واشنطن - «نشرة واشنطن» - تمثل الشاحنات نسبة 4 في المئة من حركة المرور على الطرق السريعة في الولاياتالمتحدة، لكنها تولّد نسبة 20 في المئة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري ذات الصلة بوسائل النقل. وتلتهم الجرارات ذات المقطورات والحافلات والشاحنات الكبيرة وشاحنات القمامة وغيرها من مركبات الأعمال الشاقة نسبة 17 في المئة من النفط المستهلك على الطرق في الولاياتالمتحدة. وانفرجت أسارير الجماعات المهتمة بالبيئة في 9 آب (أغسطس) الجاري عندما أكملت حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما الصياغة النهائية لأول برنامج لمعايير الكفاءة في استهلاك الوقود لشاحنات الخدمة الثقيلة، كما فعلت شركات صناعة السيارات، التي ستسدد كلفة المعايير الجديدة. وتتوقع شركات سيارات أميركية مثل «فورد» و «كرايسلر» و «جنرال موتورز» أن تتكبد تكاليف إضافية تبلغ 8 بلايين دولار، بهدف تحديث مصانع الإنتاج وتصاميم السيارات التجارية للحدّ من انبعاثات عوادم الشاحنات بنسبة تصل إلى 23 في المئة بحلول عام 2018. ويتوقع أن يوفر الوقود الأكثر كفاءة 50 بليون دولار لأصحاب السيارات على مدى عمر نماذج السيارات المنتجة ما بين 2014 و2018 والتي تأثرت بالمعايير الجديدة. ويمكن هذا التوفير، بدوره، أن يترجم مبيعات إضافية لشركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى. وتأتي المعايير الجديدة على رأس معايير الكفاءة في استهلاك الوقود لسيارات الركاب والشاحنات المتوسطة الحجم، التي دخلت حيّز التنفيذ في العام الحالي لنماذج السيارات التي تدخل الأسواق من عام 2012 إلى 2016. وأعلنت الحكومة الأميركية في تموز (يوليو)، عن معايير أكثر صرامة لهذه السيارات للسنوات اللاحقة، عبر رفع متطلبات كفاءة استهلاك الوقود من 34.1 ميل للغالون الواحد لنموذج عام 2016 إلى 54.1 ميل (أي 23 كيلومتراًً لليتر الواحد) لنماذج عام 2025. وتعني المعايير الجديدة للشاحنات أن المطلوب من كل فئات السيارات على الطرق الأميركية، الاستجابة لصرامة معايير الكفاءة في استهلاك الوقود، وللسياسات التي من شأنها أن تساعد على خفض انبعاثات العوادم التي تساهم في تغير المناخ وتؤثر في صحة الملايين من الناس. وأكد مسؤولون في الحكومة أن توفير 4.2 بليون دولار في تكاليف الرعاية الصحّية ممكن بحلول عام 2030، حين يبدأ الأميركيون باستنشاق هواء أنظف. وقررت شركات صناعة السيارات الأميركية العمل مع الوكالات الحكومية الاتحادية لصوغ السياسات الجديدة. وقال الرئيس أوباما معلناً عن المعايير الجديدة للشاحنات: «بينما كنا نعمل على تحسين كفاءة السيارات والشاحنات الخفيفة، بدأنا نتلقى خطابات من المصنّعين والسائقين تطلب أن نفعل الشيء ذاته بالنسبة للمركبات ذات الحجم المتوسط والثقيل». وكتبت 15 شركة من شركات صناعة السيارات في الولاياتالمتحدة والخارج وجمعيتان أميركيتان للصناعة وولاية كاليفورنيا في العام الماضي، رسائل دعم للمعايير الجديدة. وكانت كاليفورنيا دخلت في نزاع مع شركات صناعة السيارات، بعد إقرارها معايير كفاءة لاستهلاك الوقود خاصة بها في غياب القواعد الاتحادية. وأشار مصنعو السيارات في رسائلهم لدعم القواعد الجديدة للشاحنات إلى أن «الولاياتالمتحدة بحاجة إلى توحيد سياسات تعطي توجيهات واضحة لشركات صناعة السيارات»، بدلاً من أن تقدم الولايات خليطاً من البرامج المختلفة. ووصف رئيس «نقابة عمال السيارات المتحدين الأميركيين»، بوب كينغ، القواعد الجديدة للكفاءة في استهلاك الوقود ب «الاقتراحات البديهية». وأضاف: «إنها توضح حجم ما يمكننا تحقيقه حين تتكامل منظومة العمل التجاري والعمال والقطاع العام وتعمل سوية لتحقيق التوافق في الآراء». وقال رئيس «صندوق الدفاع عن البيئة» الأميركي فريد كروب: «واشنطن فهمت واتخذت قراراً سليماً جداً، فبفضل هذه المعايير، سيستفيد الجميع، إذ سيوفر سائقو الشاحنات المال عند مضخات الوقود، وسيتقلص معدل استيراد النفط الأجنبي، وسنستنشق هواء أنظف». وتعهدت حكومة أوباما في محادثات دولية غير مُلزمة بخفض معدلات انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 17 في المئة عن مستويات عام 2005 بحلول عام 2020، مع العلم أن معالجة التلوّث الناجم من السيارات والشاحنات والحافلات جزء مهم من هذه المعضلة. يذكر أن قطاع النقل هو المسؤول عن 29 في المئة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولاياتالمتحدة، والشاحنات الثقيلة هي أسرع الملوثات نمواً ضمن هذه المجموعة. ويتوقع أن يكون لتقليص الانبعاثات، حتى المتواضع نسبياً، تأثير كبير بيئياً.