لا يختلف اثنان على أن الاتحاد السعودي لكرة القدم يعرف ارتباكاً لم يسبق له مثيل منذ بدء العام الحالي، وحتى الآن؛ ما جعل الاتحاد، بإدارته وأمانته ولجانه، هدفاً لسهام النقد من أشخاص حاول بعضهم النيل من مسؤوليه، بينما حاول بعضهم الآخر تقويم ومعالجة الأخطاء الفادحة التي من شأنها عرقلة مجهودات التطوير في هذا الجهاز، وحقيقة ما يحدث يثير تساؤلات كثيرة، من أهمها كيفية صناعة القرار في الاتحاد وآلية تنفيذه، فضلاً عن أثر التغييرات التي تمت في هيكلته خلال الشهور الماضية ودورها في تردي الوضع. ولو سألت أحد العاملين في اتحاد كرة القدم عن توالي الأخطاء بطريقة لافتة لقال لك: عن أي أخطاء تتحدث؟ لأن غالبية موظفي هذا الجهاز لا يرون أن هناك أخطاء تستحق الاكتراث، وهذه كارثة في حد ذاتها. وإحقاقاً للحق هناك أخطاء لا تليق باتحاد كرة القدم، ولا بتاريخه، وهي كثيرة قياساً بالفترة التي ارتكبت خلالها، وبالأمس تم إعلان قائمة لاعبي المنتخب بغياب ياسر القحطاني قبل أن يعتذر الاتحاد ويضمه مؤكداً أن الأسماء المعلنة كانت تخص أوامر الإركاب!! فبدلاً من أن يعلن المدرب فرانك ريكارد التشكيلة يتم إرسال نسخة من أوامر الإركاب إلى مكتب الرئيس العام لرعاية الشباب لاعتمادها ثم إعلان أسماء الحاصلين على تذاكر ذهاب وإياب، وليس قائمة لاعبي المنتخب. هل يرضي هذا المسؤول الأول عن الرياضة؟ أيضاً تتم إعادة هيكلة لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم واستدعاء أعضاء لا يعلمون عن انضمامهم إلى اللجان إلا من خلال الصحف، وفي المقابل يستبعد أعضاء آخرون ولا يعلمون عن مصيرهم إلا من خلال الوسيلة ذاتها، كذلك تتم الموافقة على طلب نادي الوحدة بالاحتكام إلى المحكمة الرياضية، وفي مقر المحكمة ينفي المحامون موافقة الاتحاد على الذهاب إلى المحكمة، قبل أن يقرر المسؤولون في اتحاد كرة القدم الاحتكام إلى الاتحاد الدولي، وهم يعلمون أن لا محكمة في «الفيفا»!! أيضاً يتم إصدار قرار باعتبار الشباب خاسراً أمام الأهلي عقب خطاب صادر عن أمانة اتحاد كرة القدم يمنح الشباب حق إشراك لاعبه الموقوف في المباراة، إضافة إلى قضية لاعب التعاون بدر الخميس و«المهزلة» التي رافقتها، وتعمد اللجان معاقبة رؤساء الأندية بالاسم مقابل تحويل العقوبة إلى إدارة النادي في القضية التي تخص رؤساء الهلال والأهلي والنصر، وكثير من الأخطاء الجسيمة التي لا يتسع المجال لحصرها. ومع احترامي الشديد للاتحاد السعودي رئيساً وأعضاء وموظفين، إلا أن هذا الكم من الأخطاء لا يمكن أن يبعث على التفاؤل بل إنه دليل على تعثر صناعة القرار الجيد وغياب الآلية الفاعلة في تطبيق القرارات! ليس الهدف من السطور السابقة إحصاء هفوات الاتحاد السعودي والنيل من قدرات المسؤولين عنه، فما يهمنا في النهاية أن نبعث برسالة واضحة إلى مَن يهمه الأمر مفادها أن الأوضاع لا تسير بصورة حسنة، وأن كرة القدم السعودية ستواصل تراجعها دون أن تجد مَن يوقف حال التدهور التي تعيشها. نحن على أعتاب تصفيات كأس العالم، وهي مرحلة حاسمة في مسيرة كرة القدم السعودية، ومجرد إخفاق المنتخب في بلوغ نهائيات مونديال 2014 من شأنه أن يدق المسمار الأخير في نعش الكرة السعودية؛ لذلك نأمل من المسؤولين في اتحاد كرة القدم «التنازل»، ولو مؤقتاً، عن البيروقراطية و«البريستيج»، وأن يمنحوا مدرب المنتخب صلاحياته كاملة، وأن يتركوا له مهمة إعلان برنامج التحضيرات وقائمة لاعبي المنتخب، بدلاً من أن تعلنها «الخطوط السعودية»؛ بناءً على أوامر الإركاب، نتمنى منهم إيقاف مسلسل الأخطاء من خلال إبعاد المتسببين فيها، نتمنى منهم خلق أجواء إيجابية في الوسط الرياضي ومعالجة حال الاحتقان التي خلقتها بعض القرارات. ما نتمناه أن يفتح مسؤولو اتحاد الكرة صفحة جديدة مع الوسط الرياضي بأن يجروا تحقيقاً في كل تلك الأخطاء والهفوات، وأن يمارسوا رقابة ذاتية على عملهم قبل أن يخسروا احترامهم أمام الجميع. [email protected]