عاشت أسواق المال الآسيوية الأربعاء يوماً اسود جديداً وسط موجة من الذعر من الأزمة المالية العالمية وبدون ان تتأثر بالاعلانات التي صدرت عن السلطات النقدية والحكومات للسيطرة على الوضع. وشهدت بورصات آسيا والمحيط الهادىء انخفاضات حادة أمس، متأثرة بالتراجع الكبير الذي سجلته بورصة نيويوروك وول ستريت التي بلغت الثلاثاء أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات مع هبوط مؤشري داو جونز 5.11% والناسداك 5.80%. ففي طوكيو، تراجع مؤشر نيكاي 9.38% عند الاغلاق الاربعاء وخسر بذلك 952.58نقطة ليبلغ 9203.32نقطة في اسوأ انخفاض تسجله سوق طوكيو منذ "الاثنين الاسود" في 1987.ويشعر المستثمرون اليابانيون بالذعر بسبب الأزمة المالية العالمية وتراجع سعر الدولار مقابل الين الذي يضر بالمستثمرين اليابانيين. وقد تراجع سعر الدولار الاربعاء الى اقل من عتبة المئة ين للمرة الاولى منذ سبعة اشهر بسبب الأزمة الاقتصادية في الولاياتالمتحدة. وبلغ سعر الدولار لفترة قصيرة 99.80ينا قبل ان يتجاوز مجددا المئة ين. ومنذ الاول من ايلول/سبتمبر الماضي، خسر هذا المؤشر 26%. وفي هونغ كونغ، سجل المؤشر هانغ سينغ انخفاضا بلغت نسبته 5.5%. وكانت بورصة هونغ كونغ مغلقة الثلاثاء في يوم عطلة. اما في اندونيسيا، فقد علقت بورصة جاكرتا مبادلاتها بعد تراجع مؤشرها الرئيسي اكثر من عشرة بالمئة (10.38%). وقالت سلطات البورصة ان المبادلات علقت "لفترة غير محددة" بعد انخفاض البورصة. وتراجع مؤشر بورصة بومباي 5.62% بينما انخفضت بورصات سيول (4.80%) وسيدني (4.97%) وشنغهاي (3.08%) وسنغافورة (4.98%) وبانكوك (5.62%) وتايبيه (5.30%) ومانيلا (4.80%) وكوالالمبور (2.19%) ونيوزيلندا (1.90%). وكان الاحتياطي اعلن الثلاثاء شراء سندات وعود بضمانات وهي ادوات مالية تسمح للشركات بمواجهة احتياجاتها غير المتوقعة من السيولة على امل منع الأزمة من الانتقال من الائتمان الى الاقتصاد الواقعي. الا ان هذه الخطوة لم تؤثر على الاسواق. وقال هيروشي نيشي الوسيط في مجموعة "نيكو كورديال" في طوكيو ان "هذا النوع من الاجراءات لم يعد مجديا"، موضحا ان عددا قليلا من الشركات يرغب فعلا في بيع سندات وعود الى الاحتياطي الفدرالي. وعبر عن اسفه لانه "حتى الشركات التي تتمتع بصحة جيدة بدأت تفقد قواها". وساهمت تصريحات لرئيس الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي حول وضع الاقتصاد الاميركي في اثارة تشاؤم لدى المستثمرين بينما كان يبدو انه يعلن لهم عن خفض قريب في معدلات الفائدة. وقال برنانكي في خطاب امام جمعية اقتصادية ان "آفاق النمو الاقتصادي تراجعت (...) والمخاطر التي تهدد النمو زادت". من جهتهم، اتخذ وزراء المالية في الاتحاد الاوروبي الثلاثاء اول اجراء عملي مشترك بينهم بعد الفوضى التي سادت في الايام الاخيرة. فقد اتفقوا على ضمان الودائع المصرفية للافراد حتى خمسين الف يورو مقابل عشرين الفا من قبل، في حال افلس المصرف. وفي محاولة لاعادة الثقة في القطاع المصرفي، وعدت الدول ال 27بدعم مجموعاتها المالية التي تواجه صعوبات. الا انها تحتفظ بحق تغيير ادارات المجموعات التي تساعدها والغاء المكافآت الكبيرة التي تمنح للمسؤولين عند رحيلهم من الشركات. ونفت عدة مصارف اوروبية حاجتها لاموال. وفي لندن، اعلنت الحكومة البريطانية خطة لدعم النظام المصرفي في البلاد تمر عبر تخصيص اعتمادات بقيمة مئتي مليار جنيه ( 260مليار يورو) واعادة رسملة المصارف بمبلغ يمكن ان يصل الى خمسين مليار جنيه، ما يساوي تأميما جزئيا لها. وفي باريس، اكد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون التزامه منع افلاس اي مصرف. وقال "قررنا ان نضمن بشكل كامل استمرارية النظام المصرفي الفرنسي". من جهتها، اعلنت الحكومة الاسبانية انشاء صندوق لدعم النظام المالي تبلغ قيمته ثلاثين مليار يورو. وتبذل المصارف المركزية اقصى جهودها لتجنب توقف تبادل الاعتمادات وتغذية سوق تراجعت ثقة المصارف ببعضها البعض فيه. فقد تدخل بنك اليابان الاربعاء وليوم العمل السادس عشر على التوالي بضخ 1500مليار ين ( 11مليار يورو) في السوق. وخارج الاتحاد الاوروبي، اعلنت ايسلندا تأميم ثاني مصارفها "لاندبانسكي" بينما وعد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف بتقديم 950مليار روبل (حوالي 26.7مليار يورو) من الاعتمادات الى المصارف لتعزيز وضعها. وفي الولاياتالمتحدة، كانت الأزمة المالية في صلب المناظرة التلفزيونية الثانية وقبل الاخيرة التي جرت بين المرشحين للرئاسة الاميركية الديموقراطي باراك اوباما والجمهوري جون ماكين.