تتشابه مراحل الانتعاش الاقتصادي بين الدول لجهة الأسباب والدوافع والمصادر، وتختلف بالتوقيت والقوة والقدرة على التماسك في وجه التحديات والتطورات المالية والاقتصادية على مستوى العالم. ولعل القطاع العقاري هو الذي فتح الأبواب أمام الاستثمارات عبر الحدود في فترة ما قبل الأزمة وبعدها، وساهم في تصاعد وتيرة الاستثمارات الأجنبية الخارجية، كون رؤوس الأموال بدأت البحث عن ملاذات آمنة غير تلك التقليدية التي كانت تقتصر على الإيداعات النقدية في المصارف الغربية، إضافة إلى الاستثمار في أسواق الأسهم والسندات في تلك الأسواق التي أثبتت التجارب السابقة ارتفاع مستوى الأخطار التي أحاطت بها، فيما تعرض المستثمرون إلى خسائر لا حدود لها خلال تلك الفترة. ولاحظت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن الأسواق العقارية العالمية «تتسابق للحصول على أكبر قدر من الاستثمارات العقارية وغيرها، والتي يعول عليها في تنشيط الأسواق المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية والاستحواذ على مواقع قيادية في قرارات الاستثمار العالمي المتنوع». ولفتت إلى «نجاح مدن كثيرة في دول المنطقة بالاستحواذ على جزء كبير من السوق العقارية والنشاط الاستثماري العقاري على مستوى الإقليم والعالم». واعتبر التقرير أن السوق العقارية التركية «تأتي بعد سوق دبي لجهة الفرص الاستثمارية والتوجه الاستثماري العقاري الخليجي في المرحلة الراهنة، إذ نجحت الإمارة في رفع مستوى الاستثمار العقاري وجعلته مقصداً للباحثين عن الاستثمار الناجح والآمن والمجدي اقتصادياً». فيما ساهمت الثقافة الاستثمارية المعتمدة في الإمارة «في إحداث تغير جذري على أسس الاستثمار العقاري وأهدافه على مستوى الجاذبية والنتائج المتوقعة، في وقت كان التركيز الاستثماري في اتجاه القطاعات السياحية والفندقية، «أحد أهم القرارات الصائبة المنتهجة والتي نافست دولاً كانت تحتكر القطاع السياحي والفندقي لمدة طويلة». لذا «اعتمدت دول الجوار والإقليم نهج دبي في الاستثمار والعمران العقاري أساساً لها لاستهداف الاستثمارات والمستثمرين من كل دول العالم». وأورد تقرير «المزايا» أن القطاع العقاري التركي «كان له نصيب من النجاح على هذا الصعيد بنجاحه في تسويق منتجاته ومخرجاته في شكل جيد وبحرفية، معتمداً بذلك على الإرث الحضاري والموقع المتميز والمناخ الجميل، فضلاً عن الاستفادة من الروابط التاريخية بين دول المنطقة والمجتمع التركي». ورأى أن السوق العقارية التركية «تمرّ في عصرها الذهبي نشاطاً وطلباً وعائدات وتوقعات مستقبلية». وأفاد التقرير بأن القطاع العقاري التركي «حافظ على جاذبيته الاستثمارية في الفترة الماضية وحتى الآن، فيما واصلت الأموال الخليجية تدفقها إلى السوق التركية مستهدفة القطاع العقاري تحديداً، وبات القطاع العقاري التركي مستهدفاً من شركات عقارية تتطلع إلى إنشاء مشاريع عقارية متنوعة في تركيا واستغلال الانتعاش الاقتصادي والنشاط الكبير الذي يشهده القطاع العقاري، والذي يسجل مستويات متصاعدة من الطلب، وكان آخرها دخول شركة «المزايا القابضة» الكويتية إلى السوق التركية من خلال اتفاق تحالف مع مجموعة شركات «دومانكايا» العقارية التركية. كما أسست شركة جديدة باسم «مزايا تركيا للاستثمار العقاري». وأورد التقرير أن «بيانات السوق في ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة لحجم الاستثمارات الخليجية التي استوطنت أخيراً في القطاع العقاري التركي، تشير إلى بلوغ حجم الاستثمارات الخليجية 7 بلايين دولار هذه السنة». وأعلنت أن الخطط الحكومية «تتركز على استهداف رؤوس الأموال الأجنبية واستقطابها إلى مشاريع البناء الحالية وتلك التي يُخطط لها والمقدرة قيمتها ب 80 بليون دولار خلال العقد المقبل». ورصد التقرير استمرار نشاط السوق العقارية التركية «ما يؤهلها للعب دور مهم في تحسين معدلات النمو الاقتصادي». ويُذكر أن الاستثمارات الإجمالية في القطاع العقاري التركي «نمت بنسبة 16 في المئة في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2013». وقدر قيمة المبيعات العقارية المنفذة للأجانب «ب 25 بليون دولار، ما يعكس جاذبية السوق وجدواها الاقتصادية للمستثمرين على المديين المتوسط والطويل». في المقابل، تواجه السوق «تحديات ارتفاع الأسعار في شكل كبير ومتواصل نتيجة استمرار الطلب على المنتجات العقارية من الفئة الفاخرة، وارتفاع كل أنواع المنتجات العقارية على مستوى التأجير لتصل نسبة الارتفاع في بعض المواقع إلى 100 في المئة». ويشكّل الاستثمار المقبل من منطقة الشرق الأوسط «نحو 60 في المئة من الاستثمار العقاري الأجنبي، ويأتي 20 في المئة كمزيج من المستثمرين من مواطني أوروبا والولايات المتحدة. وتبعاً لذلك اجتمع الطلب المحلي بالأجنبي منتجاً سوقاً عقارية قوية، ما رفع الأسعار مع توقعات بمواصلتها هذا المنحى». ويستطلع تقرير «المزايا» مقومات القطاع العقاري التركي خلال الفترة المقبلة ونقاط قوته وضعفه، وبات واضحاً أن السوق العقارية التركية «فتحت أبوابها على كل ما هو جديد وداعم للنشاط العقاري في الدولة». واعتبر أن للقوانين العقارية الجديدة «أهمية كبيرة في زيادة النشاط الاستثماري في القطاع ما شكل فرصة كبيرة للاستثمار فيه، إذ أتاح للأجانب تملك الأراضي والشقق السكنية والعقارات، ما دفع بمستثمرين كثر إلى الاتجاه نحو العقارات التركية، وساهم أيضاً في إنعاش السوق بنسبة لا تقل عن 30 في المئة». وبات مؤكداً «ارتفاع جاذبية القطاع لتشجيع شركات عربية على التوجه للاستثمار في العقارات التركية». وأظهر مؤشر «نايت فرانك» الدولي، أن السوق التركية من بين أكبر 10 أسواق عالمية نمواً في أسعار العقارات، كما حلّت في المركز الثاني من بين الأسواق الأكثر جاذبية للاستثمار في العالم». وتوقع التقرير «ارتفاع النشاط الاستثماري للبنوك الإسلامية، باعتبار تركيا من أسرع أسواق التمويل الإسلامي من خارج دول مجلس التعاون الخليجي».