سنغافورة، لندن، طوكيو - رويترز، أ ف ب - سعى مسؤولون من صندوق النقد الدولي والولاياتالمتحدة خلال جولة لهم في عواصم آسيا الى إعادة ثقة المستثمرين وتهدئة الأسواق المالية بعد محادثات مع مسؤولين آسيويين أمس الاثنين. وانتقلت عدوى الهبوط في أسواق الأسهم الآسيوية أمس الى الأسواق الأوروبية أيضاً. في مجال العملات استقرت أسعار العملة في جاكارتا وتحسنت في كوريا الجنوبية، إلا أنها تراجعت في مناطق أخرى في آسيا وسط مخاوف من رفع أسعار الفائدة. في جاكرتا نقل عن الرئيس سوهارتو قوله في اتصال هاتفي استمر 35 دقيقة مع رئيس الوزراء الياباني ريوتارو هاشيموتو ان بلاده ستفي بكل التزامات الديون وستطبق الاصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد تطبيقاً كاملاً. وظهرت علامات ايجابية في سيول أيضاً، حيث نقل وزير مال كوريا الجنوبية عن ميشال كامديسو، عضو مجلس الادارة المنتخب في صندوق النقد الدولي، قوله ان الموقف المالي للبلاد آخذ في التحسن منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وقال محللون أمس ان كوريا الجنوبية تجتاز المنعطف في أزمتها المالية. وفي جاكرتا اجتمع ستانلي فيشر النائب الأول لعضو مجلس الادارة المنتدب في صندوق النقد مع الرئيس سوهارتو ووصف الاجتماع بأنه "جيد جداً جداً". وقال "ان الرئيس كان واضحاً للغاية في عزمه على العمل وفق برنامج الاصلاح والاسراع بتنفيذه". ووصل لورنس سمرز نائب وزير الخزانة الأميركي الى جاكرتا أيضاً لتعزيز المطالب الدولية بأن تلتزم اندونيسيا بالبنود التي اتفقت عليها مع صندوق النقد في تشرين الأول اكتوبر الماضي لتنفيذ خطة لانقاذ اقتصادها قيمتها 43 بليون دولار. ويعتقد على نطاق واسع ان اندونيسيا تتباطأ في تنفيذ الاصلاحات لأنها ستؤثر في شبكة المؤسسات والشركات التي يديرها أفراد من أسرة سوهارتو والتي انتعشت لسنوات عدة بفضل عقود حكومية واحتكارات تجارية. وزادت الضغوط مع تدني الروبية الاندونيسية الى مستوى أقل من عشرة آلاف للدولار الأميركي الاسبوع الماضي بالمقارنة مع 2400 روبية قبل ستة أشهر. في بانكوك انخفض الباهت التايلاندي أمس الى أقل مستوياته على الاطلاق عندما بلغ 56.10 باهت للدولار. وهبط دولار تايوان أيضاً الى أقل سعر منذ عشرة أعوام وبلغ 34.81 ازاء الدولار الأميركي. أما وزير الدفاع الأميركي وليام كوهين فرسم صورة ايجابية عندما قال في مؤتمر ضم خبراء من آسيا والولاياتالمتحدة انه على يقين من أن المنطقة ستخرج من أزمتها المالية. وقال كوهين انه واثق من قدرة آسيا "ليس على البقاء وحسب بل وعلى الازدهار في فترات التحولات الكبرى". من جهته أكد رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد في المؤتمر ان بلاده ستتغلب على مشاكلها المالية. في ما يتعلق بأسواق الأسهم انقضت الأزمة الاقتصادية الآسيوية على كبرى أسواق الشرق الأقصى أمس لتبتلعها وتهبط بمؤشرات بعضها أكثر من 10 في المئة قبل أن تنتقل العدوى الى أوروبا. وفقدت بورصة لندن كبرى أسواق الأوراق المالية الأوروبية أكثر من 2 في المئة في غضون دقائق من بدء التداول. وكان الهبوط أشد حدة في المانيا وفرنسا حيث تدنى مؤشرا البورصتين