قبل شهور من الانتخابات بدأ التوتر يسود أوساط الحكومة الهندية التي تكثف الاجراءات لوقف تدهور الروبية، في واحدة من أسوأ أزماتها منذ أكثر من عشرين سنة، لكن قراراتها بقيت حتى الآن بلا جدوى. وسجلت العملة الهندية حدها الأدنى الأسوأ عند 62.03 روبية للدولار نهاية الأسبوع الماضي ثم تراجعت اثنين في المئة أمس. اما بورصة بومباي فشهدت أسوأ انخفاض منذ سنتين اقتربت نسبته أربعة في المئة. وقال الاقتصادي في مجموعة «سي أل أس أيه»، راجيف مالك، «يبدو أن أياً من اجراءات الترقيع لا تجدي، لم ينجح أي منها في قلب التوجه». وخسرت الروبية 75 في المئة من قيمتها أمام الدولار منذ كانت في أعلى مستوياتها في شباط (فبراير) 2008 عندما كان سعرها يبلغ 39.40 روبية للدولار. ومنذ مطلع العام الحالي تسارع تراجعها، وخسرت 13 في المئة في أقل من ثمانية أشهر في تدهور هو الأسوأ في هذه الفترة لعملة دولة آسيوية كبرى. وحاول رئيس الوزراء مانموهان سينغ تهدئة النفوس مؤكداً أنه لا يخشى تكرار أزمة عام 1991 عندما أوشك البلد على اعلان العجز عن تسديد ديونه. وقال: «ان العودة إلى ازمة 1991 غير واردة» علماً أنه كان آنذاك وزيراً للمال وينسب اليه النجاح في إخراج البلد من الازمة عبر بدء برنامج اصلاحات واسع النطاق. يذكر ان بعض أسباب ضعف الروبية لا يتعلق بالهند، فعملات الدول النامية الكبيرة تشهد تراجعاً بسبب مغادرة رؤوس الأموال الأجنبية إلى الولاياتالمتحدة حيث يتوقع تحسن النمو والأسعار. لكن عدداً من العناصر يتعلق بالبلد حصراً. فالنمو يتراجع (خمسة في المئة للسنة المالية 2012 - 2013 إلى نسبته الأدنى منذ عشر سنوات، فيما بلغ برنامج إصلاحات اقتصادية نقطة الجمود تقريباً حيث فضلت الحكومة إبقاء الوضع الحالي على ما هو قبل الانتخابات العامة في الربيع المقبل، إضافة إلى فساد مستشر وعجز بلغ أعلى مستوياته. ومنذ الأول من حزيران (يونيو) سحبت الصناديق الاجنبية نحو 11.58 بليون دولار بشكل أسهم وسندات دين بحسب الاحصاءات الرسمية. وعلى رغم احتمال النمو الكبير في القوة الاقتصادية الثالثة في آسيا، يرى المستثمرون أن «الأمور ليست جيدة حالياً» وفق رئيس الأبحاث في مجموعة «اي دي بي اي كابيتال» سونام اوداسي. وفي الأسابيع الماضية أعلنت الحكومة والمصرف المركزي عن اجراءات لوقف تراجع العملة ولجم العجز الجاري الذي يشكل اهم مقياس للمبادلات التجارية الهندية مع الخارج. ومن بين تلك الاجراءات رفع التعرفات الجمركية للحد من استيراد الذهب، وإصدار سندات «شبه سيادية» للاتاحة للشركات الأجنبية سحب أموال من الخارج ودعم النمو، وفرض قيود على إخراج رؤوس الأموال للأفراد والشركات. وأثار الإجراء الأخير استياء الأوساط الاقتصادية التي تخشى عودة البلد إلى سياسته السابقة لتحرير الاقتصاد في مطلع التسعينات. وقد يخشى المستثمرون الأجانب الذين تسعى الهند إلى جذبهم، من ان يستهدفهم هذا الإجراء لاحقاً بحسب المحللين. ... و لا تحتاج إلى صندوق النقد أعلن الخبير الاقتصادي في البنك الدولي أمس، كاوشيك باسو، أن الهند ليست في حاجة لطلب خط ائتمان من صندوق النقد الدولي للمساعدة في إصلاح اقتصادها، وذلك في اليوم ذاته الذي هبطت الروبية إلى مستوى قياسي منخفض. وسئل باسو إن كان ينبغي على الهند أن تطلب مساعدة من الصندوق، فقال: «لا أعتقد أن الوضع الذي نحن فيه يتطلب ذلك... الهند لديها احتياط كافٍ من النقد الأجنبي لذلك لا يوجد ما يستدعي اللجوء إلى صندوق النقد». وهبط سعر الروبية الهندية على رغم سلسلة إجراءات أعلنتها الهند الأسبوع الماضي لوقف هبوط العملة. والروبية هي أسوأ العملات أداء في آسيا منذ أواخر أيار (مايو) حين لمح مجلس الاحتياط الفيديرالي (البنك المركزي) الأميركي للمرة الأولى إلى أنه قد يبدأ سحب الحوافز النقدية هذا العام، ما أدى إلى خروج تدفقات مالية من الأسواق الناشئة في أنحاء العالم.