وصل وفد من صندوق النقد الدولي أمس إلى القاهرة لإجراء مفاوضات مع المسؤولين المصريين حول قرض قيمته 4.8 بليون دولار ينتشل الاقتصاد المصري من وضعه المتراجع. وتتوقع مصر أن تستكمل سريعاً المحادثات التي قد لا تكون سهلة، إذ تحاول الحكومة إقناع الصندوق بأنها جادة في شأن إصلاحات تهدف إلى تعزيز النمو وتقليص عجز ضخم في الموازنة، ومنها زيادات ضريبية وخفض دعم على الوقود والخبز، ما قد يؤدي إلى أخطار سياسية. وقال وزير المال المرسي السيد حجازي في تصريحات صحافية، إن الحكومة تأمل في إنجاز الاتفاق بحلول اجتماعات الصندوق المقررة بين 16 و21 الجاري، بينما لم يحدد مسؤولو الصندوق جدولاً زمنياً. وتواجه الحكومة أخطاراً جدية بعد تراجع احتياطات مصر من النقد الأجنبي إلى مستويات حرجة تغطي الواردات لأقل من ثلاثة أشهر، كما فقد الجنيه نحو عُشر قيمته منذ بداية السنة. ولافت أن حزمة الإجراءات الإضافية التي يطالب الصندوق بتطبيقها تتطلب من الحكومة تفعيل الإيرادات وتقليص الإنفاق الحكومي من خلال إعادة هيكلة الدعم، وتلك الإجراءات متروكة للحكومة لتحديدها بشرط أن تعزز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الفقيرة المتضررة، لتحقيق الاستقرار الاجتماعي بما يضمن نجاح تنفيذ البرنامج. ولكن تعزيز الإيرادات قد يكون الجزء السهل، إذ إن ضغط الإنفاق الحكومي قد يواجه بعراقيل في ظل ارتفاع أسعار السلع مدفوعة بارتفاع سعر الدولار وتراجع قيمة الجنيه، ما يشكل أعباء على الفئات الفقيرة ويحد من قدرة الحكومة على ترشيد الدعم تحسباً لردود الأفعال. وجددت بعثة صندوق النقد عرضها للحكومة بقبول قرض عاجل قيمته 750 مليون دولار والذي كانت رفضته سابقاً، خصوصاً في ظل توقعات بعدم قدرة الحكومة على اتخاذ الإجراءات لمعالجة عجز الموازنة وإصلاح الخلل في نظام الدعم بسبب الوضع السياسي الشائك، إلى جانب حسابات الانتخابات البرلمانية التي قد تحول دون تنفيذ البرنامج، ما قد يرجئ توقيع الاتفاق مع الصندوق إلى ما بعد الانتخابات. ووصف خبراء اقتصاد القرض العاجل بالمهم لسد احتياجات الحكومة من النقد الأجنبي لتغطية الاحتياجات الأساس من الغذاء، ولكنهم أكدوا أنه لن يحقق التداعيات الإيجابية في حال التوقيع، الذي يعتبر بمثابة شهادة ثقة في قدرة الاقتصاد على تجاوز الصعوبات والتعافي بما يتيح تدفق رؤوس الأموال وحزمة المساعدات. وتضامن «التيار الشعبي المصري» مع دعوات القوى السياسية التي نظمت وقفة احتجاجية ضد القرض أمام دار القضاء العالي. وأكد التيار في بيان أن «الرئيس ووزير المال مسؤولان عن إتمام هذا القرض على رغم آثاره السلبية على الاقتصاد والأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمصريين»، معتبراً أن القرض سيؤدي إلى استمرار تبعية الاقتصاد المصري ورهن الإرادة الوطنية فضلاً عن تحمل الغالبية العظمى من الفقراء آثاره. مزيد من التراجع للجنيه إلى ذلك، ارتفعت أسعار تداول الدولار أمس إلى مستوى قياسي جديد أمام الجنيه لتراوح بين 8.05 و8.10 جنيه في السوق الموازية، ما يعكس النقص الشديد في المعروض في السوق المحلية وعدم قدرة المصارف على تلبية كل طلبات الزبائن والشركات التجارية لسداد التزاماتها من النقد الأجنبي. واستقرت أسعار الدولار في البنوك عند 6.8096 جنيه للشراء و6.839 جنيه للبيع، في حين تتفاقم أزمة نقص المعروض النقدي من العملات الأجنبية لتشمل اليورو الذي بلغ 10.25 جنيه في السوق السوداء و8.7 جنيه للشراء و8.91 جنيه للبيع في البنوك. وأكد مصدر في إدارة المعاملات الدولية في «البنك التجاري الدولي»، أن حجم المعروض الدولاري في السوق لا يكفي لتغطية الطلبات المتراكمة على شراء العملة الأميركية، خصوصاً مع خفض حجم السيولة التي يضخها البنك المركزي عبر عروض بيع الدولار إلى 115 مليون دولار أسبوعياً موزعة على 38 مصرفاً. ونبه إلى أن البنوك تلبي طلبات الزبائن على الدولار وفق ترتيب أولوياتها، إذ تُلبى أولاً طلبات الاعتمادات المستدينة لاستيراد السلع الأساس والضرورية واستيراد المواد الغذائية والأدوية وغيرها.