جاكارتا - رويترز - في حال من الذعر خشية نقص المواد الغذائية وارتفاع الاسعار، تدافع الاندونيسيون على شراء المواد الغذائية لليوم الثالث على التوالي امس السبت، فيما دعا كبار المسؤولين الى الهدوء. في غضون ذلك اعلنت واشنطن ارسال وفد الى جاكارتا في محاولة لحل الازمة الاقتصادية المتصاعدة. وتزاحم الألوف في سوق باسار سينين أحد أكبر أسواق جاكارتا، لشراء كميات كبيرة من الرز والسكر والحليب وزيت الطعام لتخزينها خشية ان تؤدي الازمة المالىة الى ارتفاعات متوالىة في الاسعار . وحاول الوزراء تهدئة الذعر بتأكيد توفر الامدادات الغذائية. لكن حمى الشراء لم تتوقف. وقالت امرأة اثناء تزاحمها مع مشترين آخرين: "اشعر بالذعر لأنه يتعيّن عليّ اطعام عائلتي. انني خائفة من احتمال نفاد الطعام". وراقب مسؤولو الامن في سوق باسار سينين التي سادتها الفوضي الموقف عن كثب لكنهم لم يتدخلوا. وتوقفت شاحنة محملة بالسكر عند السوق الا أن السائق سرعان ما انطلق بها مرة أخرى بعدما شاهد ازدحام السوق وادرك عدم كفاية ما يحمله. وبدأ تدافع الناس للشراء في الاسواق في جاكارتا والمدن الكبرى الاخرى الخميس الماضي عقب الانهيار التاريخي للروبية الى عشرة آلاف روبية للدولار بالمقارنة مع 2400 روبية للدولار منذ ستة أشهر. وأغلقت الاسواق المالىة ابوابها في العطلة الاسبوعية امس، مما يعطي فرصة لالتقاط الانفاس بعد التدهور السريع للروبية والاسهم. وبدأ هذا التدهور عقب اعلان الحكومة الثلثاء الماضي عن موازنة 1998 - 1999 التي قوبلت باستياء عام، والتي أشار المحللون الى انها لا تلتزم بوضوح بالاصلاحات التي تم الاتفاق علىها مع صندوق النقد الدولي في تشرين الاول اكتوبر الماضي. وظهر وزراء عدة على شاشة التلفزيون مساء اول من امس وناشدوا الناس الهدوء وحضوهم على الامتناع عن تخزين السلع مؤكدين توافر السلع. وذكرت وكالة الانباء الرسمية ان اندونيسيا ستزيد وارداتها من الرز في الأمد القصير الى مليوني طن من 5،1 مليون طن. واعلنت الهيئة الحكومية المسؤولة عن السلع الغذائية ان اسعار السلع التي تحددها الحكومة لن ترتفع. وقال محللون سياسيون ان اي نقص في الرز وهو غذاء رئيسي لسكان اندونيسيا البالغ عددهم 200 مليون شخص، يمكن ان يثير اضطرابات اجتماعية في البلاد. وناشد تونكي اريووبو وزير التجارة والصناعة الناس الامتناع عن الشراء المحموم قائلاً ان ذلك يمكن ان يفضي الى "انهيار النظام بكامله" مهما كانت الكميات التي توفرها الحكومة من السلع الاساسية. من جهتها اعلنت الولاياتالمتحدة ارسال وفد برئاسة نائب وزير الخزانة لورنس سمرز الى جاكارتا. وقالت جانيت يلين كبيرة المستشاري الاقتصاديين للبيت الابيض انه ما يزال على اندونيسيا ان تقنع الاسواق المالىة بجديتها في تنفيذ الاصلاحات التي اتفقت علىها مع صندوق النقد الدولي في اطار صفقة للحصول على 43 بليون دولار من الصندوق. واضافت "ان موضع اهتمامنا في اندونيسيا… هو اتخاذ خطوات لوضع الاصلاحات الهيكلية الواردة في برنامج صندوق النقد الدولي موضع التطبيق" . وأغلقت الروبية اول من امس الجمعة في جاكارتا عند سعر 7900/8100 للدولار الا ان هذا التحسن لم يستمر اذ بلغت العملة الاندونيسية في اواخر التداولات الاميركية 9300/9900. وجاء قرار ارسال الوفد الاميركي بعد مكالمة بين الرئيس بيل كلينتون وسوهارتو عقب اعلان صندوق النقد الدولي انه سيوفد اثنين من اكبر مسؤوليه الى المنطقة. وقد توجه سمرز امس الى آسيا في جولة سريعة تشمل اندونيسيا وسنغافورة وتايلاند ومالىزيا لتقويم الاضطرابات الاقتصادية في المنطقة. وقالت وزارة الخزانة الاميركية ان خطط هذه الجولة التي اعدت على عجل لا تزال مبدئية وان دولا اخرى قد تضاف الى الجولة بينها الىابان والصين. واضافت الوزارة ان الهدف من الزيارة "تقويم الوضع الاقتصادي والاستماع الى الخطط الحالىة للسلطات والاعراب عن التزام الرئيس بيل كلينتون بدعم الجهود الرامية الى اشاعة الاستقرار". ويضم الوفد ممثلين عن وزارة الخارجية ومجلس الامن القومي. من جهة ثانية حمل الاقتصادي الاميركي البارز جيفري ساكس صندوق النقد الدولي امس المسؤولية عن الازمة المالىة في آسيا الا أنه أكد قدرة اقتصادات المنطقة على النهوض من عثرتها قريباً. وقال ساكس، مدير معهد هارفارد للتنمية الدولية في مؤتمر للاعمال في مدراس بجنوب الهند ان الازمة التي تعانيها اقتصادات دول شرق آسيا نجمت عن "سحب مذعور" للاموال من أسواق المنطقة. واضاف "أشعر أن صندوق النقد الدولي زاد من حال الذعر" واوضح انه يعتقد ان الصندوق أخطأ باستخدامه اسالىب الانقاذ نفسها التي سبق اللجوء الىها في الماضي بدلاً من ابتكار وسائل مناسبة للحاجات المختلفة لاقتصادات الدول الآسيوية.