أكثر من ثلاثة في المئة في التداولات المبكرة. وعم الهبوط مختلف الأسواق. لكن أحداث آسيا كانت أشد احتداماً منها في أوروبا مع الهبوط الحاد في مؤشرات الأسهم في هونغ كونغوطوكيووسنغافورة وسيدني. وقال متداول في لندن: "اننا نشهد تحركات غير عادية في سوق المال العالمية". في هونغ كونغ أدى الاعلان المنتظر أمس عن تصفية مصرف "بيريغرين" أحد أكبر المصارف المستقلة للاستثمار في هونغ كونغ الى تدهور البورصة الى أدنى مستوى لها منذ ثلاثة أعوام اذ تراجع مؤشر "هانغ سنغ" صباح أمس 985.51 نقطة ليصل الى 7909.13، أي انه انخفض 11 في المئة خلال احدى مراحل التداول قبل ان يغلق على انخفاض 8.7 في المئة. وفيما كان موظفو "بيريغرين" يستعدون لمغادرة المكاتب، انعقد مجلس ادارة "بيريغرين انفستمانت هولدنغ ليميتد" منذ الصباح بعد أن فشل في ايجاد من ينقذه اثر انهيار الشركات المدينة له. واعلن أحد أعضاء مجلس الادارة، بيتر فو، ان المصرف سيختار من يشرف على التصفية. ولن يبقى المصرف وحدة متكاملة بل سيباع على شكل أقسام استثمار. وفي سنغافورة أنهى مؤشر ستريتس تايمز أمس على هبوط نسبته 8.75 في المئة بعدما فقد في وقت سابق أكثر من عشرة في المئة. أما في طوكيو فتراجع مؤشر "نيكاي" 2.21 في المئة وسط تجدد المخاوف في شأن القطاع المصرفي الياباني. أما في جاكرتا فقد بعثت تصريحات المسؤولين الأميركيين آملاً في امكان هدوء الاضطرابات المالية في اندونيسيا. لكن التصريحات لم تكن كافية بدرجة تحد من الهبوط. وفي لندن كانت أسهم الشركات المرتبطة بآسيا الخاسر الأكبر، لكن بعض المتداولين أشاروا الى أنه لم تكن هناك ضغوط بيع مكثفة وعزوا الانخفاض الى الحذر وليس الى الذعر. وقال أحدهم: "ان السوق ما زالت تتسم بالعصبية. ان مشاكل آسيا تلاحقنا لكن الناس ينتظرون الآن حتى تهدأ العاصفة". وهبت عاصفة أمس بعد الهبوط الحاد الذي منيت به بورصة وول ستريت الجمعة الماضي عندما فقد مؤشر "داو جونز" الصناعي 222 نقطة تمثل 2.85 في المئة. وتضررت الأسهم الأميركية وسط توقعات متزايدة بأن شركات الولاياتالمتحدة ستتأثر بالأزمة الآسيوية في الوقت الذي تنتظر السوق بدء اعلان الشركات نتائجها الاسبوع الجاري. واستمرت اضطرابات الأسواق الآسيوية في الضغط على الين الياباني لكن المخاوف من احتمال تدخل بنوك مركزية لتعزيز عملة اليابان حدت من مكاسب الدولار. وقال مايكل ميتكاف المحلل في مؤسسة "نات وست ماركتس" في لندن انه "ما دامت المشاكل مستمرة في آسيا سيظل الدولار مستفيداً". من جهة أخرى ضمت أوروبا أمس صوتها الى صوت الولاياتالمتحدة في دعوة اليابان الى تنشيط الطلب الداخلي للمساهمة في تخفيف حدة الأزمة المالية التي تهز آسيا. فقد دعا كل من رئيس المفوضية الأوروبية جاك سانتر ونائبه السير ليون بريتان الحكومة اليابانية أمام مندوبي ومراسلي الصحف في طوكيو الى عدم التوقف عند حد التدابير الأخيرة لتنشيط الطلب الداخلي التي اعلنتها الشهر الماضي. وهما موجودان في طوكيو لحضور قمة أوروبية - يابانية. وأوضح بريتان "ان من مصلحة اليابان وشرق آسيا وسائر دول العالم ان تزيد اليابان الطلب الداخلي لديها وألا تعتمد فحسب على صادراتها".