على رغم ترحيب حقوقيين في مصر بسماح القضاء الإداري لمحام بالطعن أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مادتين في قانون التظاهر الذي سُجن بموجبه عدد من الناشطين الثوريين البارزين، إلا أن ذلك الطعن يبدو أنه لن يكون مؤثراً في الأحكام التي صدرت ضد المحكومين حتى لو قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادتين. وكانت محكمة جنايات قضت بسجن الناشط علاء عبدالفتاح و24 ناشطاً آخرين لمدة 15 عاماً لإدانتهم ب «انتهاك قانون التظاهر والتعدي على موظفين عموميين» خلال تظاهرة نظموها أمام مجلس الشورى قبل أشهر للاحتجاج على السماح في الدستور بإحالة المدنيين على محاكم عسكرية. ويقضي مؤسس حركة «شباب 6 أبريل» أحمد ماهر والناطق باسمها محمد عادل والناشط أحمد دومة عقوبة السجن 3 سنوات لانتهاك القانون نفسه والتعدي على شرطيين، بعدما أيدت محكمة جنح مستأنف حكماً ابتدائياً بسجنهم. وعوقبت الناشطة ماهينور المصري بالسجن عامين بتهمة التظاهر من دون تصريح والتعدي على أفراد الشرطة خلال جلسة محاكمة قتلة الشاب خالد سعيد الذي يعتبر أيقونة الثورة، وأيدت محكمة جنح مستأنف الحكم ضدها. وقضت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة أول من أمس بإرجاء دعوى قضائية أقامها المرشح الرئاسي السابق خالد علي تطالب ببطلان قانون التظاهر الصادر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حتى 21 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل لإتاحة البدء في إجراءات الطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا. وصرحت المحكمة لعلي بالطعن على المادة الرقم 8 التي تتعلق بإخطار الشرطة بالتظاهرة أو الاجتماع قبل الموعد بثلاثة أيام على الأقل، والمادة الرقم 10 التي تتعلق بجواز منع التظاهرة بقرار من وزارة الداخلية بناء على «معلومات جدية عن تهديدها السلم». لكن رئيس «مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان» المحامي أحمد سيف الإسلام، وهو والد الناشط علاء عبدالفتاح، قال ل «الحياة» إن ابنه وكل الناشطين المحبوسين دينوا بموجب مواد في قانون التظاهر غير المادتين اللتين يُنتظر أن تنظر فيهما المحكمة الدستورية العليا في جلسة سيتحدد موعدها بعد تقديم خالد علي مذكرته. وعلى رغم أن سيف الإسلام يرى أن الإحالة على الدستورية العليا «أمر مفيد في حد ذاته»، إلا أنه «لا علاقة له بالقضايا» التي دين فيها الناشطون «لأنهم سُجنوا وفقاً لمواد أخرى في قانون التظاهر وقانون العقوبات». وأضاف: «حتى لو قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادتين، فلن يؤثر القرار في قضايا الناشطين». لكن سيف الإسلام أوضح أن من حق المحكمة الدستورية أن توسع نظرتها للقانون وألا تكتفي بالنظر في المادتين المُحالتين عليها من القضاء الإداري، وفي حال تطرق قرارها إلى مواد أخرى أو إلى مُجمل القانون وقضت بعدم دستوريته، ففي هذه الحال فقط سيؤثر الحكم في القضايا التي دين فيها الناشطون. وأردف: «لكن نعتبر أن هذه الإحالة ليست لها علاقة بقضايانا... سنطعن بعدم دستورية مواد القانون التي دين بموجبها علاء أمام دائرة محكمة الجنايات التي ستنظر في الاستئناف على حكم سجنه، وإن قبلت محكمة الجنايات الطعن فستحيل تلك المواد على المحكمة الدستورية العليا التي يحق لها النظر في دستورية تلك المواد لو قيدت نفسها بالنظر في المادتين 8 و10 من القانون». وقال منسق «6 أبريل» عمرو علي ل «الحياة» إن إحالة القانون على المحكمة الدستورية «خطوة جيدة». وزاد: «نحاول أن نسلك كل السبل سواء قانونية أو شعبية لإسقاط القانون، وهذه الإحالة تؤكد أن المادتين في حاجة إلى مراجعة دستورية». لكنه أعرب عن خشيته من «تأثر المحكمة من كون رئيسها الحالي عدلي منصور هو من أصدر القانون حين كان رئيساً موقتاً للبلاد»، متوقعاً أن تواجه المداولات «صعوبات» بسبب ذلك الأمر. غير أن مصدراً قضائياً أكد ل «الحياة» أن منصور لن يُشارك في المداولات التي ستجريها المحكمة للنظر في القانون. وقال عمرو علي: «على رغم أننا نعلم أنه حتى لو قضت المحكمة بعدم دستورية المادتين، فإن زملاءنا لن يُطلق سراحهم، إلا أن الإحالة في حد ذاتها تؤكد أن اعتراضاتنا على القانون كانت في محلها وليست شعارات. نحن نسعى إلى الحفاظ على حق التظاهر، لا على الشباب... حبس الناشطين ليس كل القضية».