لم تعد المنافسة حكراً على قطاعات محددة أو قيم استثمارية معينة أو قطاعات اقتصادية ومالية بحد ذاتها، كما لم تكن حكراً على مدينة أو دولة معينة، واللافت أن التطورات المالية والاقتصادية والسياسية الايجابية والسلبية، ساهمت في توسيع نطاق المنافسة لتشمل الجوانب والأنشطة كافة في كل القطاعات، فيما كان لتداعيات الأزمة دور كبير في فك نطاق الاحتكار التقليدي للمنافسة على قمم التطور والحصرية والتميز في العالم. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى أن «دول العالم ومدنه وقطاعاتها الاقتصادية أصبحت على مسافة واحدة من المنافسة والتميز، فالمهم القدرة على المنافسة وامتلاك مقوماتها وأدواتها، وتبعاً لذلك فإن دول المنطقة نجحت في حجز مكان على خريطة التميز والمنافسة العالمية، وخصوصاً على الأنشطة الاستثمارية على قطاعاتها المالية والعقارية والسياحية، وخلال الفترة المقبلة على القطاعات الصناعية الإنتاجية، وذلك نظراً إلى تمتع دول المنطقة بعوامل النجاح المطلوبة وتوفر الموارد المالية واتساع نوع الخطط الاستثمارية وحجمها على الأنشطة والمجالات الاستثمارية كافة، يدعمها استقرار سياسي ونمو اقتصادي». ولفت إلى أن «القطاع العقاري قاد مرحلة تعزيز عوامل المنافسة لدول المنطقة على المستوى العالمي، وأصبح لدول المنطقة ومدنها أهمية على خريطة الاستثمار العقاري والتجاري والسياحي، وكان للقطاع الدور الأكبر في تحول هذه الدول إلى وجهات استثمارية بارزة نتيجة التطور الكبير الذي يسجله وقدرته على جذب المستثمرين من كل الدول». وأضاف أن «كل من دبي وأبو ظبي والدوحة تتصدر قائمة المدن العربية الأعلى على مستوى الاستثمارات العقارية المولدة للثروات، نظراً الى ما تتمتع به من ارتفاع على وتيرة نشاطها المالي والاقتصادي وارتفاع جودة الحياة لديها، إضافة إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي، فيما تفوقت دبي على باقي المدن إذ إنها من المدن الرئيسة التي تضم أصحاب الثروات الضخمة، لتستحوذ على المرتبة السابعة عام 2013، بينما يتوقع أن تحتل المركز الثامن نهاية 2014». وحافظت لندن على جاذبيتها الاستثمارية، تحديداً في القطاع العقاري، وضمنت تواصل إقبال الاستثمارات العربية والخليجية. وأظهرت إحصاءات السوق العقارية البريطانية ارتفاع الاستثمارات العقارية 47 في المئة في لندن نهاية عام 2013، فيما ارتفع حجم الاستثمارات الموجهة نحو القطاع العقاري التجاري إلى أكثر من 33 بليون دولار. وتستمر المنافسة، وفق تقرير «المزايا»، إذ واصلت العقارات السكنية الصينية ارتفاعها حتى نهاية عام 2013، وسجلت ارتفاعاً وصل إلى سبعة في المئة في أكثر من 100 مدينة، ما يمثل ميزة تنافسية لجذب الاستثمارات الخارجية على أكثر القطاعات نمواً وأكثرها أماناً. ولا يزال القطاع العقاري الصيني يتصدر الوجهات الاستثمارية الأفضل، نظراً لما للسيولة التي تتمتع بها السوق وانتهاج سياسة نقدية مرنة، ما يدفع شرائح المجتمع الصيني نحو شراء الشقق بهدف التحوط من التضخم. وأظهرت مؤشرات السوق العقارية الصيني أن عام 2014 سيكون جيداً لقطاع العقارات السكنية، فيما يُتوقع أن ترتفع مستويات السيولة لدى السوق، وبالتالي استمرار ارتفاع الأسعار وارتفاع الجدوى الاستثمارية للقطاع. وتدخل إسطنبول بقطاعها العقاري على خط المنافسة والجاذبية الاستثمارية لتستحوذ على مواقع متقدمة لجهة فرص الاستثمار، نظراً إلى تسجيل نمو ملحوظ في الاقتصاد، وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي وتزايد عدد السكان الذي يقدر ب15 مليون نسمة، إضافة إلى التعديلات على قوانين الاستثمار العقاري أخيراً. يذكر أن نحو 60 في المئة من الاستثمار الأجنبي للعقارات يأتي من الشرق الأوسط، و20 في المئة من المستثمرين من أوروبا والولايات المتحدة. وتطرق التقرير إلى النجاحات التي حققتها دول المنطقة على هذا الصعيد، إذ ساهم النمو المتواصل في الوصول إلى مستوى رفيع من المنافسة، بينما تفوقت دولة الإمارات على صعيد إيجاد مناخ الأعمال المستقر والمتنامي وتعزيز جاذبية الدولة للاستثمار ورفع قدرتها على المنافسة عالمياً. ومع استمرار ارتفاع الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، استطاعت إمارة دبي أن تكون ضمن أفضل 25 وجهة للاستثمار العقاري في العالم، وذلك وفقاً لتقرير أصدرته «الفايننشال تايمز» أخيراً، على مستوى السكن أو الاستثمار. وتشير وتيرة النشاط الاستثماري لدى أبو ظبي إلى أنها باتت أقرب ما يكون إلى التحول إلى أهم وجهة عالمية للسياحة الترفيهية والثقافية والرياضية، وخصوصاً نتيجة المشاريع التي قيد الإنشاء في جزيرة السعديات والتي ستكون أهم الوجهات السياحية والثقافية بافتتاح متحف اللوفر عام 2015». وشدد التقرير على «أهمية الحفاظ على الميزات التنافسية لدول المنطقة ومدنها، إذ أنها من أبرز القواعد لتنويع مصادر الدخل وديمومة مشاريع التنمية، وعلى ضرورة وجود أنظمة استثمارية واضحة تشكل عنصراً رئيساً لقدرة الدول على جذب الاستثمارات، وعلى رأسها تحسين مستويات الشفافية وإجراء تعديلات جوهرية على الأنظمة الضريبية، كما سيكون لتبني برامج وخطط إصلاحية للنظم الاقتصادية والمالية والمصرفية أهمية في تعزيز القدرات الاستثمارية لدى دول المنطقة وقدرتها على المنافسة».