ضربة، وعارضت الخيار العسكري. وأكدت بغداد انها لن تستخدم أسلحة دمار شامل في أي مواجهة، لأنها "لا تمتلك أياً من هذه الأسلحة". جاء هذا النفي على لسان وزير عراقي، في حين بثت اذاعة بغداد ان المجلس الوطني البرلمان العراقي سيعقد جلسة استثنائية الاثنين المقبل. وكررت فرنسا ان "كل الخيارات يبقى مفتوحاً"، في وقت حذرت ايران من ان ضرب العراق قد يؤدي الى مضاعفات ويثير "آلافاً من المشاكل". "ضجيج" ونقلت "وكالة الأنباء العراقية" أمس عن وزير الثقافة والاعلام العراقي همام عبدالخالق ان العراق "لن يستخدم" أسلحة الدمار الشامل لأنه "لا يملك شيئاً منها". وكان الوزير يرد على تحذير الرئيس بيل كلينتون من ان الولاياتالمتحدة "مصممة" على منع الرئيس صدام حسين من ان يلجأ مجدداً الى استخدام أسلحة الدمار الشامل. وتابع الوزير: "العراق لن يستخدم هذه الأسلحة لسبب بسيط هو انه لا يملك أياً منها وهو أمر يعرفه الرئيس الأميركي قبل غيره". وزاد ان "المشكلة التي تجيّش الولاياتالمتحدة من أجلها الجيوش وتسيّر الأساطيل وتهيئ الطائرات والصواريخ، لا تتعدى طلب العراق تأجيل مناقشة موضوع طلب اللجنة الخاصة الدخول الى بعض المواقع الرئاسية العراقية الى ما بعد الانتهاء من اجتماعات التقويم الفنية التي تنتهي الأسبوع المقبل". وشدد على ان العراق "لم يستخدم هذه الأسلحة عندما كان يمتلك بعضاً منها وبالتحديد الأسلحة الكيماوية" خلال حرب الخليج. وحذر من ان الادارة الأميركية تبالغ كثيراً في حجم المشكلة بقصد "تبرير العمل العسكري العدواني ضد شعب العراق، وايهام العالم بأن هناك مشكلة خطيرة ذات ابعاد اقليمية ودولية، تستحق هذه الحشود العسكرية". يذكر ان وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت اكدت الأربعاء ان الولاياتالمتحدة مستعدة "وحدها" لتوجيه ضربة عسكرية الى العراق لمنع صدام من استخدام أسلحة الدمار الشامل. تحذير تركي وجاء في بيان أصدره نائب رئيس الوزراء التركي بولنت اجاويد أمس: "لا ينبغي توقع اي مساهمة تلقائية من تركيا في عملية عسكرية في منطقتنا لا توافق عليها" انقرة. وتابع ان "عملية عسكرية ضد العراق تشن قبل استنفاد كل السبل الديبلوماسية قد تنجم عنها نتائج خطيرة جداً لكل المنطقة خصوصاً تركيا". وأصدر أجاويد البيان بعدما التقى رئيس الوزراء مسعود يلماز. أولبرايت الى ذلك صرّح وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين ووزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت بعد محادثاتهما ليل أول من أمس في باريس بأن كل الخيارات "لا يزال قائماً لمحاولة التوصل الى تسوية للأزمة مع العراق". وقال فيدرين خلال مؤتمر صحافي عقده مع أولبرايت: "كل الخيارات لا يزال قائماً وينبغي تكثيف المساعي للتوصل الى تسوية ديبلوماسية". ووافقت اولبرايت على موقف فيدرين، مشيرة الى ان فرنساوالولاياتالمتحدة "متفقتان على ان العراق هو المسؤول عن الوضع الحالي"، وعلى ان هذا الوضع "خطير جداً وموقف صدام حسين غير مقبول". وشدد فيدرين مجدداً على ضرورة "تكثيف المساعي من أجل التوصل الى حل ديبلوماسي كي يوافق العراق على السماح" للجنة نزع السلاح بپ"استئناف عملها بلا شروط". وعبّر عن رغبة بلاده في مضاعفة عائدات النفط العراقي بموجب القرار 986 لأن "الشعب العراقي غير مسؤول عن قرارات قيادته". وأوضح مصدر فرنسي مطلع لپ"الحياة" ان فيدرين عرض لأولبرايت النتائج السلبية التي يمكن ان تترتب على ضرب العراق في هذه الظروف. في تولوز اعتبر وزير الخارجية الاسباني ابل ماتوتس امس ان العراق يتحمل مسؤولية الضربات العسكرية التي قد توجه اليه لأنه "لم يقبل باحترام قرارات الشرعية الدولية". وقال بعد الاجتماع الأول للجنة الفرنسية - الاسبانية للمناطق الحدودية: "نود ان نتمكن من تحاشي اللجوء الى القوة، لكن الوقت يمر والموقف العراقي حتى الآن ليس الموقف الذي ينبغي ان يكون، أي متوافقاً مع قرارات مجلس الأمن. وإذا تم اللجوء الى القوة سيكون ذلك بسبب عدم احترام العراق الشرعية". وبعدما أكد ان موقف بلاده "ليس بعيداً كثيراً" عن الموقف الفرنسي قال: "اننا مع استنفاد كل الامكانات الديبلوماسية". وكرر فيدرين في تولوز ان على القادة العراقيين "ان يطبقوا كل قرارات الأممالمتحدة" وأن "اونسكوم" يجب ان تعمل "من دون شروط، وكل الخيارات يبقى مفتوحاً". ايران وأعلنت ايران أمس انها "لا يمكن ان تقبل" بتوجيه ضربة أميركية للعراق، معتبرة ان هذا الأمر قد يزيد الوضع في المنطقة تعقيداً. وذكر رئيس السلطة القضائية الايرانية آية الله محمد يزدي ان "ايران لا يمكن ان تقر هجوماً أميركياً على العراق أياً يكن مبرره. انه الحل السيء والبشع الذي دائماً يلجأ اليه الأميركيون". وحذر في خطبة صلاة الجمعة في جامعة طهران من ان ذلك "قد يؤدي الى حرب جديدة في الشرق الأوسط واثارة الآلاف من المشاكل الأخرى". في الوقت ذاته اقترح نائب وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان تمارس دول المنطقة ضغوطاً لاقناع العراق بالامتثال لقرارات الأممالمتحدة. وقال ان "صاروخاً لن يحل الموقف، يجب التوصل الى حل كي يلتزم العراق قرارات الأممالمتحدة". وفد مصري في غضون ذلك، غادر مطار القاهرة أمس وفد من "اللجنة الشعبية المصرية لرفع الحصار عن العراق" في طريقه إلى بغداد، وهو ينقل نحو 5،2 طن من الأدوية والمستلزمات الطبية. وسيجري الوفد، الذي يضم أطباء، العديد من العمليات الجراحية لمرضى عراقيين.