واشنطن - أ ف ب، رويترز - ودع الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق لقوات الحلف الأطلسي (ناتو) في أفغانستان، وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) استعداداً لتولي منصب مدير الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي)، من دون أن يفته التحذير من أن الخفض المرجح لموازنة العام المقبل، ومقداره 350 بليون دولار، قد تهدد قدرة الجيش الأميركي على مكافحة المتشددين. وأبدى بترايوس (58 سنة) خلال حفلة نظِمت في مناسبة تقاعده من الجيش في قاعدة «فورت ماير» وتضمنت استعراضاً لحرس الشرف وعزف الموسيقى العسكرية، قلقه من أن الضغوط المالية قد تؤدي إلى تقويض عمل قوات ساهم في تشكيلها. وقال: «حتى في خضم قرارات صعبة تتعلق بالموازنة لا بدّ من بناء جيش يستكمل القدرات والمرونة التي طورناها خلال العقد الأخير خصوصاً». وأضاف: «منذ اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) الماضي، تعلم الجيش الأميركي درساً اثبت الزمن صحته مرة تلو أخرى، ويفيد بأننا لا نخوض بالضرورة الحروب التي نتوقعها أو التي نريدها». وهنأ الرئيس اوباما بترايوس على مشواره «التاريخي»، مرحباً ب «مواصلته التزامه بالخدمة العامة» رئيساً ل «سي آي أي». أما رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة الأميرال مايك مولن فاعتبر بترايوس «عملاقاً» يقف في مصاف عظماء البلاد من الجنرالات، وتجاسر على تحدي الأنماط المألوفة في العمل العسكري. وقال مولن: «ببساطة وضع الجنرال ديفيد بترايوس القاعدة الذهبية لقيادة العمليات العسكرية في العصر الحديث»، علماً انه لا يخفى إعادته صوغ قواعد الجيش الأميركي لكيفية خوض القتال في مواجهة حركات متمردة، وتجسيده التحول العسكري للجيش الأميركي منذ 11 أيلول، مع الابتعاد عن نموذج الحرب النمطية. واكتسب بترايوس صيتاً في العراق مع توليه في كانون الثاني (يناير) 2007 زمام الحرب التي بدت حينها أنها تتجه إلى كارثة، ووقف وراء زيادة عدد القوات، مشجعاً ضباطه على عقد صفقات مع مسلحين سابقين، ما انقذ الحرب. ولا تزال استراتيجية تعزيز القوات في العراق تخضع لتقويم، إذ يقول منتقدوها إن «العنف تراجع ليس بسبب زيادة القوات بل لأن أعمال العنف الوحشية من القاعدة نفرّت زعماء العشائر السنية وأفقدت التنظيم المتطرف دعمهم». واعتمد بترايوس توجهاً مماثلاً في أفغانستان حيث استعان ب 30 ألف جندي إضافي. لكن ذلك وتر علاقاته مع مساعدي اوباما، ما جعله يدفع، بحسب بعض مؤيديه، ثمن عدم اختياره لتولي رئاسة أركان الجيوش المشتركة، المنصب الأرفع في الجيش الأميركي. وقبل أن يترك قيادة قوات «الأطلسي» في أفغانستان في تموز (يوليو) الماضي، بعد نحو سنة من توليه المنصب، تحدث بترايوس عن تقدم في مواجهة حركة «طالبان» عبر دحر عناصرها في الجنوب وتوسيع نطاق عمل القوات الأفغانية، فيما شدد مولن على أن «أفغانستان باتت اكثر أماناً وأملاً الآن عنها قبل سنة». لكن حركة التمرد في أفغانستان عادت للظهور من دون أن يقضى عليها، ما يعني أن تقويم أداء بترايوس لا يزال غير محسوم، في وقت تتصاعد الشكوك بين الأميركيين إزاء جدوى الحرب الأفغانية المستمرة منذ عشر سنوات، فيما تخطط واشنطن لسحب تدريجي للقوات خلال السنوات الأربع المقبلة. وأمس، اعلن «البنتاغون» أن آب (أغسطس) الماضي اعتبر الشهر الأكثر دموية بالنسبة إلى الجيش الأميركي في أفغانستان منذ دخوله البلاد نهاية عام 2001، إذ سقط خلاله 66 قتيلاً، في حصيلة تجاوزت تلك في تموز 2010 حين سقط 65 أميركياً. وتمثل الحادث الأخطر في سقوط 30 جندياً أميركياً بينهم أفراد في وحدة «نيفي سيل» الخاصة التابعة للبحرية الأميركية تواجدوا على متن مروحية اسقطها مسلحو «طالبان». ولا تزال القنابل اليدوية الصنع السبب الرئيسي في الخسائر خلال السنوات الأخيرة، على رغم جهود الحلف الأطلسي والولايات المتحدة لكشف هذه العبوات الناسفة. وفي 2011، قتل 418 جندياً أجنبياً في أفغانستان بينهم 306 أميركيين. وفي المحصلة، قتل 1752 جندياً أميركياً في أفغانستان منذ بداية النزاع.