تتصاعد رغبة المشاهدين في معرفة ما يدور في ليبيا قبيل ساعات من سقوط العاصمة طرابلس ويترك مشاهدون قنوات المسابقات والمسلسلات والأفلام وييممون بوجوههم شطر القنوات الإخبارية العربية بالدرجة الأولى على اعتبار أنها في مقدمة القنوات الإخبارية الناطقة باللغة العربية لكن ثمة مشهد غائب لعدم وجود مراسل يتحدث من داخل طرابلس معقل العقيد معمر القذافي في ذلك الحين. يظهر سيف الاسلام القذافي بعد الأنباء التي راجت عن القبض عليه ب «الملابس النسائية» فتنطلق القنوات الأجنبية «سي إن إن» الأميركية و»سكاي نيوز» و»الجزيرة إنترناشونال» وتتواصل مع مراسليها من قلب الحدث، وتبث لقطات لما يحدث على الأرض، بينما يظهر المذيع الشاحب في القناة الناطقة باللغة العربية متردداً ليقول: «إن اللقطات لا يمكن التأكد من صحتها»، ويكرر أنها «بحسب الوكالات العالمية». ثمة أمر مفهوم في أن يغيب مراسلون لقنوات عربية عن التواجد في طرابلس لاعتبارات عدة منها ما يتعلق بتصنيف هذه القنوات في إطار مع أو ضد السلطات المحلية القائمة لكن يبدو أن هذا لا يعد الاعتبار الوحيد فهناك اعتبارات أخرى كثيرة ربما تظهر في الأفق لو تم التمحيص والتدقيق، وأياً كانت الأسباب فالمشاهد لهذه القنوات لا يهمه إلا أن يعرف ويفهم ويتابع الحقيقة كما هي من أرض الميدان وبروح شاهد حاضر فالعرب تقول: «ليس الخبر كالعيان». قناة أخرى ناطقة بالعربية تتصل بنوميديا الطرابلسي وهي إعلامية محسوبة على الثوار لتعترف أن أنباء ظهور سيف الإسلام القذافي في طرابلس كانت في حوزتها في الاتصال السابق (قبل خمس ساعات بحسب ما قالت) إلا أنها لم تكن تريد أن تثير البلبلة، وتضيف: «بعد الأنباء المفرحة عن القبض عليه كانت لدي أنباء عن ظهوره في طرابلس لكن لم أرد أن أثير البلبلة». في قناة ثالثة ناطقة بالعربية يظهر شريط يقول صراحة: «مراسل سي إن إن يؤكد أن باب العزيزية سقط في يد الثوار». في المقابل، عندما تنتقل بالريموت كنترول وتصوب وجهتك نحو القنوات الناطقة بالانكليزية يظهر المراسلون يتوالون الواحد تلو الآخر، في «سي إن إن» مثلاً كان ماثيو براس من فندق «ريكسوس» في طرابلس بينما في الضفة الأخرى عند الثوار تظهر سارة سيدنر ليكون الاتصال مع الطرفين أولاً بأول ولحظة بلحظة حتى دخول الثوار للمدينة. «سكاي نيوز» تتبع الخط ذاته بل وتلتقي المراسلة بالشاب الليبي الذي يعتمر قبعة القذافي ويمسك بعصاه بينما القنوات العربية تجري الاتصالات بالأقمار الصناعة من باريس ولندن وواشنطن للحديث عن الأمر. المفارقة كانت في الاختلاف بين قناة «الجزيرة» الناطقة بالانكليزية ونظيرتها العربية فالأولى كان لديها صور حية لم تبثها الثانية إلا لاحقاً. أخيراً، تبقى الصورة التي ظهرت للمراسلين التلفزيونيين والصحافيين الذين كانوا محتجزين في فندق «ريكسوس» في العاصمة طرابلس من الأجهزة الأمنية التابعة للقذافي كافية لقراءتها بوضوح «إعلامي» فملامح قرابة 30 مراسلاً لم يكن ممكناً قراءتها (تلفزيونياً) إلا من اليسار إلى اليمين.