نعت الجامعة الأميركية في بيروت ودائرة التاريخ وعلم الآثار فيها أستاذ الشرف في الدائرة البروفسور كمال سليمان الصليبي، الباحث والمؤلّف والمؤرّخ المرجعي والصديق الذي توفي صباح اليوم الخميس أول أيلول 2011. ولد الدكتور كمال الصليبي في بيروت في 2 أيار 1929 ونشأ في بلدة بحمدون، وارتبط بالجامعة الأميركية في بيروت باكراً. فهو التحق في 1938 بمدرسة الانترناشونال كولدج التي كانت جزءاً من الجامعة آنذاك. وبعد الدراسة الثانوية التحق بالأميركية في 1945 وتخرج بعد أربع سنوات حاملاً بكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية. وقد علّم في الانترناشونال كولدج مدة عام بعد تخرّجه ثم سافر إلى إنكلترا، حيث نال الدكتوراه في تاريخ الشرق الأوسط من جامعة لندن في 1953. وكانت أطروحته بعنوان "المؤرخون الموارنة وتاريخ لبنان في القرون الوسطى"، بإشراف الأستاذ برنارد لويس. في العام التالي، بدأ الدكتور الصليبي التعليم في دائرة التاريخ في الجامعة. وبعد عامين، رقّي إلى رتبة أستاذ مساعد. وأصبح أستاذاً (بروفسور) في 1965، وهي رتبة رافقته حتى 1999، حين عيّن أستاذ شرف في كلية التاريخ وعلم الآثار، التي كان قد أصبح من أعمدتها مع صحبه الكبار مثل نقولا زيادة وزين زين. وخلال خدمته الطويلة في الكلية عُرف الدكتور الصليبي بحضوره العلمي ومكانته الأدبية البارزة كمؤرخ وصاحب نظريات ناقضت مفاهيم شائعة وراسخة على مستوى المنطقة والعالم. ووضع كتباً بالعربية والانكليزية، ومعظمها تُرجم أو عُرّب بقلمه أو بمراجعته ودارت حوله نقاشات طويلة. ومن كتبه: تاريخ لبنان الحديث، منطلق تاريخ لبنان، بيت بمنازل كثيرة، التوراة جاءت من جزيرة العرب، البحث عن يسوع. ألهم الدكتور الصليبي أجيالاً من المؤرخين درست على يديه وألقى محاضرات عديدة اختصرت أبحاثه، مثل محاضرته في مؤتمر الديموقراطية اللبنانية في جامعة شيكاغو أيار 1963، ومحاضرته عن فخر الدين المعني الكبير في جامعة الروح القدس في الكسليك اذار 1970. نال الدكتور الصليبي تكريمات عديدة، منها وسام المؤرّخ العربي من اتحاد المؤرخين العرب أيار 1993، مع كوكبة من المؤرخين البارزين ضمّت قسطنطين زريق ونقولا زيادة وزاهية قدّورة وسامي مكارم وعادل اسماعيل وياسين سويد وحسّان حلاق . كما كان من ضمن كوكبة من الأساتذة الباحثين كرّمتهم الجامعة في حزيران 2000، وعيّن في 2009 زميلاً فخرياً في جمعية الدراسات الشرق أوسطية. ___________ * تُقبل التعازي في الكنيسة الإنجيلية ببيروت، ساحة رياض الصلح، عند العاشرة صباح السبت 3 أيلول. وتقام خدمة الجنازة في الكنيسة عند الحادية عشرة. بقي الدكتور الصليبي في الجامعة طيلة سنوات الحرب اللبنانية (1975 – 1990). وكانت أبواب بيته مفتوحة دائماً لطلابه الذين أتحفهم بعزفه على البيانو. وفي حزيران 1977 عُرضت مسرحية فكاهية من تأليفه. في 1994 وبطلب من الأمير حسن بن طلال، أسّس الدكتور الصليبي المعهد الملكي للدراسات الدينية في عمان، الأردن، وخدم كمدير له لعشر سنوات. وأصبح بعد ذلك مستشاراً لمؤسسة التراث الدرزي.